ينتظر المواطن المصري من الحكومة الإنتقالية الجديدة الكثير، ويعقد عليها مزيداً من الأمال، لتحقيق مفهوم العدالة ، والعيش والكرامة، التي قامت ثورة 25 يناير من أجلها، وجاء يوم 30 يونيو للتأكيد على هذه المطالب، بعد أن أخفق النظام المعزول في تحقيقها، ولعل أبرز حقوق المواطن هو توفير رغيفالخبز، والذي يعتبر أولى أساسيات العيش الكريم.
إلا أن رغيف الخبز، يمر بأزمة حادة الآن بين أصحاب المخابز ووزارة التموين والتجارة الداخلية، بسبب إتجاه الحكومة لتحرير سعر الدقيق، وفصل الإنتاج عن التوزيع، حيث فتح مشروع وزارة التموين الذي يحدد نصيب الفرد من الخبز بنحو5:3 أرغفة يوميا ملف مشاكل الخبز علي مصراعيه والذي بدأ برفض هذا المشروع ثم تلته أزمة مطالبات أصحاب المخابز بالمبالغ المتأخرة الخاصة بالحوافز والتي لم تسدد منذ عام 2009 وتقدر بالملايين حيث تصل مديونية المخبز الواحد حوالي50 ألف جنيه.
وتشير التقديرات الحكومية إلي أن تحرير سعر الدقيق سيوفر المليارات للدولة والتي كانت تضيع بسبب السوق السوداء، كما سيؤدي لوفرة وزيادة المنافسة بين المخابز وتحسين جودة الرغيف وتسهيل وصوله إلي مستحقيه.
الجدير بالذكر بعد ما حدث من إنقلاب عسكري خلال 30 يوينو الماضي والإطاحة بكل مؤسسات الدولة بدءاً من الرئيس محمد مرسي وحتي الدستور ومجلس الشوري وحتي الوزارء فى حكومة الدكتور هشام قنديل, وبالاخص هنا الدكتور باسم عودة الذي قد حقق نجاحاً ساحقاً فى تطوير العديد من الأنظمة التابعة لوزارة التموين والتي بدأت فى التراجع بعد الإنقلاب. كما أن أغلب الأنظمة فى وزارة التموين بدأت فى التراجع بدءاً من رغيف الخبز الذي بدأ فى التراجع مرة أخري, وهناك الكثير من الاخبار والاراء التي تؤكد علي أن رغيف الخبر من المقرر لة أن يرتفع الي 10 قروش لرغيف الخبز.
يقول (ابراهيم الاسيوطي) صاحب مخبز بلدى بمنطقة امبابه، محافظة الجيزه، ان قرار وزارة التموين بتحرير سعر الدقيق وارتفاع سعر الجوال من 8 جنيهات الى 143 جنيهاً، أثر بالسلب على اصحاب المخابز، مضيفا ان الوزراة فرضت على صاحب المخبز مكسب 80 جنيها لكل جوال شاملين تكلفة خبز جوال الدقيق من أجرة العمال وكهرباء ومياة وملح وخميره ومعدات وسولار واجرة مكان وغيرها، كل هذا يدفع اصحاب المخابز لبيع الدقيق بالسوق السوداء لتعويض خسارته، قائلاً: البيع فى السوق السواء لن ينتهى طالما نكسب منها كثيراً.
واشار (الاسيوطي) الى ان المواطن يعاني من عدم توافر رغيف الخبز له، عقب لجوء اصحاب المخابز لبيعه بالسوق السوداء لتعويض خسارته اثر مافرضته عليه وزارة التموين من ارتفاع سعر جوال الدقيق وتحديد سعر تكلفة. " كل شىء فى الدنيا بيغلى الا رغيف الخبز ب 5 قروش من عام 1985حتى وقتنا هذا"
هكذا بدأ "ياسر المحلاوي" صاحب مخبز بلدى، بمنطقة عين شمس، معبراً عن استياءه من قرار الوزاره بتحرير سعر الدقيق وارتفاع سعر الجوال من 8 جنيهات الى 143 جنيها.
وقال "المحلاوي": طالبنا مراراً وتكراراً من الوزاره بإرتفاع سعر رغيف الخبز نظراً لتكلفتة العالية ولكنها رفضت، مضيفاً: أن الوزارة تتحامل على صاحب المخبز دون غيره والمواطن لا يدرك شىء.
كما قال "محمد ضاحي " صاحب أحد المخابز البلدية، يقول: المخابز تتعرض للظلم المستمر من جانب مفتشي مديريات التموين الذين يقومون بتحرير المحاضر ويحددون قيمة المخالفات كما يحلو لهم، برغم أن المخابز هي أكثر الجهات العاملة داخل الدولة.
ويضيف: نتكبد خسارة كبيرة من تكلفة الإنتاج المرتفعة لإنتاج جوال الدقيق وزن 100 كيلو جرام ب85 جنيهاً للجوال الواحد رغم محاسبة الوزارة علي إنتاج الجوال بسعر 60 جنيهاً، لذا يجب حصول صاحب المخبز علي فارق التكلفة بمعدل 25 جنيهاً يومياً عن كل جوال دقيق، هذا في الوقت التي تقوم المخابز بتسلم جوال الدقيق بسعر 16 جنيهاً، وبحساب تكاليف الإنتاج، فالخراط يتقاضي مبلغ 90 جنيهاً والعجان 70 جنيهاً وعجان آخر 70 جنيهاً والطولجي 50 جنيهاً والسحلجي 50 جنيهاً والوكيل 70 جنيهاً والفران 110 جنيهات، بخلاف ثمن الدقيق الذي يقف علينا بسعر 16 جنيهاً.
وطالب "م . ق" صاحب مخبز ببولاق، بالنظر بعين الرأفة لأحوال أصحاب المخابز السيئة وتحديد قيمة الغرامات وعدم تركها مفتوحة حتي لا نكون فريسة سهلة لمن يتحكمون في أرزاقهم، مع ضرورة تعديل البنود الموجودة في العقد المبرم بين أصحاب المخابز والوزارة، نظراً لكثرة الأعباء والضغوط التي يعاني منها أصحاب المخابز بسبب ارتفاع تكلفة إنتاج رغيف الخبز المدعم.
وانعكست تداعيات هذه الأزمة على المواطن البسيط، الذي يعتبر أن توفير رغيف الخبز بجودة عالية وسعر في متناول يده أبسط حقوقه، ويرفض أن يُمس الدعم الحكومي للخبز، بعد تردد أنباء في الفترة الأخيرة عن نية الحكومة رفع سعر رغيف الخبز من 5 قروش إلى 10 قروش.
"خالد سعيد"، لديه 4 أولاد، يقول: الأسعار في البلد أصحبت نار علي ميزانية أي راجل فيكي يامصر، "أنا عايش مع أولادي الأربعة فيهم بنتين علي وش جواز، ده غير مراتي وأنا راجل أرزقي وحالي ماشي بالعافية". ويكمل "الليبى": "أعمل إيه لما تكون الحالة ع القد؟ وبقف في طابور العيش عشان أجيب الرغيف أبو 50 قرش، محدش في البلد حاسس بينا، والله لو عملوا 100 ثورة كل سنة الفقير هيفضل فقير، لأن محدش بيدور، المهم يبعدوا عن رغيف العيش لأن هو ده اللي باقي لنا في بلد ضاعت كل حقوقنا فيها."
وتابع"محمد حافظ "، يعول أسرة مكونة من 5 أفراد، يقول: مرتبي لا يتجاوز مبلغ 750 جنيهاً، وأنا مريض ضغط وسكر وأحتاج إلي علاج شهري يصل إلي 250 جنيهاً، و"سمعنا إنهم هيخلوا رغيف العيش أبو شلن ب 10 قروش، يرضي مين ده ياناس!!، مش كفاية إن المرتب مش مكفي. " ويضيف "حافظ ": أنتظر في طابور طويل أمام المخبز، لكي أحصل علي رغيف الخبز بمبلغ 5 قروش لأني لا أستطيع تحمل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وهو الوحيد الذي نحصل عليه من الدولة، هنجيب منين؟! لما يرفعوا سعره للضعف.
الشيخ "خالد البنخلداوي" لديه ولدان وبنتان ويتقاضي 200جنيهاً معاشاً، ويحتاج إلي شراء خبز ب3 جنيهات يومياً، فيقول: "لو مفيش رغيف العيش المدعم مش هنلاقي ناكل والحمد لله علي نعمته، أهم حاجه الحكومة تمنع بيعه في السوق السوداء، عشان العيش يوصل للي يتسحقه بالسعر العادل"
أما الحاجة "ام ياسين" ، قالت: "زوجي متوفي، ومعاشي 200 جنيه وأعداد أسرتي 5 أفراد، أجيب لهم عيش سياحي بنص جنيه منين؟.. الحمد لله الرغيف المدعوم، عايشين عليه، صحيح أنا ست كبيرة وبتعب من الوقفة في الطابور علشان أجيب ب 2 جنيه كل يوم، بس ربنا يديمها نعمه من عنده، ويارب مايرفعوش سعره.
من جهتها طالبت الشعبة العامة لمخابز القاهرة بصرف المستحقات المالية المتأخرة لأصحاب المخابز من عام 2009، وإعادة النظر فى البنود العقابية، إضافة لزيادة تكلفة إنتاج جوال الدقيق إلى 120 جنيهًا زنة الجوال 100 كيلو جرام بدلاً من 80 جنيهًا. كما طالب الدكتور محمد أبو شادى وزير التموين والتجارة الداخلية، خلال إجتماعه مع غرفة صناعة الحبوب وشعبة المخابز وشعبة المطاحن، بضرورة التكاتف والعمل بروح الفريق لتطوير عمليه إنتاج خبز جيد وتطوير صناعة رغيف الخبز والإنتقال بها نقلة متميزة تحقق رضا المواطن.
وأشار الوزير منقبل إلى ضرورة زراعة القمح بالطريقة التعاقدية لضمان الكمية المنتجة من القمح بما يكفى احتياجات البلاد، علاوه علي متابعه مشكلة التخزين فى الشون الترابية وموقف إنشاء الصوامع لضمان تخزين القمح بطريقة علمية سليمة حفاظا على سلعة القمح. ووعد وزير التموين والتجارة الداخلية بإعادة النظر فى منظومة الخبز الجديدة وإصلاح أى خلل فيها ضمانا لإنتاج كامل الكمية وإحكام حلقة تسليم الخبز للمواطنين.
وكشف محمد رضا, صاحب مخبز، عن إتفاق بعض أعضاء الشعبة مع وزير التموين والتجارة الداخلية، على دفع متأخرات 9 أشهر حافز الجودة وفرق سعر السولار، على 3 دفعات أولها الأسبوع الحالي، حيث سيتم صرف 3 أشهر من المتأخرات.
وأوضح ''رضا'' أن هناك اتجاه لرفع سعر رغيف الخبز المدعم إلى 10 قروش تدريجياً خلال الفترة القادمة بشكل لا يسبب ضرراً للمواطن، مع زيادة وزن الرغيف في الوقت نفسه. ويقول المهندس محمود عبدالعزيز، مدير مديريه التموين بالقاهرة: "أننا نقوم بعمل متابعة ميدانية من قبل مفتشي التموين الذين يقومون بالرقابة التموينية علي السلع المدعمة كالدقيق وتحرير المحاضر يومياً."
وأضاف: "يتم تحديد الغرامات المالية حسب نوع المخالفة في العقد المبرم بين أصحاب المخابز والتضامن وفي أحيان أخري تخصم نسبة من حصة الدقيق المدعم من صاحب المخبز المتعطل الذي يوجد لديه دقيق كفاية" . وأعرب مدير مديرية التموين، عن أسفه الشديد من بعض المخابز التي تتلاعب بالمواصفات أو تهرب الدقيق، قائلاً: "يمكننا ضبط تلك المخابز بسهولة، ويتم غلقها في الحالات الصارخة التي يباع فيها الدقيق المدعم وحدوث تجاوزات في وزن رغيف الخبز عن 30 جراماً، أو التعدي علي حملة تفتيشية ويتم إغلاق المخبز لمدة شهرين وتحويل حصته من الدقيق لأقرب مخابز مجاورة إليه لكي يتم ردعه."