معادلة نظام الدراسة بمدرسة عين شمس للمتفوقين بالبكالوريا المصرية    إعلان نتائج بطولة الملاكمة بالدورة الرياضية للجامعات والمعاهد العليا دورة الشهيد الرفاعي "53"    وزارة الأوقاف تعقد 574 ندوة علمية حول "الجوار الصالح مفتاح للسكينة والمودة"    وزير البترول يبحث فرص التعاون في المعادن الحيوية مع هانتر الأسترالية    البورصة المصرية تختتم جلسة الخميس 27 نوفمبر بارتفاع جماعي    الاتحاد الأفريقي يدعو الى الإفراج الفوري دون شروط عن رئيس غينيا بيساو    مدبولي: تحرك جاد لتفعيل بروتوكولات التعاون مع الجزائر وتعزيز الشراكة في مختلف المجالات    تدريبات بدنية خاصة للاعبي الزمالك قبل لقاء كايزر تشيفز    بمشاركة منتخب مصر| كل ما تحتاج إلى معرفته عن كأس العرب 2025    تعرف على الطرق البديلة بعد إغلاق ميدان الجيزة وشارع الهرم    الأزهر: التحرش بالأطفال جريمة منحطة حرمتها جميع الأديان والشرائع    حلمي عبد الباقي يتقدم ببلاغ للنائب العام ضد مصطفى كامل    توزيع جوائز الفائزين بمسابقة أجمل صوت فى تلاوة القرآن الكريم بالوادى الجديد    أحمد السلمان: مهرجان الكويت المسرحي موعد مع الإبداع والاكتشاف    رئيس المجلس الوطني للإعلام بالإمارات يزور عادل إمام.. والزعيم يغيب عن الصورة    مُصطفي غريب ضيف آبلة فاهيتا "ليلة فونطاستيك.. السبت    غلق وتشميع 4 معامل تحاليل ومركزين للجلدية في حملة مكبرة ببني سويف    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    قراءة في هدية العدد الجديد من مجلة الأزهر، السنة النبوية في مواجهة التحدي    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    عقدة ستالين: ذات ممزقة بين الماضى والحاضر!    توجيهات مزعومة للجنة الدراما تثير جدلا واسعا قبل موسم رمضان 2026    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    «التأمين الصحى الشامل» يقرر تحديث أسعار الخدمات الطبية بدءًا من يناير 2026    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    أسوان تحصد جائزتين بالملتقى الدولى للرعاية الصحية    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    روسيا تصدر أحكاما بالسجن مدى الحياة بحق 8 أشخاص بشأن الهجوم على جسر رئيسي في القرم    وزارة التخطيط تستعرض الإصلاحات الهيكلية المنفذة منذ يوليو 2024    التحقيق مع 5 عناصر جنائية حاولوا غسل 50 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    مقتل أكثر من 30 وفقدان 14 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية في سريلانكا    لتعاطيهم المخدرات.. إنهاء خدمة 9 عاملين بالوحدة المحلية وإدارة شباب بكوم أمبو    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    وزير الشباب والرياضة يستقبل سفير دولة قطر لبحث التعاون المشترك    محامي رمضان صبحي: التواصل معه صعب بسبب القضية الأخرى.. وحالة بوجبا مختلفة    روز اليوسف على شاشة الوثائقية قريبًا    عادل فتحي نائبا.. عمومية المقاولون العرب تنتخب مجلس إدارة جديد برئاسة محسن صلاح    عشرات القتلى و279 مفقودًا في حريق الأبراج العملاقة ب هونغ كونغ    3 قرارات جديدة لإزالة تعديات على أملاك بنك ناصر الاجتماعى    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    المفوضة الأوروبية: ما يحدث في السودان كارثة إنسانية    جامعة بنها ضمن الأفضل عربيًّا في تصنيف التايمز البريطاني    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    طقس الخميس.. انخفاض فى درجات الحرارة وشبورة كثيفة صباحا    الأحزاب ترصد مؤشرات الحصر العددى: تقدم لافت للمستقلين ومرشحو المعارضة ينافسون بقوة فى عدة دوائر    وزير الري يستعرض المسودة الأولية للنظام الأساسي واللائحة الداخلية لروابط مستخدمي المياه    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    كرة يد - "أتفهم حزن اللاعبات ونحتاج دعمكم".. رسالة مروة عيد قبل كأس العالم للسيدات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من اهل الجنة‎
نشر في الفجر يوم 04 - 08 - 2013

سمعتْمْ أوصافَ الجنةِ ونعيمَها وما فيها من السرورِ والفرحِ والحبورِ، فوالله إنَّها لجديرةٌ بأنْ يَعْملَ لها العاملُون، ويتنافَس فيها المتنافِسُونَ، ويُفْنِي الإِنسانُ عمرَه في طَلبهَا زاهداً في الدُّون، فإنْ سألتُمْ عن العمل لها والطريقِ الموصل إليها فقد بيَّنه اللهُ فيما أنزلُه من وحيهِ على أشرفِ رسله. قال الله عزَّ وجلَّ: { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَتُ وَالاَْرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ وَالْكَظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَفِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [آل عمران: 133 135].

* فهذه عدة أوصاف من أوصاف أهل الجنة:
- الوصفُ الأوّلُ: (الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّتٍ وَعُيُونٍ ) وهم الذين اتَّقوا ربَّهم باتخاذ الوقايةِ من عذابهِ بفعلِ ما أمَرهم بهِ طاعةً له وَرَجَاءً لثوابِه، وتركِ ما نهاهُمْ عنه طاعةً لَهُ وخوفاً من عقابه.

- الوصفُ الثاني: ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ وَالْكَظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَفِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) فهُمْ ينفقونَ ما أمِروا بإنفاقِه على الوجهِ المطلوبِ منهمْ مِنَ الزكاةِ والصدقاتِ والنفقاتِ على مَنْ له حقٌ عليهم والنفقاتِ في الجهادِ وغيره من سُبُل الخيرِ ينفقونَ ذلك في السَّراءِ والضَّراءِ لا تحملهم السَّراءُ والرَّخاءُ على حُبِّ المالِ والشحِّ فيهِ طمَعاً في زيادتِه، ولا تحملُهم الشِّدةُ والضراءُ على إمساكِ المالِ خوفاً من الحاجةِ إليهِ.

- الوصفُ الثالثُ: ( وَالْكَظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَفِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) وهم الحابِسُونَ لغَضَبِهم إذا غضِبُوا فلا يعْتَدون ولا يحقِدون على غيرِهم بسببه.

- الوصفُ الرابعُ: ( وَالْعَفِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) يعْفُون عمَّنْ ظلَمهم واعتَدَى عليهمْ فلا ينتقمون لأنفسِهم مع قدْرَتِهِم على ذلك وفي قوله تعالى: { وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } إشارةٌ إلى أنَّ العفَوَ لا يُمْدَح إِلا إذا كان من الإِحسانِ وذلكَ بأن يقعَ مَوْقِعَهُ ويكونَ إصلاحاً. فأما العفوُ الَّذِي تزدادُ بِه جريمةُ المعتدِي فليس بمحمودٍ ولا مأجورٍ عليه. قال الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّلِمِينَ } [الشورى: 40].

- الوصفُ الخامسُ: ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) الفاحشةُ ما يُسْتَفْحَشُ من الذنوبِ وهي الكبائرُ كقتلِ النفسِ المُحَرَّمَةِ بغيرِ حقٍّ وعقوقِ الوالدين وأكل الرِّبا وأكل مالِ اليتيمِ والتَّوَلِّي يومَ الزَّحفِ والزِّنَا والسرقةِ ونحوها من الكبائرِ. وأمَّا ظُلْمُ النفس فهوَ أعَمُّ فيشمَلُ الصغائرَ والكبائِرَ. فهمْ إذا فَعَلُوا شيئاً من ذَلِكَ ذَكرُوا عظمةَ مَنْ عَصَوْه فخافوا منه، وذَكرُوا مغفرتَه ورحمتَه فَسَعَوْا في أسبابِ ذلك فاسْتَغْفَروا لذنوبهم بطلب سترِها والتجاوزِ عن العقوبةِ عليها وفي قوله: (وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) إشارةٌ إلى أنهم لا يَطلبُونَ المغفرةَ من غيرِ اللهِ لأنَّه لا يغفرُ الذنوبَ سِواه.

- الوصفُ السادسُ: ( وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) أي لم يسْتَمِرُّوا على فعلِ الذنبِ وهم يعْلَمون أنَّه ذنبٌ ويَعْلَمُون عظمةَ من عصَوْه ويَعلَمونَ قُرْبَ مغفرَتِه بل يبادِرون إلى الإِقلاع عنه والتوبةِ منه. فالإِصرارُ على الذنوب مع هذا العلمِ يجعلُ الصغائرَ كبائرَ ويتدرَّجُ بالفاعلِ إلى أمورٍ خطيرةٍ صعبةٍ. وقال تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَوةِ فَعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَفِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لاَِمَنَتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَتِهِمْ يُحَفِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَرِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ } [المؤمنون: 1 11].
*فهذه الآياتُ الكريمةُ جمَعَتْ عِدَّةَ أوصافٍ مِن أوصافِ أهلِ الجنةِ:
- الوصفُ الأولُ: (الْمُؤْمِنُونَ ) الذين آمَنُوا بالله وبكلِّ ما يجبُ الإِيمانُ به مِن ملائكةِ الله وكتبِه ورسلِهِ واليومِ الآخرِ والقدرِ خيرهِ وشرِّه، آمَنُوا بِذَلِكَ إيماناً يستلزمُ القبولَ والإِذعانَ والانقيادَ بالقولِ والعمل.

- الوصفُ الثاني: (الَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَشِعُونَ ) حاضرةٌ قلوبُهم ساكنةٌ جوارحُهم يستحضرون أنهم قائمونَ في صلاتهِم بينَ يدي الله عزَّ وجلَّ يخاطِبونَّهُ بكلامه، ويتقربُون إليهِ بذكرهِ، ويَلجؤُون إليه بدعائِه، فهم خاشعُون بظواهِرِهم وبواطِنِهم.

- الوصفُ الثالثُ: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ ) واللَّغْوُ كلُّ ما لا فائدة فيهِ ولا خيرَ من قولٍ أو فعلٍ، فهم معرضونَ عنه لقوةِ عزيمتِهم وشِدَّةِ حْزمِهم لا يُمضُونَ أوقاتَهم الثمينةَ إلاَّ فيما فيه فائدةٌ، فَكَمَا حفظُوا صلاتَهم بالخشوعِ حفظُوا أوقاتَهم عن الضياع وإذا كانَ مِنْ وصفِهم الإِعراض عن اللَّغوِ وهو ما لا فائدةَ فيه فإعراضُهَم عما فيه مضرةٌ من باب أوْلى.

- الوصفُ الرابعُ: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَوةِ فَعِلُونَ ) يحتملُ أنَّ المرادَ بالزكاةِ القسطُ الواجبُ دفعُه من المالِ الواجبِ زكاتُه، ويحتملُ أنَّ المرادَ بها كلُّ ما تَزْكُوْ به نفوسُهم من قولٍ أو عمل.

- الوصفُ الخامسُ: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَفِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) فهم حَافِظُون لفُروجِهم عَنِ الزِّنَا واللواطِ لما فيهما من معصيةِ الله والانحطاطِ الخُلُقِيِّ والاجتماعيِّ. ولعلَّ حفظَ الفرجِ يَشْمَلُ ما هو أعَمُّ من ذلك فيشمَلُ حِفْظَهُ عن النظر واللمس أيضاً وفي قوله: { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } إشارةٌ إلى أنَّ الأصْلَ لومُ الإِنسانِ على هذا الفعلِ إلاَّ على الزوجةِ والمملوكة لما في ذلك مِن الحاجة إليه لدفعِ مُقْتَضَى الطَبيعةِ وتحصيل النسل وغيرهِ من المصالحِ وفي عموم قوله: { فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } دليلٌ على تحريم الاستمناءِ الذي يُسَمَّى (العادة السريةَ) لأنه عملِيَّةٌ في غيرِ الزوجاتِ والمملوكاتِ.

- الوصفُ السادسُ: (وَالَّذِينَ هُمْ لاَِمَنَتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَعُونَ ) الأمانةُ ما يُؤتَمَنُ عليه مِنْ قولٍ أو فعلٍ أو عينٍ. فمن حدَّثَكَ بِسِرٍّ فقد ائتمنَكَ، ومنْ فعَل عندَك مَا لاَ يُحِبُّ الاطلاع عليه فقد ائتمنك ومن سلَّمكَ شيئاً من مالِه لِحِفْظِه فقد ائتمنك، والْعَهْدُ ما يلتزمُ به الإِنسانُ لغيرهِ كالنذرِ لله والعهودِ الجاريةِ بينَ الناس. فأهلُ الجنةِ قائمون برعايةِ الأماناتِ والعهدِ فيما بينَهم وبينَ الله وفيما بينهم وبينَ الخلق، ويدخلُ في ذلك الوفاءُ بالعقودِ والشروطِ المباحةِ فيها.

- الوصفُ السابعُ: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَتِهِمْ يُحَفِظُونَ ) يُلازِمونَ على حفظِها من الاضاعةِ والتفريطِ، وذلك بأدَائِها في وقتِها على الوجهِ الأكملِ بشروطِها وأركانها وواجباتِها. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أوصافاً كثيرةً في القرآن لأهلِ الجنةِ سوى ما نقلناه هنا، ذَكَر ذَلِكَ سبحانَهُ ليتَّصفَ به مَنْ أرادَ الوصولَ إليهَا. وفي الأحاديثِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم من ذلك شيءٌ كثيرٌ.

- فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « مَنْ سَلَكَ طريقاً يلتمس فيه عِلْمَاً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة »، رواه مسلم. وله عنه أيضاً أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: « ألا أدلُّكم على ما يمحُو الله به الخطايَا ويرفعُ به الدرجاتِ؟ قالوا: بَلَى يا رسول الله. قال: إسباغُ الوضوءِ على المَكَارهِ وكثرةُ الْخُطَا إلى المساجدِ، وانتظارُ الصلاةِ بعد الصلاةِ ». وله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « ما مِنْكم مِنْ أحدٍ يتوضَّأُ فيُسْبغُ الوضوءَ ثم يقولُ أشهد أنْ لا إِله إلا الله وحده لا شريكَ له وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه إلا فُتِحتْ له أبوابُ الجنةِ الثمانيةُ يدخلُ من أيِّها شاءَ ». وعن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه أيضاً « فيمَنْ تَابعَ المؤذنَ من قلْبه دَخَلَ الجنةَ »، رواه مسلم.

- وعن عثمانَ بن عفَّانَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « مَنْ بَنى مسجداً يبْتغِي به وجهَ الله بَنَى الله لَهُ بيتاً في الجنةِ »، متفق عليه. وعن عُبَادة بن الصامتِ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « خمسُ صلواتٍ كتبهنَّ اللهُ على العبادِ فمن جاءَ بهِنَّ ولم يُضَيِّعْ منهن شيئاً استخفافاً بحقِّهن كان له عندَ الله عهداً أنْ يدخلَه الجنةَ »، رواه الإِمامُ أحمدَ وأبو داودَ والنسائي.

- وعن ثَوْبَانَ رضي الله عنه أنَّه سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عن عَمَلٍ يدخلُه الله به الجنةَ فقالَ: « عليكَ بكثْرَة السجودِ فإنكَ لا تسجد لله سجدةً إلاَّ رَفَعَكَ الله بها درجةً وحطَّ عنك بها خطِيئةً »، رواه مسلم. وعن أمِّ حبيبةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « ما مِنْ عبدٍ مسلمٍ يصلَّي لله تعالى في كلِّ يومٍ اثنتي عَشْرَة ركعةً تطوُّعاً غيرَ فريضةٍ إلاَّ بَنَى الله له بيتاً في الجنةِ»، رواه مسلم. وهنَّ أربعٌ قبلَ الظهر، وركعتانِ بعدَها، وركعتانِ بعدَ المغربِ، وركعتانِ بعدَ العشاءِ، وركعتانِ قبلَ صلاة الصبح.

- وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أنه قالَ لرسول الله صلى الله عليه وسلّم: أخْبِرنِي بعملٍ يدخلُني الجنةَ ويباعدُني عن النارِ. قال: « لقد سَألْتَ عن عظيمٍ وإنه لَيَسيرٌ على منْ يسَّرَهُ الله عليه، تعبدُ الله ولا تشركُ به شيئاً، وتقيمُ الصلاةَ، وتؤتِي الزكاةَ، وتصومُ رمضانَ، وتحجُّ البيت »، (الحديث) رواه أحمدُ والترمذيُّ وصححه. وعن سهلِ بنِ سعدٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « إنَّ في الجنةِ باباً يقالُ له الريَّانُ يدخلُ منه الصائِمون يومَ القيامةِ لا يدخل منه أحدٌ غيرُهُمْ » (الحديث) متفق عليه.

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « العمرةُ إلى العمرةِ كفارةٌ لما بينهما، والحجُ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة »، متفق عليه. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: « مَنْ كان له ثلاثُ بناتٍ يُؤْوِيهنَّ ويرحمهنَّ ويَكفَلُهُنَّ وَجَبَتْ له الجنةُ الْبَتَّةَ. قيل: يا رسولَ الله فإن كانتا اثنتين قال: وإن كانتا اثنتين. قال: فَرَأى بعض القومِ أن لو قالَ: واحدةً لقالَ واحدة »، رواه أحمد.

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سُئِلَ عن أكثر ما يُدْخِلُ الجنةَ، فقال: « تَقْوى اللهِ وحسنُ الْخُلق »، رواه الترمذيُّ وابنُ حِبَّانَ في صحيحه. وعن عياض بن حمارٍ المجاشعيِّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « أهلُ الجنةِ ثلاثةٌ: ذو سلطانٍ مُقْسطٌ متصدِّقٌ موفقٌ، ورجلٌ رحيمٌ رقيقُ القلبِ لكل ذِي قُرْبَى، ومُسْلِمٌ وعَفِيفٌ متَعفِّفٌ ذو عيالٍ »، رواه مسلم في حديث طويل.

- فهذه أيُّها الإِخوان طائفةٌ من أحاديثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم تُبَيِّنُ شيئاً كثيراً من أعْمالِ أهْلِ الجنةِ لمنْ أرادَ الوصولَ إليها.

أسْأل الله أن يُيَسِّرَ لنَا وَلَكُمْ سُلوكَها ويُثَبتَنَا عليها إنهُ جوادٌ كريمٌ وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وآلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ ...أخاكم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.