ارتفاع صادرات الصين بنسبة 8% في أبريل    الخارجية الأمريكية: لا علاقة لصفقة المعادن بمفاوضات التسوية الأوكرانية    فرص تأهل منتخب مصر لربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب قبل مباراة تنزانيا اليوم    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    بيل جيتس ينوي إنفاق قسم كبير من ثروته على الأعمال الخيرية    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    بعد بيان الزمالك.. شوبير يثير الجدل برسالة غامضة    تويوتا كورولا كروس هايبرد 2026.. مُجددة بشبك أمامي جديد كليًا    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    مصر تنضم رسميًا إلى الاتحاد الدولي لجمعيات إلكترونيات السلامة الجوية IFATSEA    بجائزة 50 ألف جنيه.. محمد رمضان يعلن عن مسابقة جديدة لجمهوره (تفاصيل)    7 يونيو.. جورج وسوف يُحيي حفلًا غنائيًا في لبنان بمشاركة آدم    «الأسقفية الأنجليكانية» تهنئ الكنيسة الكاثوليكية بانتخاب بابا الفاتيكان    عهد جديد من النعمة والمحبة والرجاء.. الكنيسة الكاثوليكية بمصر تهنئ بابا الفاتيكان    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    بوتين وزيلينسكى يتطلعان لاستمرار التعاون البناء مع بابا الفاتيكان الجديد    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    كيم جونغ أون يشرف على تجربة صاروخية ويؤكد جاهزية السلاح النووي    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    مفاجأة بعيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الجمعة 9 مايو 2025    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    الأهلي يتفق مع جوميز مقابل 150 ألف دولار.. صحيفة سعودية تكشف    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    موعد مباراة بيراميدز ضد البنك الأهلي في الدوري    مؤتمر النحاس: نلعب مباراة كل 4 أيام عكس بعض الفرق.. ورسالة لجماهير الأهلي    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 9 مايو 2025    مستأجرو "الإيجار القديم": دفعنا "خلو" عند شراء الوحدات وبعضنا تحمل تكلفة البناء    موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الجمعة 9 مايو 2025    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    بنك القاهرة بعد حريق عقار وسط البلد: ممتلكات الفرع وبيانات العملاء آمنة    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    عاجل- مسؤول أمريكي: خطة ترامب لغزة قد تطيح بالأغلبية الحكومية لنتنياهو    المخرج رؤوف السيد: مضيت فيلم نجوم الساحل قبل نزول فيلم الحريفة لدور العرض    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير عسكرى واستراتيجى : الولايات المتحدة تودع الشرق الأوسط
نشر في الفجر يوم 21 - 12 - 2013

الخارجية الروسية والإيرانية نجحت فى الإطاحة بالنفوذ الأمريكى من المنطقة

تطبيع العلاقات المصرية الإيرانية من جانب.. والخليجية الإيرانية من جانب آخر بات ضرورة قصوى


فى خطوة جريئة بعد سنوات من التوتر بدأ وزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف جولة فى الخليج العربى مؤخرا بعد أيام من توقيع الإتفاق مع مجموعة 5+1 فى جنيف حول البرنامج النووى الإيرانى، وأكثر من ذلك خطورة حضور الجانب الإيرانى للقمة الإسلامية الإفريقية التى عقدت فى الكويت مؤخرا.
الفجرأجرت حوار خاص مع اللواء محمد الغباشى الخبير العسكرى والإستراتيجى وأمين الاعلام لحزب حماة مصر لكشف دلالات اتفاق جنيف حول البرنامج النووى الإيرانى وخبايا وأسرارجولة ظريف فى منطقة الخليج العربى ومدى انعكاسات ذلك على الموقف التفاوضى الإيرانى وما يترتب عليه من قدره إيران على التأثير فى ملف الأزمة السورية ومؤتمر جنيف 2 من جانب وبناء خريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط ذات شبكة جديدة من العلاقات والتوازنات قائمة على تحلل شبكة العلاقات والتوازنات القديمة وثيقة الصلة بالمحور السنى فى مقابل المثلث الشيعى من جانب ثانى وانعكاسات كل ذلك على النفوذ الروسى فى المنطقة وقدرته على تقويض النفوذ الأمريكى والتأثير سلبا على شبكة العلاقات الأمريكية من جانب ثالث والدور الذى يجب على مصر أن تلعبه فى إطار متغيرات الواقع الدولى من جانب رابع.



ما دلالة توقيع الإتفاق النووى الإيرانى بعد سنوات من الصراع؟


يدل هذا "أولا "على الصفعة الروسية الثالثة للولايات المتحدة بعد تقويض القدرة الأمريكية على توجيه الضربة العسكرية على سوريا ثم إرغام الإدارة الأمريكية على قبول المبادرة البولندية بالمباركة الروسية لتفكيك السلاح الكيميائى السورى وهذا يدل على عودة الدب الروسى لمكانته القديمة وإثبات قدرته على إحراز نجاحات متوالية تخصم من الرصيد الأمريكى وتعمل على تآكل نفوذه فى الشرق الاوسط ، ومن جانب آخر يدل على ضعف الإدارة الأمريكية وعدم قدرتها على مجابهة تغيرات الواقع الدولى وتقويض الأطراف الجديدة الفاعلة فى المجتمع الدولى التى أصبحت أقطابا قادرة على إدارة دفة السياسة العالمية وفقا لمصالحها فى عالم اتخذ النمط التعددى وعلى رأس هذه الأقطاب روسيا والصين.
"ثانيا" يدل أيضا على قوة الموقف الإيرانى وقدرته على فرض قراره على المجتمع الدولى وكذلك تفوق الدبلوماسية الإيرانية وتحسين السياق التفاوضى لصالحها
"ثالثا" يدل هذاعلى تفكك التوازنات الأمريكية القائمة على محور الهلال السنى مقابل محور المثلث الشيعى، حيث أن هذا الإتفاق تم فى إطار توتر العلاقات العربية الأمريكية مع مصر من جانب على خلفية ثورة 30 يونية والإطاحة بالأجندة الأمريكية فى المنطقة ومع الخليج، من جانب آخر على خلفية التراجع عن الضربة العسكرية على سوريا والتسامح الأمريكى مع الموقف الإيرانى الذى سبق الاتفاق.
"رابعا" تفكك العلاقات الأمريكية العربية السنية والشيعية من جانب والتقارب المصرى الروسى من جانب آخر وما يترتب على ذلك من تقارب خليجى روسى تنبثق خريطة جديدة للعلاقات الدولية هى مازالت قيد التشكيل ولكن نستطيع تلمس خطوطها الأولى ونلاحظ تلاشى القدرة الأمريكية على توجيه دفة الشرق الأوسط.



ما تقييمك للدبلوماسية الإيرانية فى الفترة الأخيرة خاصة بعد تولى الرئيس روحانى المحسوب على تيار الإعتدال؟


مبدئيا إيران دولة مؤسسات وهناك أجندة إيرانية وطنية قد تختلف الآليات ولكن تظل الثوابت الإيرانية كما هى وكان هناك اتصالات سرية إيرانية أمريكية بدأت منذ أشهر سبقت انتخاب الرئيس المعتدل ولكن إيران كانت بحاجة إلى تغيير الواجهة بعد التعنت الكبير الذى بدا عليه الرئيس السابق احمدى نجاد بالشكل الذى استنفز اغراضه وقد أثبتت الدبلوماسية الإيرانية قدرا كبيرا من المرونة والكفاءة.
والفريق التفاوضى الإيرانى قارئ جيد للواقع الدولى واستشعر الضعف الأمريكى والتقط اللحظة المناسبة التى تخدم أهدافه واستطاع أن يطوعها وبالتالى كان لابد من تصدير هذا الشكل المعتدل كنوع من المناورة حتى تساعد الولايات المتحدة على تغيير موقفها ولكن بالشكل الذى يحفظ كرامتها امام المجتمع الدولى ولكن الأمر لايعدو أكثر من التفاف مثل الذى فعلته الولايات المتحدة حين دفعت بالمرشح الإفريقى أوباما بعد الصورة الذهنية بالغة السوء التى تكونت عن الولايات المتحدة عقب سياسات بوش كرسالة للمجتمع الدولى والرأى العام الدولى أن هناك تغيير جذري حدث لدى الولايات المتحدة ثم اتضح أن كلهم جورج بوش وأن الدور الوحيد الذى كان منوطا بأوباما هو سمار بشرته.




هل تعتقد أن إيران ستلتزم بهذا الاتفاق أم هو مجرد مناورة ؟

اعتقد أن إيران كانت تحتاج إلى فترة هدنة تستعيد فيها عافيتها الاقتصادية التى تضررت كثيرا بسبب العقوبات التى فرضت عليها وتكتسب ثقة الأسرة الدولية لتحسين موقفها التفاوضى لتبدأ جولة تفاوضية جديدة وقد اكتسبت مركزا تفاوضيا أفضل حيث أن تخفيف العقوبات الاقتصادية سيسمح لها ببيع البترول بالسعر العالمى مما يمكنها من اعادة تشغيل المصانع الثقيلة لانتاج السيارات والسفن كابرز المكتسبات الاقتصادية يساعدها فى التعافى الاقتصادى الذى بدروه سيساعدها فى التعافى الدبلوماسى ولكن كما اسلفت فى الذكر هناك اجندة وطنية إيرانية وهناك ثوابت للدولة على رأسها البرنامج النووى وليس من المتصور أن تتخلى
إيران عنه ولكن هى تحتاج إلى هدنة.



هل للاتفاق النووى الإيرانى من انعكاسات على مؤتمر جنيف 2 المزمع انعقاده ؟

نعم وهناك تصريحات للخارجية الروسية بوجوب حضور إيران المؤتمر وأكثر من ذلك من المتصور أن تملى إيران شروطها على المفاوضات بما يخدم مصالحها وبما يعزز من موقف الرئيس بشار الأسد على الرغم من معارضة الإئتلاف السورى المعارض لحضور إيران وممثلين عن المعارضة السورية غير المنخرطة فى الإئتلاف علاوة على ذلك رفض الإئتلاف السورى المعارض حضور الحكومة السورية ولكن قوة الموقف الإيرانى الذى اكتسبته بعد توقيع الاتفاق النووى قد حسن كثيرا من موقفها التفاوضى ليس فقط على مستوى برنامجها النووى وإنما أيضا على مستوى الأزمة السورية مما يمكن الحكومة السورية من حضور المؤتمر.




ما هى انعكاسات ذلك الإتفاق على الموقف إزاء الأزمة السورية؟

انعكاسات إيجابية جدا حيث أن كل مساحة تكتسبها روسيا تخصم من الرصيد الأمريكى الذى هو فى تآكل يوما بعد يوم، اضافة إلى ذلك قوة الموقف الإيرانى كل ذلك سيكون له مردود ايجابى على موقف الرئيس بشار الأسد المدعوم من كل من روسيا وإيران، وبسبب قوتهما أصبحت الولايات المتحدة فى موقف تفاوضى اضعف وبالتالى هى غير قادرة على املاء شروطها على المؤتمر وبالتالى سيكون له مردود سلبى على المعارضة الممولة والمدعومة امريكيا واتصور أن روسيا وإيران قادرتان على إتاحة الفرصة للمعارضة السورية غير المنخرطة فى الإئتلاف فى الحضور على الرغم من رفض الأطراف المعارضة السورية الأخرى والأطراف الاقليمية والدولية وهى تركيا والولايات المتحدة.



ما هى التداعيات المحتملة لهذا الإتفاق على العلاقات الأمريكية الخليجية؟

يجب أن تدرس العلاقات الأمريكية الخليجية فى اطار توتر العلاقات بين الجانبين عامة على خلفية التراجع الأمريكى عن الضربة العسكرية على سوريا والبرنامج النووى الإيرانى و الذى سيكون نقطة تزيد العلاقات بين الجانبين اشتعالا حيث أن التقارب الشيعى الأمريكى فى مقابل التنافر السنى الأمريكى هو عقاب امريكى للخليج السنى
وسيكون لإلتهاب الموقف تداعيات على التوازن الاستراتيجى فى المنطقة وسينعكس سلبيا على النفوذ الأمريكى حيث أن السعودية والامارات اعلنتا تمويل الأسلحة الروسية التى تتعاقد عليها مصر اضافة إلى ذلك التقارب المصرى الروسى يقلب توازنات المنطقة رأسا على عقب على اعتبار ثقل مصر الاقليمى وبالتالى العلاقات الخليجية الروسية فى تقارب على عكس العلاقات الخليجية الأمريكية




ما هى دلالة جولة وزير الخارجية الإيرانى فى الخليج العربى مؤخرا؟


إنها خطوة غاية فى الجرأة تعبر عن المرونة الكبيرة التى توسم الدبلوماسية الإيرانية وكفاءة الخارجية الإيرانية فى التعاطى مع الملفات الشائكة ودلالة هذه الزيارة اولا رغبة الحكومة الإيرانية فى انهاء الخلافات العميقة لتمكين إيران من القيام بدور اقليمى واسع النطاق عن طريق التوصل لتسويات للجزر الاماراتية ولتقريب وجهات النظر الخليجية الإيرانية بالنسبة للأزمة السورية قبل انعقاد مؤتمر جنيف 2
"ثانيا" تدل على أن خريطة العلاقات الدولية بشكل عام والعلاقات البينية فى الشرق الاوسط بشكل خاص تشهد تغيرات جذرية خاصة فيما يتعلق بالعلاقات التى كانت تبنيها الولايات المتحدة على التوتر القائم بين الهلال السنى والمثلث الشيعى و يدل ذلك على أن ميزان القوى فى هذه المنطقة بالغة الحيوية فى حالة تحلل للارتباطات القديمة مقابل بناء ارتباطات جديدة فى غير المصالح الأمريكية.

هل تعتقد أنه جاء الوقت المناسب لتحسين العلاقات المصرية الإيرانية؟


نعم فعملية قطع العلاقات بين أى دولتين مسألة خطيرة وفى عالم السياسة لايوجد عدو أو صديق دائم إنما هى امور تخضع للمتغيرات الزمنية وإيران دولة قوية لها علاقات ممتازة مع روسيا التى استردت مكانتها القديمة والعضو الدائم بمجلس الأمن اضافة إلى ذلك إيران دولة قوية فى الفضاء الإسلامى بصرف النظر عن الخلافات وبالتالى هناك تقاطعات حيوية بين مصر وإيران من جانب وبين الخليج إيران من جانب آخر والتسويات السياسية متاحة مهما تعقدت الأمور ولكن العقدة الكبيرة هى توافر الارادة السياسية التى إذا توافرت وتم الاتفاق وتحسنت العلاقات تذلل جميع الصعاب الأخرى
وقد تم هذا الإتفاق النووى والزيارة الإيرانية لدول الخليج فى سياق زمنى يشهد اعادة تركيب مكونات المنطقة وشبكة المصالح مما يعكس دلالات عميقة ويجعل القدرة على تشكيل خريطة عربية إسلامية اقليمية جديدة على نحو يحقق مصالحها امرا متاحا مهما بلغت التعقيدات فالعلاقات الخليجية الأمريكية فى توتر فى حين اعلنت السعودية والامارات تمويل صفقة السلاح المصرية الروسية وبالتالى هناك محور جديد مازال قيد التشكيل والادارة السياسية الحكيمة من الاطراف المتنافرة هى فقط التى تستطيع التقاط تلك المتغيرات وتوجيهها وهى تملك أيضا اجهاض ذلك الجنين المتمخض عن تغير الواقع الدولى




كيف تستثمر مصر تغير الواقع الدولى على هذا النحو فى الضلوع فى دور اقليمى يعزز من مكانتها ويجعلها اكثر قدرة على تحقيق مصالحها؟


هناك وجهتى نظر الأولى ترى أن مصر يجب الا ترتبط بعلاقات دولية جديدة قبل انهاء المرحلة الانتقالية تفاديا لاضطربات خارجية قد تؤثر سلبا على علاقاتها القديمة ولكنى اميل إلى الوجهة الأخرى وهى ضلوع مصر فى دور اقليمى خاصا فى هذا التوقيت الذى تتفكك فيه خريطة العلاقات القديمة و تتشكل فيه أخرى جديدة حتى تكون فاعلة فى ادارة الاحداث وبناء المحاور وفقا لمصلحتها اعتمادا على ثورة الشعب المصرى فى 30 يونية الذى ساهم فى تفكيك وبناء الخريطة الدولية
هذا الدور يأتى عبر محورين:-
المحور الأول:- الازمة السورية حيث أنها المعمل الذى يعاد من خلاله تركيب المعادلة الدولية وهى مركز تفاعلات المنطقة واتصور أن هناك من المتغيرات مايساعد مصر على ايجاد الصيغة الملائمة لها للعمل على تحريك دفة الاحداث وفق مصلحتها
فالعلاقات الخليجية الأمريكية فى توتر والخليج ابدى مرونة وتحيز كبير لمصر بعد ثورة 30 يونية بما تتضمنه من التوجهات الجديدة للخارجية المصرية والتقارب مع روسيا ذات العلاقات الممتازة مع سوريا وإيران ومن جانب آخر العلاقات الخليجية الإيرانية يبدو عليها علامات الانفراجة مثل هذا المناخ الوليد يمكن أن يتمخض عنه تسويات يمكن أن ينبنى عليها شبكة جديدة من العلاقات الدولية تعصف بما تبقى من النفوذ الأمريكى فى المنطقة
واتصور أنه يمكن لمصر الدفع بمزيد من توتر العلاقات الخليجية الأمريكية مقابل مزيد من التقارب الخليجى الروسى وفى هذا المناخ تتبنى مصر مبادرة لترميم العلاقات الخليجية الإيرانية تنبنى على ما تمخض عن الزيارات الإيرانية للخليج والتقريب بين وجهات النظر المتنافرة وصولا إلى تسويات مرضية بين الجانبين مع ملاحظة أن رعاية المصالح الخليجية هى جزء لا يتجزأ من المصالح المصرية والأمن القومى المصرى والخليجى فى حالة اعتمادية متبادلة وبالتالى فتقريب وجهات النظر الخليجية الإيرانية هو من محددات العلاقات المصرية الإيرانية
ولكن الأمر ليس سهلا فهناك اكثر من تحدى على اكثر من مستوى ولكن ما اعلنه الخليج تعليقا على زيارة وزير الخارجية الإيرانية يمكن أن تبنى عليه مصر استراتيجيتها فى تقريب وجهات النظر بين الجانبين

المحور الثانى:- هو بناء علاقات تكاملية اقتصادية مع الخليج يتوافر لها مقومات أن تصبح احد الاقتصاديات الناشئة حيث أن الاحتياج الخليجى لمصر عسكريا وأمنيا يلزمه حاضنة اقتصادية والخليج المهدد من إيران والولايات المتحدة الآن يملك من الادوات الاقتصادية ما يحمى به نفسه وفى الجهة المقابلة مصر هى اقوى الجيوش العربية

ماهى التحديات التى يمكن أن تواجه مصر من أجل تنفيذ الطرح الذى قدمته؟


التحدى الأول هو الازمة السورية ويمكن التوصل إلى صيغة مرضية عبر التخلص من شخص الرئيس بشار الأسد والدفع برئيس من نفس النظام يحافظ على التوازنات القديمة ومكونات الدولة السورية ويحظى بالرضا الروسى الإيرانى من جانب والخليجى من جانب آخر
والتحدى الثانى هو المكون الطائفى كرقم صعب فى المعادلة الخليجية الإيرانية وقد ابدى الخليج رغبته فى تنحية إيران هذا المكون من العلاقات الدولية ويمكن التوصل إلى صيغة مرضية فإيران لديها المناطق التى يمكن أن تستوعب تمددها الشيعى بعيدا عن الخليج وخاصا البحرين والامارات وهى مناطق الشمال والشرق السورى والوسط والشمال العراقى والجنوب اللبنانى
و التحدى الثالث هو تدخل إيران فى الشأن الداخلى الخليجى ويمكن التوصل إلى صيغة مرضية وهى مرتبطة بالتحدين الأوليين وهى عندما تطمأن إيران على مصالحها فى سوريا ومناطق نفوذها الشيعى سترفع يدها عن الشأن الخليجى تماما
مقابل ذلك إيران ستستفيد علاوة على الحفاظ على مصالحها فى سوريا ومناطق نفوذها ستتخفف كثيرا من اعباء التوتر الاقليمى سواء مع مصر أو مع الخليج مما يجعلها اكثر قدرة على المناورة بشأن برنامجها النووى وأكثر قدرة على فرض قرارها على مجلس الأمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.