في مالي الإفريقية التي لا يتجاوز عدد سكانها15 مليون نسمة يدين منهم80% بالإسلام, شهد مطلع الشهر الحالي اختيار الرئيس المالي أمادو( أحمد) توماني توري لإحدي مستشاراته السابقات السيدة مريم كايداما سيسيه- سيديبي كأول رئيسة للوزراء في تاريخ البلاد لتحل محل موديبو سيديبي(58 عاما), الذي استقال الاسبوع الماضي بعد أن أمضي4 سنوات في منصبه, في إطار ما يتردد عن أنباء تتعلق باحتمال ترشح موديبو سيديبيه إلي الانتخابات الرئاسية, وذلك في ظل تأكيدات الرئيس الحالي- العاشق للمفاجآت كما يصفه البعض- والذي تسلم السلطة في2002- تخليه عن الرئاسة في نهاية فترته المقررة هذا العام, وأنه لا يعتزم تعديل الدستور ليسمح له بالترشح لفترة ثالثة. ويأتي تعيين سيسيه- سيديبي بعد4 أيام من استقالة رئيس الوزراء السابق المفاجئة في سابقة تشهدها مالي للمرة الأولي في تاريخها, والذي قابله تقليص عدد الحقائب الوزارية الممنوحة للنساء, في دولة هي ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا وإحدي الدول الرئيسية في زراعة القطن, وإن كانت تقع في الوقت نفسه وطبقا للامم المتحدة في قائمة أقل البلدان نموا في العالم, وهو الموقع الذي لم تتراوح عنه منذ تخلصت من الاستعمار الفرنسي في عام.1960 وتعد مريم سيسيه- سيديبي إحدي النساء المهنيات الناجحات حيث تلقت تعليمها في مالي ثم استكملته في عدة بلدان منها فرنسا وبلجيكا وكندا وإيطاليا, وتجيد الفرنسية والإنجليزية إلي جانب عدد من اللهجات المحلية ومنها بامبارا والفولانية, وتفهم بعض العربية لانتمائها للإسلام. وهي من مواليد تومبكتو الواحة المالية الشمالية الشهيرة التي ارتبطت بالعلاقات التجارية مع العالم الإسلامي, وكانت إحدي مناطق الإشعاع الثقافي والديني في غرب أفريقيا قبل عدة قرون, والتي تحولت وما حولها لاحقا إلي معقل للتيار المحافظ في غرب إفريقيا, ولذا استقبل خبر تعيين مريم سيسيه- سيديبي بتحفظ, وخاصة بعد الجدل الذي دار في2009 حول الإصلاحات المحتملة في قانون الأحوال العائلية وما يتعلق بحقوق المرأة, وهو ما قوبل بمعارضة شديدة أدت للتوقف. وإن كان البعض يري في رئاسة سيسيه-سيديبي مناورة من جانب الرئيس الحالي وحزبه, إلا أن البعض يراها مسئولة عن مرحلة انتقالية لمدة تزيد قليلا علي العام لحين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية, وذلك دون مسئوليات كبيرة أو قرارات مرحلية. وتبلغ مريم سيسيه-سيديبي من العمر نحو60 عاما, وهي زوجة وأم لأربعة أبناء, وقد شغلت عدة مناصب حكومية مهمة كان من بينها: مستشارة للرئيس الحالي في بداية عقد التسعينيات, وهو ما أهلها كوزيرة للتخطيط والتعاون الدولي في حكومة1991 الانتقالية, ثم تولت حقيبة وزارة الزراعة لمدة شهرين في1993, قبل أن تنتقل إلي واجادوجو في بوركينا فاسو كأمين عامة للهيئة المشتركة ضد التصحر في غرب إفريقيا. وفي2001 بعد عودتها إلي البلاد, تم تعيينها مرة أخري مستشارة للرئيس توري قبل أن تشغل منصب وزيرة التنمية الريفية, وسرعان ما تم انتدابها رئيسة لمجلس إدارة شركة التبغ المالية. وعلي الرغم من التاريخ الوظيفي شديد المهنية لمريم سيسيه-سيديبي إلا أنها لا تتمتع بشهرة أو شعبية حيث أنها لم تنتم لحزب سياسي بعينه, ولم يعرف عنها كونها مدافعة منخرطة في مجال حقوق النساء والأطفال باعتبارها امرأة شمالية هادئة الطباع- كما تصفها الناشطات النسائيات من الجنوب المالي-, مما يجعل من قبول التيار المحافظ لها أمرا ممكنا ويسهل مهمتها المؤقتة, علي شرط عدم الخوض في مناقشات حول حقوق المرأة والطفل والأسرة في المجتمع المالي, وهو ما سيترك أمر مناقشته وإصلاحه لاحقا للرئيس القادم وفريق عمله, ربما تتغير الظروف ويصبح بالإمكان التطرق إلي تلك الموضوعات التي تتسم بالحساسية والجدل في المجتمع المالي المحافظ.