بعد النتيجة الإيجابية الساحقة التي حققها الاستفتاء على دستور مصر بالحصول على موافقة 98.1٪ من المصوتين عليه يتوقع رئيس لجنة الخمسين المصرية عمرو موسى، أن يُصدر الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، قراره النهائي فيما يتعلق بترتيب الاستحقاقات الانتخابية التالية للاستفتاء قريباً معرباً عن تفاؤله بمستقبل بلاده مؤكدًا أن ترشح القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح السيسي بات «سيناريو محسوم» الآن، وأنه سوف يقوم بإعلان برنامج انتخابي فور قيامه بإعلان قرار الترشح النهائي. ويرى موسى أن البرلمان المقبل لن يكون فيه أغلبية لأحد. وتطرق موسى في حواره لجريدة" البيان" الاماراتية إلى الملفات المصرية الساخنة أهمها علاقة الرئاسة والجيش والاستحقاقات المقبلة فإلى نص الحوار.
بداية، كيف ترى مستقبل مصر عقب نجاح الشعب في إقرار الدستور مؤخرًا؟
أنا متفائل جدًا؛ لأنه برغم كل ما حدث طيلة العام الماضي، إلا أن مصر لم تنهار، ومن ثمَّ أعتقد أن المستقبل المصري مشرق.
لكن تفاؤلك ذلك يعتقد البعض أنه ليس في محله، خاصة أن هناك معركة لم تنته بعد وهي الحرب على الإرهاب ؟
عندما قلنا أننا سوف نؤسس لجنة لصياغة تعديلات دستورية نجحنا في تأسيسها، ثم نجحنا بعد ذلك في صياغة التعديلات، ثم نجاح الاستفتاء، وبعد ذلك سوف تُجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في المواعيد المقررة بخريطة الطريق، كل ذلك حدث ويحدث في ظل الوضع الحالي.. في النهاية رغم كل شيء فإن «البلد ماشية» ولا يوقفها شيء من هذا القبيل.
ذكرى ثورة يناير
ظهرت دعوات «إخوانية» للتظاهر في الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير.. ما رأيك؟
لا يصح أن نقلل من أهمية أي شيء خاصة موجة العنف التي تسود البلاد الآن، ولابد أن نكون جاهزين؛ لمواجهة أية فوضى في مصر، إنما نقبل لا شك التعبير السلمي عن الآراء والمعارضة، لأن المعارضة هي جزء أساسي من أي نظام ديمقراطي، لكننا لا نقبل أبدًا العنف والفوضى.
بعض القوى والفصائل الشبابية الثورية تُحاول جماعة الإخوان استقطابها لدعمها في تظاهرات 25 يناير، كيف ترى المشهد؟
أقول لهم: «فلتكن ذكرى ثورة 25 يناير يوم احتفال، وليس يوم دماء».
عدالة انتقالية
البعض يرفض «الاحتفال» خاصة أن حقوق ضحايا الثورة لم تأت بعد، ولم يُدان الجاني
سوف يعود حق الضحايا فلنحتفل ونطالب أيضًا بحق هؤلاء فالمسألة لم تنته بعد، فهناك «عدالة انتقالية»، وهناك برلمان قادم سوف يصدر تشريعات تتعلق بهذا الأمر، ومن ثمّ يجب أن نحسن اختيار النواب، ويجب أن نُحسن اختيار رئيس الجمهورية، لأن هناك العديد من الملفات المُهمة المقبلة التي تقع على كاهله.
وعقب ما آلت إليه ثورة يناير من أمورٍ وتطورات عديدة.. ألا زلت مؤمنًا بها حتى الآن؟
نعم، أؤمن بثورة 25 يناير مُستكملة بثورة 30 يونيو.
وماذا عن دور جبهة الإنقاذ الوطني الآن، والتي أنت قيادي فيها؟
الجبهة ليس لها ضرورة الآن، هي كانت جبهة لإنقاذ مصر من حكم ضعيف وغير ناجح، وبالتالي فهي اليوم مجرد تجمع لعدد من الأحزاب، وربما يصدر عنها أو ينتهي الأمر بها إلى تحالفات انتخابية مثلاً.
الانتخابات الرئاسية
لا يزال موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية غامضاً حتى الآن ما رأيك؟
أعتقد أنه سوف يُعلن عن ذلك في غضون يومين أو ثلاثة كما أنه سواء كانت الانتخابات البرلمانية أم الرئاسية أولاً، فهذا لا يهم على الإطلاق، لأن المحصلة في النهاية هي استكمال خريطة الطريق.
هل تعتقد أن مصر بحاجة إلى رئيس «توافقي»؟
الأمر ليس بالتوافق، لكنه ب«الانتخاب»، فمن يفوز ب51 في المئة من أصوات الناخبين هو من يكون رئيس مصر المقبل، وهي أبسط قواعد الديمقراطية.. الديمقراطية هي أن يتم فتح الباب للجميع للترشح والانتخاب، والشعب يختار.
ترشح السيسي
هل تعتقد أن السيسي سوف يترشح استجابة لمطالب قطاع عريض من المصريين؟
أعتقد أن القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول عبدالفتاح السيسي سوف يُلبي النداء.. أرجح ترشحه، وأثق في أن ذلك السيناريو سوف يتحقق.
وهل تعتقد أن لدى السيسي «برنامج انتخابي»؟
لابد من وجود برنامج، وأنا افترض أن هناك بالفعل برنامجًا سوف يتقدم به السيسي حال تقدمه للترشح، فالمسألة ليست مسألة اسم فقط، والبرنامج مفترض أن يوضح فيه آليات لحل المشكلات المصرية.. كل ما في الأمر أن المصريين وجدوا شخصية مقدامة، فأيَّدوه.
البعض كان له تعليقات وتحفظات على وجود رئيس ذي خلفية عسكرية، هل تعتقد أن تلك التحفظات في محلها؟
هو مثل أي رئيس له خلفية، سواء كانت قانونية أم دبلوماسية أم غير ذلك.. السيسي له تجربة وتاريخ.. وبشكل عام فإن الدستور به خُطة فيما يتعلق بالتعليم والصحة وغيره، وبالتالي فإن أي برنامج انتخابي وأي رئيس سوف يأخذ في اعتباره تكليفات الدستور وتوجهاته.
علاقة تناغم
وكيف ترى مستقبل المؤسسة العسكرية، والعلاقة بينها وبين مؤسسة الرئاسة حال ترشح السيسي وفوزه برئاسة مصر؟
المؤسسة العسكرية سوف يكون لها قائد جديد، وأعتقد أنه من الضروري أن مستلزمات «الزمالة» التي تجمع بين ذلك القائد والفريق السيسي سوف تجعل العلاقة بين الطرفين علاقة بها تناغم.
هل يُمكن أن يتحول ذلك التناغم إلى «تداخل»؟
لن يحدث تداخل أبدًا، والدستور يُقر صلاحيات ومهام كل مؤسسة..
تطبيق الدستور على الأرض هل سيتم بشكل واضح، خاصة أن هناك من يزعم أن المواد الدستورية والقانونية تظل «حبرًا على ورق»، مثلاً الإشكالية التي دارت حول قانون التظاهر؟
هذا كله كان قبل إقرار الدستور الجديد.. كل ما كان قبل الدستور شيء وما بعده شيء آخر، وهناك برلمان مُقبل له الحق في أن ينظر في كل القوانين الحالية.
هل أنت راضٍ عن نسبة المشاركة في استفتاء الدستور؟
التصويت في الدستور الحالي أكبر من الأصوات المشاركة في استفتاء 2011، واستفتاء 2012 أيضًا، ولكنني كنت أتمنى أن يكون العدد أكبر، لكني «مرتاح» للأرقام النهائية التي تحدثت عنها اللجنة العليا للانتخابات.
لكن هناك تعليقات وملاحظات حول نسب مشاركة الشباب في الاستفتاء..
هذه الأمور تتعلق بتقييمات وتقديرات تتم بطريقة أخرى، لكن واضح أن المرأة كان وجودها كبيرًا، كذلك الشباب وكبار السن.
العلاقات الخارجية
وكيف تقرأ الموقف الأميركي الآن من التطورات التي تشهدها مصر؟
في ظرف شهور سوف يرى العالم مشهدًا مشابهًا للاستفتاء في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ويتكرر المشهد الذي رسمه المصريون في استفتاء الدستور.. وهذا كله سوف يكون رسالة موجهة للعالم أجمع.. الموقف الأميركي لا يزال عليه الكثير من الملاحظات ونختلف معه.
الانتخابات البرلمانية
وفيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية المقبلة، كيف ترى شكل البرلمان المقبل؟
أعتقد أن البرلمان المقبل لن يكون فيه أغلبية لأحد، ولابد أن تكون الأحزاب المصرية قد استعدت جيدًا للمنافسة.
الأزمة السورية
استبعد عمرو موسى إمكانية حدوث حل سياسي من بوابة مؤتمر «جنيف» قائلاً:« لا أعتقد ذلك، ولا أرى فرصة في ذلك، أعتقد أن الأمور في يد مجلس الأمن وليس جنيف 2، ومع ذلك أتمنى النجاح للمؤتمر بما ينفع سوريا».
وأضاف إن «مجلس الأمن هو الذي يستطيع أن يوقف إطلاق النار، ويأمر بانسحاب القوى الأجنبية، ويقرر وجود قوات حفظ السلام وقوات حفظ الأمن».
القضية الفلسطينية
يرى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية أن القضية الفلسطينية لها داعم أساسي، يدعم الحكومة والدولة الفلسطينية وهو مصر، إلا أن دورها الإقليمي تراجع على حد قوله. وقال إن القضية الفلسطينية هي قضية مصرية، وحقوق الشعب الفلسطيني يجب أن نهتم بها مضيفاً أنه بشكل عام يجب أن يكون هناك وحدة للشعب الفلسطيني، ولا يُمكن أن ننكر أن غياب مصر أثر سلبًا، وأيضًا انقسام الفلسطينيين.