رغم إطلاق «الدب الروسى» لمبادرة حل الأزمة السورية.. لا يثق السوريون فى أمريكا.. فأبناء العم سام، احترفوا الأكل على موائد اللئام!.. قد يبيعونك، يوماً، معسول الكلام، لكن لكل حادث حديث آخر.. سيضحون بك فى الآخر!.. فأنت خطوة مكتوبة على أوراق، مختومة ب«سرى للغاية» داخل أروقة المكتب البيضاوى!
هكذا يقول التاريخ.. وهكذا، أيضاً يقرأه – الآن – السوريون.. ففى ظل التهديدات الأمريكية بضرب سوريا وحالة الترقب العالمى لقرار الكونجرس فى 9 سبتمبر بشأن السماح لأوباما بالبدء فى عمل عسكرى ضد سوريا، يأتى تاريخ التدخل الأمريكى فى دول العالم ليلقى بظلال من الشك حول مستقبل سوريا والمنطقة العربية.. فى ظل بلطجة أمريكا.
فالبيت الأبيض، لا يعرف الوضوء بالماء.. لا يعترف سوى بالدماء.. دماء تخضب قائمة طويلة من التدخلات العسكرية السافرة.. سواء بغطاء من الأممالمتحدة أو بدون موافقة دولية من حيث الأصل!
فنفس السيناريو العراقى تكرر فى ليبيا عام 2011.. ولكن.. بأسباب مختلفة.
فمع اندلاع ثورات الربيع العربى تحرك حلف الناتو والولاياتالمتحدة لمساعدة الثوار على إسقاط نظام معمر القذافى، وغادرت أمريكا ليبيا بعد مقتل القذافى تاركة البلاد فى حالة من الفوضى.. وفى ظل صراعات قبلية، ووجود عدد من الجماعات الإرهابية.. لعل أهمها جماعة أنصار الشريعة.
وعبر السطور التالية.. نستعرض أبرز هذه التدخلات الدموية:
فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية بغزو أفغانستان بهدف تفكيك تنظيم القاعدة واسقاط حكومة طالبان برئاسة الملا محمد عمر والتى كانت تسيطر على 90% أفغانستان.
أصدر الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش – حينئذ – قراراً ببدء الغزو بعملية عرفت باسم «الحرية الدائمة» فى 7 أكتوبر 2001.. بالتعاون مع بريطانيا وإيطاليا، وانضم لهم فى وقت لاحق روسيا، فرنسا، أستراليا، كندا، بولندا، وألمانيا وعدد آخر من الحلفاء لشن هجوم على الطالبان وقوات القاعدة.
نجحت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها بسرعة فى اسقاط طالبان والسيطرة على جميع المدن والبلدات الرئيسية فى البلاد. وفى المقابل فر العديد من قادة تنظيم القاعدة وحركة طالبان إلى باكستان أو تراجعوا إلى المناطق الجبلية الريفية أو النائية.. ولم تنحج حتى الآن أمريكا فى تحقيق الامن هناك.واضطر أوباما لبدء سحب القوات الأمريكية بعد سقوط آلاف القتلى وكانت التكلفة الشهرية للحرب 4 مليارات دولار
2
الحرب الكورية:
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تم تقسيم شبه الجزيرة الكورية إلى جزءين، الشمالى ويخضع لسيطرة الاتحاد السوفيتى، والجنوبى تحت إشراف الأممالمتحدة وبقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وذلك بعد اتفاق بين الجانبين الأمريكى والسوفيتى فى ديسمبر 1945 على تقاسم إدارة كوريا لمدة أربع سنوات تخضع خلالها كوريا للإدارة الدولية ثم تصبح بعد ذلك دولة مستقلة. اتفقت أمريكا وروسيا على منح الكوريين حق إدارة الدولة، إلا أن كلتا القوتين حرصتا على اختيار حكومة موالية لها.. مما أدى إلى نشوب العديد من الاضطرابات الداخلية.
من جانبها مارست الحكومة العسكرية الأمريكية المسيطرة على جنوب كوريا أساليب قمعية ضد المظاهرات المناهضة لوجودها حيث كان ينظر الشعب الكورى للقوات الأمريكية فى الجنوب كامتداد للاحتلال اليابانى الذى سيطر على كوريا منذ عام 1910، خاصة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية استعانت فى إدارة البلاد بنفس المسئولين الذين تعاونوا مع الاحتلال اليابانى. وصلت المظاهرات إلى ذروتها فى أكتوبر1946، وواجهت الشرطة الاحتجاجات الشعبية بعنف مما أسفر عن مقتل ثلاثة طلبة، وأدى إلى قيام انتفاضة دايجو حيث هاجم المتظاهرون مقرات الشرطة.. وقتلوا العديد من رجالها.. مما دفع أمريكا إلى إعلان الأحكام العرفية.
..وقامت القوات الأمريكية بإطلاق النار على المتظاهرين ليسقط ضحايا لا حصر لهم.
بدأت الحرب الكروية فى يونيو 1950 عندما قامت كوريا الشمالية بقيادة كيم ايل سونج بغزو كوريا الجنوبية سعيا لتوحيد الأراضى الكورية. من جانبه اتخذ الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت ترومان قرارا بشن حرب على كوريا الشمالية ولم ينتظر للحصول على موافقة من الكونجرس الأمريكى، ولجأ إلى الأممالمتحدة للحصول على موافقة دولية لشن الحرب ضدها، وقد سقط فى هذة الحرب مليون مدنى، 36 الف جندى أمريكى، ولم ينته حتى الآن ازمة الكوريتين
3
فيتنام:
تعد حرب فيتنام أحد أهم فصول الصراع العسكرى فى حقبة الحرب الباردة وقد وقعت فى فيتنام، لاوس، وكمبوديا من 1 نوفمبر 1955 إلى سقوط سايجون فى 30 أبريل 1975. كان الصراع بين فيتنام الشمالية المدعومة من الصين والمعسكر الشيوعى من ناحية وفيتنام الجنوبية المدعومة من أمريكا والقوى الغربية.
بدأت الحرب مع استقلال فيتنام عن فرنسا عام 1954 وفقا لاتفاقية جينيف التى نصت أيضا على تقسيم فيتنام إلى جزءين شمالى وجنوبى يفصل بينهما خط العرض 15. فى مقابل عملية التقسيم ظهر فى فيتنام الجنوبية حركة الفيتكونج المعروف أيضا باسم جبهة التحرير الوطنى المدعومة من فيتنام الشمالية والتى شنت حربا واسعة ضد حكومة الرئيس ديم فى فيتنام الجنوبية فى محاولة لتوحيد أراضى فيتنام تحت لواء الشيوعية. فى المقابل حرصت أمريكا على تقديم الدعم الكامل للرئيس ديم، وبدأت أمريكا فى ارسال مستشاريها العسكريين إلى سايجون عاصمة فيتنام الجنوبية.
وفى فبراير 1965 بدأ أول إرسال للجنود الأمريكى إلى فيتنام الجنوبية إلى أن وصل حجم القوات الأمريكية إلى ما يقرب من 800 ألف جندى فى عام 1968.
هذا إلى جانب 69 ألف جندى من أستراليا ونيوزيلندا، والفلبين، وكوريا الجنوبية وتايلاند. وانتهت حرب فيتنام بانتصار فيتنام الشمالية وتوحيد الأراضى الفيتنامية فى منتصف السبيعنيات من القرن الماضى، وصلت عدد ضحايا هذه الحرب إلى مليون قتيل فيتنامى، ثلاثة ملايين جريح وأكثر من مليون لاجئ، كما سقط 57 ألف قتيل فى الجيش الأمريكى.
4
قوات دلتا:
إلى جانب الحروب الرسمية التى تخوضها الولاياتالمتحدةالأمريكية، كان هناك عمليات عسكرية لا تعترف بالأعراف الدولية ولا تنتظر موافقة من الكونجرس الأمريكى أو دعما من الأممالمتحدة، هذه العمليات العسكرية تعتمد على قرار مباشر من الرئيس الأمريكى وتقوم بها قوات خاصة تعرف باسم «قوات دلتا».
وتعد قوات دلتا جزءا من وحدة العمليات الخاصة فى الجيش الأمريكى والمعنية فى المقام الأول بالقيام بمهام غير تقليدية تصفها صحافة العالم بالعمليات السوداء. وكانت محطة ايه بى سى نيوز قد أذاعت تحقيقا أشارت فيه إلى أن الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش قد أصدر قرارا مباشرا لوحدة العمليات الخاصة بالتعاون مع المخابرات الأمريكية من أجل القيام بعدد من العمليات التى تندرج تحت تصنيف «العمليات السوداء» داخل إيران من أجل التعجيل بعملية تغيير النظام الإيرانى.
أول عملية قامت بها قوات دلتا كانت فى 24 أبريل 1980 وهى العملية «مخلب النسر» وكانت بأمر مباشر من الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت جيمى كارتر وتستهدف تحرير الرهائن الأمريكان المحتجزين فى السفارة الأمريكية بطهران.
قائمة طويلة من العمليات من ضمنها عملية «الغضب الطارئ» عام 1983 فى جرينادا والتى استهدفت الهجوم على سجن ريتشموند هيل وتحرير السجناء السياسيين المحتجزين هناك، وتأتى هذه العملية ضمن ما عرف بعد ذلك بعملية غزو جرينادا والتى سعت فيها الولاياتالمتحدة إلى احكام سيطرتها على جرينادا حتى لا تنحاز للمعسكر الشيوعى.
كما شاركت قوات دلتا فى حرب الخليج الأولى، والغزو الأمريكى لأفغانستان والعراق وقامت بالعديد من العمليات السرية فى هذه الحروب.
5
الصومال :
بعد الإطاحة بنظام سياد برى فى 26 يناير 1991، شهدت الصومال حربا أهلية حيث أعلن الإقليم الشمالى انفصاله تحت مسمى جمهورية أرض الصومال ودخلت بقية الأقاليم والمحافظات فى حرب أهلية قاسية راح ضحتها الآلاف من المواطنين الذين وجدوا أنفسهم أمامم خيارين حيث التعرض للقتل فى المعارك العسكرية أو الموت بسبب المجاعة التى اجتاحت البلاد.
وفى 3 ديسمبر عام 1992، وافق مجلس الأمن الدولى بالإجماع على القرار رقم 794 الخاص بتكوين قوة حفظ سلام بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية وسميت يونيتاف وتهدف القيام بمهام الإغاثة الإنسانية فى منطقة الجنوب التى عانت من أوضاع مأساوية. وأصدر الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت جورج بوش قرارا بإرسال قوات أمريكية عسكرية من أجل القيام بمهام إنسانية كان من المفترض أن تستمر لمدة عامين فقط. لكن الرئيس الأمريكى بيل كلينتون اتخذ قرارا باستمرار القوات الأمريكية فى الصومال.
ووقعت الكثير من المواجهات العسكرية بين القوات الأمريكية ومحمد فارح عيديد أحد زعماء الحروب فى الصومال. أهم تلك المعارك والتى لاتزال عالقة فى أذهان القادة العسكريين بالولاياتالمتحدة، كانت معركة مقديشيو التى وقعت فى 3 أكتوبر 1993 حيث سقطت اثنتان من المروحيات الأمريكية من طراز بلاك هوك وتم مطادرة طاقم الطائرتين فى الشوارع وقام الصوماليون بسحل الجنود الأمريكان وبعد تداول صور الاعتداء على الجنود الأمريكان فى شوارع الصومال بمختلف سائل الإعلام.
اتخذ كلينتون فى 24 مارس 1994 قرارا بسحب القوات الأمريكية بشكل نهائى. وانتهت مهمة الأممالمتحدة بعد ذلك بعام دون أن تحل أزمة الصومال التى لاتزال تعانى إلى يومنا هذا من الحروب الأهلية والمجاعات.