المعتصمون فى إشارة رابعة العدوية، هم الأمل الأخير الباقى، للجماعة اللعوب الشهيرة بجماعة الإخوان المسلمين، فالاعتصام فى حد ذاته، يشعر مرشد الجماعة الهارب من العدالة، بالأمن والأمان، والوضع نفسه ينطبق على صفوت حجازى والبلتاجى المطلوبين، فلو انفض الناس من حولهم، سيتم القبض عليهم، ولو انفض الناس وافترضنا أنهم نجحوا فى الهروب، ستضيع أداة الضغط الوحيدة الباقية بعد أن أجهز الأمريكان على البقية الباقية من الأمل فى نفوسهم. بات قيادات الجماعة يعيشون حالة من اليأس بعد أن انقطع الرجاء، من العودة إلى سدة الحكم، بعد أن لفظهم الشعب المصرى وطردهم شر طردة، بخروج 33 مليون مواطن يطالب بإسقاطهم.
الآن، انحسرت دولة الإخوان وتقزمت – فوق تقزمها – لتكون سفارتها ومكان الإقامة الأساسى لها فى الإشارة، إشارة رابعة، التى يحشدون لها المصريين الغلابة ممن لا يجدون أقوات يومهم، فمثلما لعبوا على وتر احتياج المواطن للزيت والسكر، الآن يلعبون على احتياجه وفقره الذى أزادوه برئيسهم النحس، وحكومتهم ذات المشى البطال.
صفقة الإخوان والغلابة، مفادها خمسمائة جنيه يحصل عليها الفرد فى الأسبوع نظير البقاء فى الإشارة والهتاف للرئيس التائه الذى لا يعرفون له مكاناً، وكأنه فص ملح وذاب، والهتاف ضد الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع، الرجل الذى نزع ملكهم انتزاعا، وأعادهم إلى مكانهم الحقيقى، سواء فى السجون، أو الهروب فى الشوارع والأزقة وإشارات المرور.
المجحف فى عقد اتفاق الإخوان مع العالقين فى إشارة رابعة، أن الاتفاق من طرف واحد، قالوا للناس سننزل للتظاهر، ولم يخبروهم بنية الاعتصام، أكدوا لهم فى البداية أنهم سيعودون إلى منازلهم فور انتهاء المظاهرة، ثم حنثوا بوعودهم كعادتهم الدائمة كجماعة كاذبة لا تفى بوعد ولا تنطق صدقا.
الآن، نحن ننتظر ثورة جديدة، فى إشارة رابعة، ننتظر ثورة الغلابة، ممن منحوهم البطاقات الشخصية لإدراج بياناتهم فى كشوف المساعدات ثم رفضوا إرجاع إثبات الشخصية لهم، وعندما يحاول أحدهم الخروج يسأله حراس سجن الإخوان الجديد فى رابعة عن البطاقة، ولما لا يجد الشخص معه إثبات شخصيته، يرفض خروجه، بل ويهدده بالقتل حال حاول التسلل للخارج.
لعبة البطاقة الشخصية، فضحت النية السيئة للإخوان مع الغلابة، فهم ليسوا من الأنصار وليسوا من الجماعة، فليموتوا إذن، ماداموا ليسوا من بين صفوفهم، يغيبون عن أهلهم وذويهم ويبيتون فى الشارع فوق التراب، ويعيشون فى خيام غير آدمية، كل ذلك لا يهم، مادام شخص مثل صفوت حجازى، يأكل خمسة قطع لحم فى اليوم، ومادام المرشد العام فى خيمة أشبه بخيمة الملوك، تلفاز، ودش ومراوح وكمبيوتر وسرير فاخر، المهم أن يرتاح المرشد ويرتاح حجازى والبلتاجى وليموت من يموت.
لكن رغم كل ذلك، فالأعداد تتناقص بشكل شبه يومى، ما دفع قيادات الجماعة اللعوب للاستعانة بمن هم أكثر فقرا من الفقراء أنفسهم، وذهبوا بتريلات كبيرة لتحميلها بعمال التراحيل الذين يخرجون قبل شروق الشمس للبحث عن أقوات أبنائهم وسد قرصة الجوع فى أحشائهم، وللأسف يقبل عمال التراحيل، فالهتاف لشخص ولو يكرهونه أهون وأقل تعبا من شغل «العتالة» الذين اعتادوا عليه، والهتاف ضد السيسى الذى لا يعرفون حتى منصبه ولا من هو مفيد طالما سيأتى بالمال الذى يسد جوع العيال.
لكن حتى عمال التراحيل تم حبسهم فى سجن رابعة، أولا لكونهم من أصحاب البنية القوية من ناحية، ولكونهم يستطيعون خلع الأرصفة وبناء الأسوار التى يختفى خلفها الجبناء من الإخوان المجرمين.
أخيرا.. سيستميت الإخوان لبقاء السفارة فى الإشارة، فهى طريقة الضغط الوحيدة الباقية، هكذا يظنون، لكن أغلب الظن أن كل حساباتهم خاطئة، فاليوم الجديد – حتما – به حدث جديد.