- إن كانت المقارنة بين السيسى وحمدين تجوز بشىء من التجاوز..لكنها لا تجوز مع مرشحين آخرين مصر لا تنتظر رئيسا، بل تنتظر نبيا ينتشلها من دوامة الفوضى، نبى يحقق أحلام الجائعين والخائفين والعاشقين والمعارضين، ورغم رسالته يبقى إنسانا يحلم ببناء وطن، سُرق منذ أعوام، حتى وإن اتهمه البعض بحيازة أحلام باطلة.
مصر تنتظر نبيا يقبل الرهان والمقامرة، والمغامرة، يراهن بتاريخه لأجل المستقبل، وبسمعته مقابل نجاحه، ففى هذا الوقت الدقيق، لا مجال لضعيف أو متخاذل أو قواد هارب يتاجر بالثورة فى سوق النخاسة السياسى.
الرئيس المصرى المنتظر، سيحمله الشعب مسئوليات فوق مستوى البشر، أحلام ثمانين مليون مواطن ستلقى على عاتقه، سيكون عليه أن يحقق لهم ما يعوضهم عن فساد حكم مبارك وسنوات طويلة ضاعت بين البطالة والعنوسة والإفلاس والضياع، وفاشية وبلطجة وسماجة الجماعة اللعوب التى سميت عبثا بالإخوان المسلمين، فالشعب الآن أصبح بلا قائد أو رمز أو أب يرمى عليه الهموم ويشاركه الوجع والبهجة والأمل.
ولعل صورة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، قد جاءت من بعيد، كضوء خافت فى نهاية النفق المظلم، مصر فى حاجة إلى زعيم ينحاز للفقراء، يقرر العدالة، ويفرض الأمن، ويشيع الحرية، يقمع الفساد المتجبر ويجفف الدمع المتحجر بفعل الألم واليأس .. مصر فى حاجة إلى عبد الفتاح السيسى؟
الجملة الأخيرة على سبيل التساؤل ليس أكثر، وإن كانت إجابتها مؤكدة ومعروفة لدى العامة، وهى القاعدة الجماهيرية الأكبر تأتى حتما بالموافقة، لم لا يكون السيسى رئيسا للجمهورية؟، ومن غير السيسى يقدر عليها؟، من حرر مصر من حكم جماعة قررت أن تحكمها خمسمائة عام غيره، من منا لم يقفز من الفرحة وقت إعلانه عزل الرئيس النحس الذى زاد البلاد بؤسا على بؤسها وظلاما فوق ظلامها.
عبد الفتاح السيسى، فارس الأحلام والرئيس المنتظر لمصر.. هكذا يحلم البسطاء، ولم لا وهم أشبه بيتامى يحلمون بأن يبعث الأب من جديد، فالأب هو الحضن، وإن كان حضن الوطن أكثر أمانا، وبالتالى فمن حرر الوطن.. أولى برئاسته.
السيسى، لم يقرر، وإن كان محبوه سيفرضون ترشحه سواء كان راضيا أم آبيا، وهى فى الحقيقة، فكرة قمعية، وقد تطبق مقولة «من الحب ما قتل»، قد يكون السيسى لا يرى أنه الرئيس القادم، قد تنقلب الشعبية والحب إلى كراهية تحصدها سنوات عجاف من الفشل لا قدر الله.
يبقى السيسى هو المرشح الأهم، ليس انتقاصا من قدر حمدين صباحى، ولا لتفاوت الشعبية الجارفة بينه وبين الفريق «المحروق سياسيا» سامى عنان، لكن المعادلة لا يجوز أن تتم بطرف واحد، فرغم المعركة الانتخابية القوية التى خاضها صباحى، إلا أن فرصه كمرشح مدنى ضعيفة أمام السيسى، ورغم ثورات المثقفين على الحكم العسكرى، إلا أنهم فى النهاية مجرد شريحة مناهضة له، لا يجوز مقارنتها بالطبقة الشعبية التى تقف وراء السيسى وجمعت له 15 مليون توقيع، ليرشح نفسه فى انتخابات الرئاسة، وتؤكد أن هذا البلد لا ينفعه إلا الحكم العسكرى.
إن كانت المقارنة بين السيسى وحمدين، تجوز بشيء من التجاوز، لكنها لا تجوز مع مرشحين آخرين مثل اللواء مراد موافى واللواء حسام خير الله، فشعبية الاثنين على الأرض لا تقارن بشعبية السيسى أو حتى حمدين صباحى.
فى النهاية، مصر تنتظر، لكنها لن ترضى أبدا بمقولة «هذا الزحام لا أحد»، فالشخص المناسب فى نظر البسطاء هو الفريق عبد الفتاح السيسى، والحقيقة أنه آن الأوان أن تتنحى الصفوة وتفسح المجال للبسطاء الذين لا يكفون عن الحديث باسمهم، آن الأوان أن يختار البسطاء، فهم لم يختاروا ضيق مساكنهم ولا إفلاسهم ولا حالتهم المتردية.. ولعل أبسط حقوقهم.. اختيار من يحكمهم، بقناعاتهم البسيطة، وخبراتهم الحياتية المتراكمة.