أنديرا غاندي.. مارغريت ثاتشر.. بينازير بوتو.. علامات تاريخية فارقة لكنهن لسن سوى قمة هرم لا يزال في طور التشكيل.. هرم من الجيل النسائي الجديد الذي استطاع أن يثبت لكل نساء العالم أن العمل الجاد والدراسة والمثابرة والتصميم على تحقيق الأهداف الكبيرة لا بد من أن يعطي ثماره عاجلاً أو آجلاً. غاندي وثاتشر وبوتو وصلن إلى المراكز القيادية في بلادهن عبر صناديق الاقتراع الحر، فأثبتن أن المساواة بين الرجل والمرأة لا يمكن حصرها في المكاتب والقاعات بل لا بد من أن تكون شاملة في كل المجالات بما فيها المراكز القيادية. المسألة لا تقتصر على الدول الثلاث فقط لأن رياح التغيير قد هبت في مشارق الأرض ومغاربها، فالمرأة في العديد من الدول تجاوزت الكثير من الخطوط الحمر التي وضعها الرجل طوال قرون.. ففي تسع عشرة دولة تنتشر في كل القارات توجد نساء يتربعن على القمة. وفي ما يلي الجزء الثالث والأخير من النماذج النسائية المضيئة: أتيفت جاهجاكا - رئيسة كوسوفو من مواليد 20 أبريل 1975 تولت رئاسة الجمهورية في هذا البلد ذي الأغلبية الإسلامية في السابع من أبريل 2011 وقد لاقى انتخابها جدلاً داخلياً وترحيباً أميركياً وأوروبياً. ويقال إن اسم رئيسة الجمهورية التي تتحدر من عائلة مسلمة هو عاطفة يحيى آغا، لكن لفظ الاسم باللغة الألبانية يظهره على أنه أتيفت جاهجاكا. وهي أول امرأة تتولى رئاسة كوسوفو، ورابع رئيس للجمهورية في بلادها التي تصر جمهورية صربيا على أنها جزء لا يتجزأ منها، وترفض الاعتراف باستقلالها على الرغم من اعتراف 88 دولة بهذه الجمهورية التي أعلنت استقلالها في 17 فبراير 2008. تعتبر رئيسة كوسوفو التي لا تنتمي الى أي حزب سياسي أصغر من تولى رئاسة الجمهورية عبر انتخابات حرة في العالم،كما أنها أول امرأة تتولى الرئاسة في دول البلقان. سبق لرئيسة الجمهورية التي تخرجت من جامعة بريستينا بشهادة في القانون أن انضمت الى شرطة كوسوفو وأتمت دورات تدريبية عسكرية وأمنية مكثفة في بريطانيا والولاياتالمتحدة وفي المركز الأوروبي للدراسات الأمنية في ألمانيا وفي أكاديمية مكتب التحقيقات الاتحادي (إف. بي. آي) الأميركي. بعد انتهاء حرب كوسوفو عملت أتيفت مترجمة مع الشرطة الدولية التي نشرت في بلادها، ثم التحقت بالمعاهد العسكرية المتخصصة إلى أن تخرجت برتبة ضابط. وبسرعة ارتقت السلم إلى أن أصبحت برتبة لواء في الشرطة وتسلمت منصب نائب رئيس الشرطة قبل خوض الانتخابات الرئاسية. في السابع من أبريل 2011 انتخبها البرلمان المؤلف من مائة عضو بأغلبية 80 صوتاً في حين حصلت منافستها الوحيدة على عشرة أصوات مع امتناع عشرة أعضاء عن التصويت. وفي خطاب القسم الدستوري أمام البرلمان أكدت أن هدفها الرئيسي هو ضمان عضوية بلادها في الاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة وصداقة دائمة مع الولاياتالمتحدة. رئيسة الجمهورية متزوجة وليس لديها أطفال وهي تعيش مع زوجها كما تؤكد وسائل الإعلام في بلادها في شقة متواضعة مستأجرة، ولا يملك الزوجان أي عقارات أو أرصدة. ديلما روسيف - رئيسة البرازيل من مواليد 14 ديسمبر 1947 وهي الرئيسة السادسة والثلاثون للجمهورية في البرازيل وأول امرأة تتولى هذا المنصب في بلادها. وقبل رئاسة الجمهورية كانت أول امرأة في العالم تتولى رئاسة أركان الجيش، وهو المنصب الذي عينها فيه الرئيس السابق لويس لولا دي سيلفا. وكانت ابنة المهاجر البلغاري قد نشأت في أسرة غنية لكنها اعتنقت الأفكار الاشتراكية في صباها، وبعد الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1964 التحقت بمجموعات ماركسية - لينينية اختارت الوسائل المسلحة لمقارعة الحكم العسكري، وقد اعتقلت أكثر من عشر مرات وتعرضت للتعذيب بالكهرباء، ووصفتها وسائل الإعلام الحكومية حينذاك بأنها «جان دارك المجموعات التخريبية». أمضت ديلما أكثر من عشر سنوات متخفية عن أنظار البوليس السياسي ومتنقلة من مكان إلى مكان لتجنب الاعتقال. بعد إطلاق سراحها عادت إلى نشاطها السياسي والعسكري ضمن المجموعات السرية، وتعرفت على كارلوس أرويجو الذي تعيش معه حتى الآن من دون زواج، وقد سبق لها أن تزوجت وطلقت مرتين. بعد سقوط الحكم العسكري اتجهت إلى العمل السياسي من خلال حزب العمل الديموقراطي الذي شاركت كارلوس في إنشائه وتولت وزارة الخزانة ثم تسلمت وزارة الطاقة لكنها تركت الحكومة بعد خلاف وانضمت الى حزب الشغيلة اليساري. في عام 2002 اصبحت ديلما عضواً في اللجنة المسؤولة عن الطاقة في البلاد ثم وزيرة للطاقة مرة ثانية وبقيت في هذا المنصب حتى 31 مارس 2010 لكي تتفرغ للانتخابات الرئاسية بدعم قوي من الرئيس لولا دي سيلفا. وبالفعل فازت بالمنصب في الانتخابات التي أجريت في أكتوبر 2010. سيسي ميريام كايداما سيديبي - رئيسة وزراء مالي من مواليد 4 يناير 1948 وهي أول امرأة تتبوأ منصب رئاسة الحكومة في بلادها منذ تعيينها في الثالث من إبريل 2011. سيديبي هو اسم عائلتها أما سيسي فهو اسم عائلة زوجها حسب العادات المتبعة في جمهورية مالي الأفريقية. تلقت ميريام تعليمياً جامعياً في مالي وفي العديد من الدول الأوروبية بينها فرنسا وبلجيكا وإيطاليا بالإضافة الى كندا قبل العودة إلى بلادها حيث شغلت مناصب حكومية إلى أن تم تعيينها نائبة لوزير التخطيط والتعاون الدولي عام 1998، ومن ثم مستشارة خاصة لرئيس الجمهورية. في السنوات التالية شغلت ميريام العديد من المناصب الحكومية الرفيعة ومنها حقيبة وزارة الاقتصاد وحقيبة وزارة التطوير المدني ورئيسة اللجنة العالمية لمكافحة التصحر وهي لجنة منبثقة عن الأممالمتحدة. في 30 مارس 2011 أعلن رئيس الجمهورية إقالة رئيس الحكومة وحل مجلس الوزراء. وبعد أربعة أيام أي في 3 أبريل عين رئيس الجمهورية سيسي ميريام كايداما سيديبي رئيسة للوزراء. وقد أحيط تعيينها في هذا المنصب بكثير من علامات الاستغراب إذ إنها قليلة الخبرة في العمل السياسي كما يقول كثيرون لكن نسبة كبيرة من المراقبين يقولون إن الرئيس أراد بهذا التعيين استمالة الصوت النسائي وتمهيد الطريق أمام رئيسة الوزراء للفوز في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في يوينو المقبل. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة اضطرت في الفترة الأخيرة تحت ضغط واحتجاجات من جانب المحافظين والمتشددين الى سحب مشروع قانون كانت قد عرضته عام 2009 يهدف الى ضمان حقوق المرأة ومساواتها الكاملة مع الرجل. ينغلوك شيناواترا - رئيسة وزراء تايلند من مواليد 21 يونيو 1967 وهي سيدة أعمال وعضو في حزب «فيوثاي» قبل أن تصبح بعد انتخابات عام 2011 الرئيسة الثامنة والعشرين للحكومة في هذه الدولة ذات النظام الملكي، كما أنها أول امرأة تصل الى رئاسة الحكومة التايلندية وأصغر من تولى هذا المنصب حتى الآن. تحمل رئيسة الحكومة عدة شهادات جامعية في إدارة الأعمال وقد شغلت عدة مناصب قيادية في الشركات التي يملكها شقيقها الأكبر ثاكسين شيناواترا الذي تولى في وقت لاحق رئاسة الوزارة إلى أن أزاحه الجيش وغادر البلاد إلى منفى اختياري بعد أن اتهمه المجلس العسكري بالفساد وسوء استخدام السلطة. حل العسكريون حزب «قوة الشعب» الذي يتزعمه ثاكسين ومنعوا بقية زعمائه من ممارسة أي نشاط سياسي وذلك بقرار من المحكمة الدستورية العليا، لكن بعض أعضاء الحزب تمكنوا في ديسمبر 2008 من إنشاء حزب «فيوثاي»، وطلبوا من ينغلوك شيناواترا تزعم الحزب الجديد، لكنها رفضت وأصرت على أنها تريد التركيز على أعمالها التجارية. في 11 مايو 2011 أعلن حزب «فيوثاي» الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع رئيس الوزراء المنفي تسميتها لمنصب رئيس الوزراء في الانتخابات التي تقرر إجراؤها في شهر أغسطس من العام نفسه، وفاز فيها بأغلبية كبيرة بلغت 265 مقعداً من أصل 500. ويقال إنها المرة الأولى التي يفوز فيها حزب بمفرده في تايلند بمثل هذه الأغلبية. إيفيتا راديكوفا - رئيسة وزراء سلوفاكيا من مواليد 7 ديسمبر 1956، وفي 8 يوليو 2010 أصبحت أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في بلادها، وذلك بفضل زعامتها لتحالف يضم أربعة أحزاب يمينية، لكنها خسرت تصويتاً برلمانياً في أكتوبر الماضي مما حتم الإعلان عن تنظيم انتخابات مبكرة من المقرر إجراؤها في العاشر من مارس الجاري. تحمل راديكوفا شهادتي دكتوراه في الفلسفة وعلم الاجتماع وهي أرملة بعد أن توفي زوجها الذي كان واحداً من أبرز الممثلين الكوميديين في سلوفاكيا.. تجيد العديد من اللغات بينها الإنكليزية والروسية والألمانية والبولونية بالإضافة الى لغتها الأم السلوفاكية. عملت في أكاديمية العلوم السلوفاكية من عام 1979 حتى عام 1989، وفي عام 1990 التحقت بجامعة أكسفورد البريطانية لدراسات ما بعد الدكتوراه، وبعد عودتها إلى بلادها أنشأت مركزاً متخصصاً لتحليل السياسات الاجتماعية تولت رئاسته، وفي الوقت نفسه واظبت على تدريس الفلسفة وعلم الاجتماع في جامعة «كومينيس». في عام 1990 بدأت راديكوفا أول نشاط سياسي لها، وذلك بانضمامها الى حركة «الناس ضد العنف» التي سرعان ما أصبحت الناطقة الرسمية باسمها. في عام 2005 تولت أول حقيبة وزارية وهي وزارة العمل، ثم تولت وزارة الشؤون الاجتماعية والأسرة. وفي العام التالي فازت بعضوية البرلمان. بعد انتخابات 2006 بات تحالف الحزب الديموقراطي وحزب الوحدة الديموقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه جزءاً من المعارضة وما لبثت أن تولت منصب نائبة زعيم هذا التحالف. في عام 2009 أعلن التحالف عن تسميتها كمرشحة وحيدة لرئاسة الحكومة المقبلة التي ستنبثق عن الانتخابات المقرر إجراؤها في 21 مارس من العام ذاته، لكن التحالف فشل في تحقيق الفوز في المرحلة الأولى من تلك الانتخابات كما فشل في انتخابات الإعادة. كذلك اضطرت راديكوفا الى الاستقالة من عضوية البرلمان بسبب فضيحة تم خلالها تزوير ورقة انتخاب باسم عضو في البرلمان تغيب عن حضور الجلسة. وفي انتخابات 2010 تكرر فشل التحالف المكون من أربعة أحزاب لكن الحزب الفائز فشل هو الآخر في تكوين تحالف قادر على تحقيق الأغلبية البرلمانية.. وفي النهاية لم يكن هناك من حل لهذه المعضلة سوى تكليف راديكوفا بتشكيل الحكومة التي تحظى بأغلبية 79 صوتاً من أصل 150 هم عدد أعضاء البرلمان. إفلين ويدمرشلومب - رئيسة الاتحاد السويسري من مواليد 16 مارس 1956 وهي محامية تخرجت من جامعة زيوريخ عام 1981 وعملت في مجال تخصصها من عام 1987 حتى عام 1998. في عام 1985 تم انتخابها لعضوية مجلس القضاء في مقاطعة «غريسون» بوصفها ممثلة لحزب الشعب.. وفي عام 1998 جرى انتخابها لتكون عضواً في حكومة المقاطعة كوزيرة للاقتصاد، وهي أول امرأة تصل إلى هذا المنصب. في انتخابات 2007 فازت إفلين بعضوية مجلس الرئاسة السويسري وتسلمت حقيبتي العدل والشرطة، وفي وقت لاحق تسلمت حقيبة وزارة الاقتصاد. لكن المفاجأة التي لم يكن أحد يتوقعها تمثلت في مطالبة حزبها لها بالاستقالة فوراً وقد اتهمها العديد من زعمائه بخيانة الحزب لأنها قبلت الفوز في انتخابات من دون الحصول على موافقته ودعمه في تلك الانتخابات وحين رفضت الاستقالة قرر الحزب طردها من بين صفوفه بل طرد معها كل قياديي الحزب في إقليم «غريسون» فما كان من هؤلاء ومعهم إفلين إلا أن شكلوا حزباً جديداً باسم الحزب السويسري الديموقراطي المحافظ. في عام 2011 انتخبت إفلين لمنصب نائب رئيس المجلس الرئاسي للاتحاد السويسري. وفي 14 ديسمبر 2011 انتخبت رئيسة للاتحاد وهو المنصب الذي تسلمته رسمياً في الأول من يناير الماضي وستبقى تشغله طوال العام الحالي إذ إن الرئاسة سنوية ومداورة بين أعضاء المجلس.