إقرار قانون الصوت الواحد من قبل المحكمة الدستورية في الكويت حدث مفصلي محدد للمستقبل السياسي في البلاد، وإيذان أيضا بتعمق هوة الخلاف، واشتداد الصراع بين الحكومة وموالاتها، من جهة، والمعارضة وأنصارها، من جهة مقابلة.
الكويت – أقرت المحكمة الدستورية الكويتية أمس، بدستورية المرسوم الذي كان أمير البلاد قد أصدره، وقضى بتغيير القانون الانتخابي، وجرت بقتضاه انتخابات برلمانية أفضت إلى مجلس مشكّل من غالبية موالية للحكومة.
ومثّل الحكم إيذانا بتواصل الصراع بين الحكومة الكويتية، ومعارضتها، من مختلف الأطياف، والتي لم تتأخر مواقف رموزها وأنصارها في مهاجمة قرار المحكمة، على المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي.
وفي ظلّ أجراءات أمنية مشددة استبقت صدور الحكم، وعكست أهمية الحدث بالواقع السياسي الكويتي، كونه سيكون مؤثرا بمعالم مستقبل الديمقراطية في البلد الخليجي، قضت المحكمة،
التي تعتبر أعلى سلطة قضائية بالبلاد، بتأييد دستورية المرسوم الأميري المذكور، إلا أنها قضت في المقابل بإبطال الانتخابات التشريعية الأخيرة التي نظمت في ديسمبر الماضي،
وبحل البرلمان الحالي الموالي للحكومة، مستندة إلى عدم دستورية، مرسوم ثان كان أنشأ اللجنة التي تولت الإشراف على تنظيم تلك الانتخابات.
وكما كان منتظرا، فقد فجر القرار الذي يعد في غير صالح المعارضة الكويتية، التي بدا وأنها خسرت جولة هامة من الصراع، موجة من الرفض والاعتراض من قبل المعارضين وأنصارهم،
وصلت حد اتهام المحكمة الدستورية بالخضوع للإملاءات السياسية. وقال أحد المغردين على «تويتر» إن المحكمة «احتالت» على القضية بأن حلت الفرع وأبقت على الأصل.
وشرح أنه تم حل البرلمان، فيما تم إقرار القانون الذي سيأتي بنفس المجلس عند إعادة الانتخابات. وعلق «العملية كلها مضيعة للوقت والمال».
وتلا رئيس المحكمة القاضي يوسف المطاوعة أمس الحكم الذي يدعو أيضا إلى إجراء انتخابات تشريعية جديدة، قال خبراء قانونيون إن موعدها يجب أن لا يتجاوز الستين يوما. وهذه هي المرة الثانية التي تلغي فيها هذه المحكمة، التي لا يمكن نقض أحكامها، الانتخابات في الكويت في غضون سنة واحدة.
ونظرت المحكمة خصوصا في دستورية أو عدم دستورية مرسوم كان أصدره امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح في أكتوبر الماضي بعد حله البرلمان، وتم من خلاله تعديل قانون الدوائر الانتخابية بخفض عدد المرشحين الذين يحق للناخب انتخابهم، من أربعة في القانون السابق، إلى مرشح واحد فقط.
وبعد صدور المرسوم، تأججت الأزمة السياسية المستمرة في الكويت منذ 2006 والتي شهدت عدة جولات من التظاهرات في الشارع.
وحسب ملاحظين، فإن صدور حكم الأمس، بمثابة إعلان عن تواصل الصراع بين الحكومة الكويتية ومعارضتها.
وبدت السلطات الكويتية حذرة من إمكانية التصعيد بالشارع وذلك من خلال الإجراءات الأمنية المشددة التي لوحظت أمس في الأماكن الحساسة من العاصمة الكويتية، لا سيما حول مقر المحكمة الدستورية.
وترفض المعارضة تعديل قانون الدوائر الانتخابية الذي بات يعرف ب»مرسوم الصوت الواحد»، وقاطعت الانتخابات الأخيرة التي نظمت في ديسمبر 2012، ما أدى الى برلمان موال للحكومة بشكل كامل.
وطبقا للمادة 71 من الدستور، يحق للأمير إصدار التشريعات في غياب البرلمان فقط في حالة الضرورة واتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير.
واعتبرت المعارضة بمختلف أطيافها، الإسلامية والوطنية والليبرالية أن التعديل غير دستوري لأنه لم تكن هناك حالة ضرورة أو أمر طارئ بالإضافة إلى أن التعديل يمكن الحكومة من التحكم في تركيبة البرلمان.
وفيما أيدت المحكمة دستورية المرسوم الأميري المتعلق بالتصويت لمرشح واحد، قررت إلغاء الانتخابات الأخيرة على أساس الطعن في مرسوم أميري آخر تم بموجبه تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات.
وبحسب تفاصيل الحكم، اعتبرت المحكمة أن المرسوم الثاني المتعلق بتشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات غير دستوري، وبالتالي أبطلت الانتخابات وحلت البرلمان. كما حكمت المحكمة بعدم إلغاء القوانين التي أصدرها البرلمان المنحل.