قال باحثون أميركيون إنهم يتجهون نحو كشف طبي خطير، لا يوقف شيخوخة خلايا الإنسان فحسب، بل يجعلها أكثر صبًا، لكن خبراء شككوا في ذلك. أعلن فريق من باحثي جامعة كاليفورنيا الأميركية، برئاسة البروفيسور دين أورنيش، عثوره على دليل دامغ على أن الالتزام الصارم بالرياضة والنظام الغذائي المتوازن والتأمل يمكن أن يكون له تأثير يقاوم شيخوخة الخلية البشرية. لكن خبراء حذروا من أن نشر الدراسة في مجلة "لانسيت" الطبية أمر مثير للفضول، "لكن من المبكر اعتبار نتائجها قاطعة".
التشجيع واجب وقد أخضع أورنيش وباحثوه خمسة وثلاثين رجلًا يعانون من سرطان البروستات للفحص، فظهرت خلايا رجال غيّروا أسلوب حياتهم أكثر شبابًا بالمفهوم الجيني. وقد لاحظ الباحثون حصول تغييرات واضحة على خلايا عشرة رجال غيّروا واعتمدوا النظام الغذائي النباتي، وتمسكوا بجدول زمني لممارسة الرياضة وجلسات التأمل واليوغا لمقاومة الضغوط، وردوها إلى تغييرات في "قبعات وقاية" بنهاية كروموزومات المرء، تسمى التيلوميرات، مهمتها حماية الكروموزوم ومنع فقدان البيانات الجينية خلال عملية انقسام الخلية مع التقدم في العمر. فخلال الانقسام، تقصر التيلوميرات وتضعف، فتتوقف الخلايا عن الانقسام ثم تموت. بحث أورنيش وفريقه في إمكان منع هذا القصر والقصور، وجاء بحثهم ليؤكد أن التيلوميرات يمكن أن تكتسب طولاً إذا منحت التشجيع المناسب، بحسب ما نقلته هيئة الاذاعة البريطانية في تقرير لها عن الموضوع. فقد سجل الفريق قياس كل تيلومير في بداية الدراسة، ومرة أخرى بعد خمس سنوات، فزاد طول التيلومير بنسبة 10 بالمئة في الرجال العشرة الذين يعانون سرطان البروستات، بعدما غيّروا نمط حياتهم وحسنوه. بينما انخفض طول التيلومير 3 بالمائة لدى 25 رجلًا ما بدلوا أسلوب حياتهم نحو الأفضل. ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية عن أورنيش قوله: "في حالة إثبات العلاقة بين نمط الحياة وطول الكروموزومات، من خلال فحوصات عشوائية، قد يثبت أن إدخال التغييرات على نمط الحياة يقي من الإصابة بعدد من الأمراض الفتاكة، ما يقلص معدلات الوفاة المبكرة".
لا حماسة من ناحية أخرى، رفضت الدكتورة لين كوكس، خبيرة الكيمياء الحيوية بجامعة أكسفورد البريطانية، استخلاص أي نتائج قاطعة من هذه الدراسة، "فالنتائج التي توصلت إليها تدعم الدعوات المنادية بالتمسك بنمط حياة صحي، لما يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في تأخير الشيخوخة". وطالب الدكتور توم فوليامي، المحاضر في علم الأحياء الجزيئي في جامعة كوين ماري بلندن، بالتأكيد على أن هذه الدراسة مجرد دراسة تجريبية صغيرة. وقال: "من المهم لفت النظر إلى أن تأثير نمط الحياة على طول التيلومير لا يعني بالضرورة تحسن حالة المرء الصحية، فلم تتحسن إلا حالتان أو ثلاث فقط ممن خضعوا للتجربة". أضاف: "أدعو للانتظار، لنرى ما إذا كان من الممكن تكرار ذات التجربة على نطاق واسع، وفحص حجم التأثيرات بصورة أكثر دقة قبل أن نتحمس". وإلى هؤلاء، ينضم عدد كبير من الخبراء ليقولوا إن قصر التيلومير ليس التفسير الوحيد للشيخوخة، فللبشر تيلوميرات أقصر بكثير من تيلومترات الفئران، بينما يعيش الانسان فترة أطول بكثير. وتقول كوكس: "فضل هذه الدراسة الوحيد تأكيدها أن الذين يتمسكون بنمط حياتهم الرتيب يهرمون أسرع".