تطرح مرحلتها الأولى اليوم للمستفيدين... مدينة رفح الجديدة" درة تاج التنمية" على حدود مصر الشرقية بشمال سيناء ( صور)    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    إزالة إشغالات وحالات بناء مخالفة في دمياط الجديدة    غير مستقر.. سعر الدولار الآن بالبنوك بعد ارتفاعه المفاجئ    محافظ القليوبية يتفقد أعمال النظافة بمدينتي الخصوص وأحياء شرق وغرب شبرا الخيمة    خبير اقتصادي: الدولة نفذت 994 مشروعا تنمويا في سيناء بنحو التريليون جنيه    وزير التنمية المحلية يتابع مع وفد البنك الدولى الموقف التنفيذي لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    بعد مغادرة قادتها لتركيا.. حقيقة غلق مكتب حماس في قطر    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    إمام عاشور وديانج بقائمة الأهلي أمام مازيمبي بفرمان كولر    أنطوي: أطمح للفوز على الزمالك والتتويج بالكونفدرالية    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    عودة ثنائي الإسماعيلي أمام الأهلي في الدوري    «الجيزة» تزيل تعديات وإشغالات الطريق العام بشوارع ربيع الجيزي والمحطة والميدان (صور)    السيطرة على حريق نشب أمام ديوان عام محافظة بني سويف    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    بالصور .. بدء طباعة وتظريف امتحانات الترم الثاني 2024    نقابة الموسيقيين تنعي مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    نجوم الفن يشاركون في تكريم اسم الفنان أشرف عبدالغفور بالمسرح القومي    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    رئيس المنصورة: أتمنى أن يحظى الفريق بدعم كبير.. ونأمل في الصعود للممتاز    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر والسيسي بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الباز يكتب : خلف خطوط المشير السيسى السيسى
نشر في الفجر يوم 02 - 03 - 2014


من الإطاحة برئيس وزراء.. إلى خطة التجلى الأخير

كان المشهد السياسى يحبس أنفاسه انتظارا للحظة التى يعلن فيها المشير عبد الفتاح السيسى ترشحه للانتخابات الرئاسية، إعلان يخرج منه هو شخصيا، ولا يعتمد على التسريبات التى يتعمدها البعض لإرباك الحسابات ولخبطة أوراق المنافسين الذين يؤجلون ترتيب أوراقهم بشكل نهائى لمعرفة موقف المرشح الذى يتعامل معه المصريون على أنه الرئيس القادم، وأن عملية تتويجه عملية وقت وليس أكثر. لكن مرت الأيام دون أن يحدث شىء من ذلك.

كان المشهد السياسى ينتظر إعلان الحكومة استقالتها تمهيدا لخروج السيسى منها، حتى يتفرغ لإعلان ترشحه للرئاسة وهو مواطن مصرى وليس وزيرا للدفاع، وكان الموعد المحدد لذلك هو 4 مارس المقبل، لكن الحكومة أعلنت استقالتها فى مفاجأة كاملة الأركان.. - المفاجأة لم تكن للإعلاميين ولا الصحفيين ولا محترفى النميمة السياسية، ولكن للوزراء أنفسهم – وتم الإعلان عن بقاء السيسى وزيرا للدفاع ليس لتسيير شئون وزارة الدفاع فقط، ولكن فى الحكومة الجديدة، وهو إعلان تجاوز الأعراف السياسية، فالمفروض أن رئيس الحكومة الجديدة أيا كان اسمه هو من يعلن ذلك.

لكن كان هناك ما استدعى إبعاد حكومة الببلاوى عن المشهد.. ولو كان بالبتر.

لقد ظل كل ما يأتى من ناحية المشير السيسى مثيرا للإعجاب لشهور طويلة، لدرجة أن أى قرار يصدره حتى لو كان طبيعيا وعاديا ومن صميم عمله نتعامل معه على أنه إنجاز وإعجاز فى حد ذاته، لكن فى الأسابيع الأخيرة أصبح ما يأتى من ناحيته مثيرا للقلق والغموض، وفى حالات كثيرة داعيا للاستياء.. فلا أحد يعرف حقيقة ما يجرى، ولا أحد يستطيع أن يحسم الحق فيما يقال من الباطل.. وكأنه مقصود أن ندخل فى حالة من التيه العظيم التى لن تفيد أحدا على الإطلاق.

أعرف أن المشير السيسى قضى سنوات طويلة من عمره وهو رجل معلومات من الطراز الأول، ولابد أن طبيعته المخابراتية ووجهه الذى يعرفه أساتذة الطب النفسى بوجه لاعب البوكر، الذى لا تستطيع أن تعرف على وجه الدقة ما الذى يخفيه خلف ملامحه، يؤثران كثيرا على سير الأحداث فى مصر الآن، لكننى أعتقد أن الأمر أصبح مبالغا فيه إلى درجة كبيرة.

قد يكون من المناسب هنا ألا نستسلم لهذه الحالة التى يصر من يحيطون بالمشير السيسى – الأمر يحظى برعايته ما فى ذلك شك – إدخالنا فيها رغما عنا، فلدينا ما يمكن أن نقوله، على الأقل من أجل أن نفهم طبيعة ما جرى، وأبعاد ما سيجرى، رغم أنى أدرك جيدا أن المحاولة يمكن أن تطيش، لأنه لا شىء ثابت، ولا شىء حقيقى حتى الآن.

لن أطلب منك أن تتحملنى كثيرا فيما سأكتب.. لكن فقط تحلى بالصبر، فمن يدرى.. لعلنا نستطيع أن نفهم فى النهاية.


1 - عملية إذلال الببلاوى فى قصر الاتحادية

لم يكن الدكتور حازم الببلاوى يتوقع فى أسوأ كوابيسه أن ينتهى هذه النهاية، كان يعتقد أن الدور الذى قام به بعد ثورة 30 يونيو، سيؤهله لأن يظل أطول فترة ممكنة فى المنصب.

لا أتحدث عن عبقريته الاقتصادية ولا إنجازاته الإدارية ولا أفكاره الاستراتيجية، ولكننى أتحدث تحديدا عن تصديه للدور الأهم فى حمل كل أوزار تنظيف مصر من الإخوان المسلمين، فهو الذى يتحمل مسئولية فض اعتصام رابعة والنهضة رغم مراوغته فى ذلك، فالرجل هو رئيس الوزراء المسئول، وهو الذى يتحمل مسئولية إنهاك جماعة الإخوان المسلمين والوصول بها إلى مرحلة الإجهاض التام، رغم تأخره الشديد فى إعلانها جماعة إرهابية، وهو ما يجعله من زاوية محددة بطلاً قومياً استطاع أن يخلص مصر من أسوأ ما فيها، لكنه من زاوية أخرى يضع رقبته تحت المقصلة، فهو حتما مستهدف من إرهابيى الجماعة الذين يريدون الانتقام منه بشكل شخصى، ولذلك كان يعتقد أنه باق مع نظام 30 يونيو حتى يطلب هو أن يرحل.

يوم الأحد الماضى توجه الببلاوى إلى قصر الاتحادية مرتين، كان يعتقد أن الرئيس المؤقت عدلى منصور سيناقش معه بعض الملفات الداخلية، ويراجع معه ملفات زيارته إلى نيجيريا التى كان سيقوم بها يوم الأربعاء، لكن المفاجأة أن منصور طلب من الببلاوى أن يتقدم باستقالة الحكومة.

من يعرفون الرئيس عدلى منصور جيدا يؤكدون أن الرجل هادئ جدا، لا يمكن أن يفقد أعصابه بسهولة، ولا يمكن أن يتعامل بعصبية مع أحد، مهما كانت الأزمة التى تحيط به، لكنه كان حادا إلى درجة ما وهو يتحدث مع الدكتور الببلاوى، الذى أبدى استياء من طلب الرئيس منه أن يتقدم باستقالته، وهو ما اضطر عدلى منصور أن يقول له، إننا لا نريد أن ننهى الأمر بصورة لا تليق، ويكفى أن تتقدم باستقالتك، بدلا من أن يصدر قرار بإقالة الحكومة.

عندما تحدث الببلاوى فى المؤتمر الصحفى الذى أعلن من خلاله استقالة حكومته، كان يعانى من مرارة بالغة.. لقد أحس أن ما حدث معه خيانة، وهو ما دفعه إلى الاعتذار عن السفر إلى نيجيريا، رغم أن سفره لها كان مهما، وكان نبيل فهمى وزير الخارجية قد سبقه إلى هناك، فلو أن الأمور سارت بشكل طبيعى لكان الببلاوى سافر فى إطار تسييره لأمور الحكومة لحين تشكيل الحكومة الجديدة، لكنه لم يفعل.

لقد كان أداء الببلاوى مستفزا منذ شهور، وكان الصبر عليه من باب أن الرجل تصدى لمهمة وطنية، وأن إزالة آثار الإخوان استغرق منه وقتا طويلا، لكن فى النهاية أدت تراكمات الغضب عليه إلى الإطاحة به من الحكومة دون اعتبار لشىء.

الغضب على الببلاوى لم يكن من عدلى منصور، فالرجل رغم تورطه بشكل كامل إلا أن غضبه فى الغالب يأتى بالإيحاء، الغضب كان من الفريق السيسى، والأسباب لم تكن إدارية فقط، ففشل الببلاوى فى احتواء الأزمات الأخيرة وتحديدا إضرابات المحلة والنقل العام والأطباء والصيادلة وغيرها، لم يأت لأن الأمر أكبر من قدراته، ولكن لأنه لم يكن يلتفت للتقارير والنصائح التى كان يتلقاها من جهات عديدة.

الببلاوى من ناحية ما كان يعتقد أنه الأهم والأذكى والأكثر عبقرية، والذى يستطيع أن يحل كل المشكلات دون حاجة للآخرين، وهو ما جعله يتجاهل هؤلاء الآخرين كثيرا.. وربما تحرك السيسى فى هذا التوقيت تحديدا لإقالة الببلاوى، لأنه أصبح يشكل خطرا كبيرا على تجربته القادمة.

لقد جاء الرجل لمهمة محددة، ووافق هو عليها لأن هذه كانت فرصته الأخيرة ليكون رئيسا للوزراء، لم أقابل أحدا مقتنعا به على الإطلاق، وما زلت أذكر السياسى الكبير الذى قال فى إحدى جلساته أن الببلاوى لا يصلح رئيسا للوزارة، ولكنه أقرب إلى كونه مفكرا، ولما عاتبه الببلاوى على رأيه، قال له السياسى الكبير: ولا تنفع تكون مفكر كمان.


2 - مصير الببلاوى بعد الخروج من الحكومة.. صرف النظر عن تكريمه وتهديدات باغتياله

قبل شهور كان هناك تصور لدى الرئيس عدلى منصور، يقوم على إجراء بعض التعديلات على الحكومة، كانت مهمة فض رابعة والنهضة انتهت تماما، وكان هناك اتجاه للاهتمام بالملفات الاقتصادية، ورغم أن الببلاوى رجل اقتصاد فى النهاية إلا أنه لم يكن مؤهلا للقيام بدور إيجابى.. فالشرايين تصلبت تماما.. ولم تكن هناك مساحة للتفاهم.

كانت الفكرة التى تم تداولها فى رئاسة الجمهورية وقتها أن يظل الدكتور حازم الببلاوى فى منصبه كرئيس للوزراء، لكن يتم تصعيد المهندس إبراهيم محلب إلى منصب نائب رئيس الوزراء للخدمات، مع الإبقاء على زياد بهاء الدين وحسام عيسى وعبد الفتاح السيسى كنواب لرئيس الوزراء، لكن كان هناك تصور آخر أكثر واقعية، وهو تصعيد الدكتور الببلاوى إلى منصب مساعد الرئيس كنوع من التكريم، وإسناد الحكومة إلى الدكتور إبراهيم محلب، مع الإبقاء على زياد بهاء الدين وحسام عيسى.

هذا التصور تم إجهاضه تماما، ورغم أن التسريبات التى حاصرت الحكومة وقتها كانت صحيحة، إلا أن الببلاوى ورفاقه فى مجلس الوزراء وقفوا وراء تعطيل أى تحرك للرئيس، بل إنهم وقفوا أمام تصور آخر وهو تشكيل حكومة حرب، على اعتبار أن مصر دخلت حزام حرب فعلية مع الإرهاب بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، لكن هذا الاقتراح تم تجاوزه، رغم أن السيسى شخصيا كان سيقوم بتشكيلها ورئاستها.

الآن وبعد حالة الإذلال التى مر بها الببلاوى فى قصر الرئاسة، وبعد الطريقة التى خرج بها من منصبه، أعتقد أنه من الصعب أن يكون أى تكريم للرجل من أى نوع، خاصة أن مناقشة دارت فى قصر الرئاسة منذ أيام مع الرئيس عدلى منصور بخصوص الببلاوى، وهل يمكن تعيينه مساعدا للرئيس أو على الأقل مستشارا، إلا أن منصور أكد أنه لا يميل إلى المناصب التى لا يكون لأصحابها اختصاص محدد، فليس معقولا أن يكون الببلاوى إلى جواره مساعداً أو مستشاراً وهو لا يعمل شيئا بعينه.

الأقرب أن الببلاوى سيرتدى البيجامة وسيجلس فى بيته – قد يجرب حظه مرة أخرى فى كتابة مذكراته عن شهور فى الوزارة، لكن الأغلب أيضا أنه سيحتاط لنفسه جيدا، لأنه يعرف جيدا أنه سيكون مهددا بالاغتيال، فالإخوان المسلمون لن ينسوا ثأرهم عنده، ليس لفض رابعة فقط، ولكن لأنه كان صاحب قرار إعلان الجماعة كجماعة إرهابية، صحيح أنه لم يعلن القرار بنفسه – فعل ذلك الدكتور حسام عيسى - إلا أنه فى النهاية كان من وقع على القرار.


3 - لماذا انحاز السيسى إلى إبراهيم محلب....ولم يرأس الحكومة بنفسه ؟

كان السؤال الأكثر إلحاحا لدى فئات كثيرة هو: لماذا لم يقم السيسى بنفسه بتشكيل الحكومة؟

فى أوقات الأزمات الطاحنة يتصدى القادة الكبار إلى هذه المهمة، وكان الأولى به بعد إزاحة الببلاوى عن المنصب، أن يتقدم هو ويعلن أنه سيضع على عاتقه مهمة تسيير أمور البلاد من خلال حكومة يختارها بنفسه، لكنه لم يفعل ذلك ودفع بإبراهيم محلب، لأن التجارب أثبتت أنه يثق فيه ويقدره ويتأكد من قدراته الإدارية.

لقد حرص السيسى منذ البداية على أن يظهر فى الصورة بصفته وزيرا للدفاع ونائبا لرئيس الوزراء فقط، رغم أنه فعليا كان مسئولا عن ملفات كثيرة، وكان كثير من الوزراء يلجأون إليه عندما تغلق فى وجوههم كل الأبواب، ولا زال يواصل الرجل هذا الحرص، رغم أنه فعليا اللاعب الأول والأساسى فى كل الملفات – حتى لو ادعى من يدعى وصلا به أنه لا يفعل ذلك – وهو ما جعله يدفع بأحد رجاله المقربين إلى صدارة المشهد ثقة منه فى أنه سينجح فى مهمته.

إن إبراهيم محلب لم يكن رئيسا لحكومة تسيير أعمال كما اعتقد البعض، بل سيكون رئيسا لحكومة تستمر إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية، وهو ما يعنى أن السيسى اختار أول رئيس حكومة فى عهده، ولن يكون بعيدا أنه فى حالة نجاح الرجل أن يستمر معه طوال فترته الرئاسية الأولى، فمحلب بناء كبير، ومصر فى حاجة إلى بنائين عظام. لقد دخل إبراهيم محلب وزارة الببلاوى بعد أن اعتذر عنها الدكتور محمد فتحى البرادعى الذى كان وزيرا للإسكان خلال الفترة التى تولى فيها المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد، قال البرادعى وقتها إنه لا يمكن أن يعمل مع الببلاوى مرة أخرى، فقد كان شاهدا على أداء الببلاوى خلال حكومة عصام شرف، وكان لا يثق فيه كثيرا. . البرادعى رشح وقتها إبراهيم محلب، لأنه يثق فيه، فالمعرفة بينهما قديمة جدا، منذ أن كانا طالبين فى الجامعة، وكانا يتقابلان كل يوم جمعة بعد الصلاة ليقرآ مقال هيكل بصراحة فى الأهرام، ثم يأخذهما نقاش طويل حول ما كتبه هيكل.

إبراهيم محلب يجيد اللغة الفرنسية بطلاقة، ولا ينام إلا أربع ساعات يوميا، وقد أضافت له تجربة الوزارة خلال الشهور الماضية الحس السياسى، وحساسية التعامل مع الملفات السياسية إلى جوار الملفات الأمنية، ثم إنه أنجز بالفعل ما يمكن أن يعتبره السيسى مؤهلا له ليكون رجله الأول فى المرحلة القادمة.


4 - سر تأخر إعلان السيسى الترشح للرئاسة عند اللواء عباس كامل

دون أن يقصد – رغم أننى لا أعتقد أنه يفعل شيئا دون أن يقصده – حدد السيسى رجله الأول – إبراهيم محلب - فى الحكومة، لكن هناك بالفعل رجلاً آخر أكثر أهمية وخطورة يقف خلف السيسى دائما، هو اللواء عباس كامل مدير مكتبه فى وزارة الدفاع، والذى كان مديرا لمكتبه أيضا وهو مديرا للمخابرات الحربية، ورافقه خلال رحلة صعوده فى المؤسسة العسكرية.

كانت المرة الأولى التى أطل فيها اللواء عباس كامل على متابعى السيسى، عندما تسربت أجزاء من حواره مع ياسر رزق، وهو الحوار الذى نشر فى المصرى اليوم، كان ياسر يسأله عن أعداد القتلى خلال فض اعتصام رابعة، فقال: اسألوا عباس.

بدأت رحلة البحث عن اللواء عباس الذى يحتل مكانا ومكانة كبيرة لدى السيسى، هناك من يرى أنه عقله الذى يفكر به، وهناك من يؤكد أنه صاحب قدرات تنظيمية عالية جدا، وهو ما يساعد السيسى فى إنجاز الكثير من الأعمال دون عناء، وهناك من يشير إلى أن اللواء عباس كامل هو البوابة الذهبية إلى المشير السيسي، فلا شىء ولا أحد يمكن أن يعبر إلى السيسى دون أن يمر من عليه، ودون أن يقول هو كلمة نهائية وأخيرة فيه.

فى لحظة معينة عندما تردد أن المشير السيسى لم يحسم أمره وأنه لا يزال مترددا فى أمر ترشحه، كان اللواء عباس كامل هو صاحب الدور الأكبر فى إقناعه بضرورة أن يرشح نفسه للرئاسة، ويومها بذل جهودا كبيرا فى وضع كل الاحتمالات أمام المشير السيسى.. وأغلب الظن أنه نجح فى إقناعه فيما عجز كثيرون عن إقناعه به.

قد تكون هناك مجموعات عمل كثيرة دخلت ضمن فريق السيسى الرئاسى، لكنها فى النهاية مجموعات تعمل تحت إشراف اللواء عباس كامل الذى يتابع وينسق بين الجميع فى حالة من البساطة المتناهية، لقد كانت هناك مشكلة أن كثيرين يدعون أنهم فى فريق السيسى الرئاسى وأنهم يشرفون على وضع برنامجه، وهناك من فكر فى إصدار بيان بنفى علاقة هؤلاء بحملة السيسى، لكن اللواء عباس رأى أنه ليس من المنطقى صدور بيان بنفى علاقة أحد مهما كان قدره بالمشير، بل من يدعى أنه يعمل فى الفريق الرئاسى أو يساهم فى كتابة البرنامج أن يثبت هو ذلك.

بقيت فكرة أعتقد أنها كانت دقيقة جدا، وهى تأخر إعلان المشير السيسى ترشحه للرئاسة، القرار على الأرض فعليا أنه سيعلن ترشحه لكن ذلك سيكون بعد صدور قانون الانتخابات، فهناك رغبة فى تقليل الفترة التى تفصل بين السيسى وزيرا للدفاع والسيسى مرشحا رئاسيا، فهذا يقلل الاحتكاك بينه وبين القوى السياسية والمرشحين السياسيين والإعلام داخل مصر وخارجها، إنها محاولة لتخفيف الضغط عليه، وهى فكرة التقطها اللواء عباس كامل، ويتابع تنفيذها بدقة متناهية.

المعلومات عن اللواء عباس كامل ليست كثيرة حتى الآن على الأقل، لكن المساحة التى سوف يشغلها خلال الفترة القادمة ستجعله تحت الأضواء، وهو قدره الذى لا مفر منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.