منذ اغتيال الرئيس جون كينيدي في العام 1963 ونظريات المؤامرة تُلقى يمنة ويسرة. على أن الأمر يختلف هذه المرّة لأن «شاهدًا من أهلها»، وهو سابقًا نائب جمهوري عمل مساعدًا للرئيس ريتشارد نيسكون، يتهم الرئيس ليندون جونسون بأنه دبّر الأمر شخصيًا.
صلاح أحمد: بين الأقاويل العديدة التي صاحبت اغتيال الرئيس الأميركي جون إف كينيدي، ولا تزال تضاف إلى كم هائل من نظريات المؤامرة، يبرز كتاب مهم صنع عناوين رئيسة في عدد من كبريات الصحف والمجلات الأميركية والبريطانية.
السبب في هذا هو أن مؤلف الكتاب يتهم الرئيس ليندون ب. جونسون بأنه هو الذي يقف وراء إحدى أشهر عمليات الاغتيال في القرن العشرين. ويقول إن الرئيس السابق لم يدبّر الاغتيال وحسب، بل تولى بنفسه إعداد السيناريو المميت، بما فيه أدق التفاصيل، ثم سار في جنازته، وجلس على كرسيه في البيت الأبيض (1963 – 1969)، بحكم أنه كان نائبه.
لكن، حتى هذا بحد ذاته ليس هو سبب الضوء المسلط على الاتهام. ذلك أن نظريات المؤامرة السابقة ورّطت كل شخص ذي علاقة بالسلطة في أميركا الستينات، بمن فيهم ليندون جونسون نفسه.
على أن الجديد هذه المرة هو أن الاتهام يأتي من خبير استراتيجي بارز، هو روجر ستون، الذي كان عضوًا في الكونغرس ومساعدًا للرئيس ريتشارد نيكسون (خليفة جونسون من 1969 إلى 1974).
ووفقًا للصحافة البريطانية، نقلًا عن موقع «ديلي كولر» الإخباري الأميركي، فإن ستون (61 عامًا) لا يصدر اتهامه في مجرد مقال سريع، وإنما في كتاب مخصص بكامله لهذه المسألة، اختار له عنوان The Man who killed Kennedy - the case against LBJ «الرجل الذي قتل كينيدي – الأدلة ضد إل بي جيه» (مختصر اسم جونسون). وسيصدر هذا الكتاب في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
يزعم ستون، الذي كان أيضًا في مجلس النواب وقتها، في كتابه، أن جونسون «تدخل شخصيًا ليعيد بنفسه رسم مسار الموكب، الذي أُعد للرئيس كينيدي في ظهيرة 22 نوفمبر / تشرين الثاني 1963 خلال زيارته دالاس، تكساس. وكان مما عدّله أن يمر الموكب بجادة «ديلي بلاتزا». وهذا هو الموقع الذي اغتيل فيه الرئيس، بعدما أطلق عليه لي هارفي أوزوالد الرصاص من بندقية قنّاصة من مبنى كان مخزنًا للكتب، ويطل على تلك الجادة.
ويقول المؤلف إن جونسون، ونيكسون، كانت تربطهما علاقات، تثبتها وثائق عدة، بجاك روبي، وهو الرجل الذي أطلق النار على هارفي أمام أعين العالم في قبو تابع لمقر شرطة دالاس العام في 1963 أيضًا. ويضيف أن هذه العلاقات بين الرجلين، اللذين صار كل منهما رئيسًا للولايات المتحدة، وقاتل أوزوالد تعود إلى سنوات طويلة قبل تلك الأحداث الشهيرة. مخطط مرسوم بدقة
تبعًا لستون ففي العام 1947 كلف جونسون (عضو الكونغرس وقتها) نيكسون (عضو المجلس نفسه) استئجار خدمات جاك روبي في مجلس النواب براتب شهري محدد. ويقول المؤلف إنه يملك وثائق تثبت هذا الأمر، وإنه ضمّنها كتابه المقبل، الذي أنجزه بالاشتراك مع الكاتب مايك كولابيتيرو.
ويوم الثلاثاء الماضي، حثّ هذا السياسي السابق، الجمهور، من صفحته على موقع «فايسبوك»، على شراء نسخ كتابه، قائلًا إنه سيكشف فيه عن الكثير من الأمور التي ظلت مغلّفة بالغموض أو ضُرب حولها ستار من السرية حتى الآن. بين ما يزعمه ستون أن جونسون اختار دالاس بعناية رغم أن جولة كينيدي شملت أيضًا زيارته أوستن وهيوستن. وفي تنسيق كامل مع حاكم تكساس وقتها جون كونولي، رسم بدقة مسار موكب كينيدي، بحيث يمر بجادة ديلي بلاتزا، ويتوقف لبرهة في النقطة التي أطلق فيها النار عليه بالضبط.
الاسم الحقيقي لجاك روبي هو جاكوب ليون روبنشتاين، الذي انتقل من مسقط رأسه شيكاغو إلى دالاس في 1947. وهذا هو العام الذي يقول ستون إن نيكسون عيّنه براتب شهري في مجلس النواب بناء على طلب مباشر من جونسون.
وقد توفي هذا الرجل بالانسداد الرئوي في يناير/كانون الثاني 1967، بعد ما يقلّ عن أربع سنوات منذ «إعدامه» لي هارفي أوزوالد برصاص مسدسه «لأن الحزن على اغتيال كنيدي أعماني» هذا ما قاله دفاعًا عن فعلته. وفي يناير 1973 توفي جونسون بسكتة قلبية، وتبعه نيكسون في إبريل/نيسان 1984 بعد أربعة ايام من إصابته بسكتة دماغية. هكذا يكون المتهم الرئيس في قتل الرئيس كنيدي (جونسون) والرجلين الآخرين اللذين يوجّه إليهما الكاتب اتهام القيام بدورين متفاوتين في اغتيال الرئيس الديمقراطي في عداد الأموات. والمعلومات المتوافرة حتى الآن لا تشرح السبب وراء انتظار مؤلف «الرجل الذي قتل كنيدي» كل هذه السنوات، ليوجّه اتهامه إلى أشخاص لا يستطيعون رد التهم عنهم.
على أن هذا كله لا ينتقص من قيمة الكتاب المقبل بافتراض أنه سيحمل الكثير من قطع الفيسفساء الناقصة واللازمة لإكمال الصورة المتعلقة بظروف اغتيال الرئيس كينيدي. ومن الألغاز التي يتمنى بعض المراقبين العثور على مفاتيحها في الكتاب شريط صوتي لمحادثات سُجّلت على متن الطائرة الرئاسية «إير فورس وان» بعيد اغتيال كنيدي.
الشريط عبارة عن تسجيل لمحادثات اللاسلكي، التي تمت بين طاقم الطائرة الرئاسية وغرفة الطوارئ في البيت الأبيض وقاعدة أندروز الجوية وطائرة أخرى كانت تقلّ سكرتير كنيدي الصحافي، بيير سالينجر، وستة وزراء آخرين كانوا في طريقهم من هاواي إلى طوكيو عند اغتيال الرئيس.
وضمن ما تحويه التسجيلات المشاورات بين المسؤولين حول أي مستشفى يتعيّن نقل جثمان كنيدي إليه بعد الحادثة، وضرورة أن تصاحبه أرملته جاكلين كنيدي، إضافة إلى مناقشات مطوّلة عن ترتيبات سيارات الإسعاف والليموزين، التي يجب أن تكون في استقبال الطائرة الرئاسية.
لكن هذا الشريط – المتاح للجمهور منذ العام 1971 – تعرّض لحذف أجزاء مهمة منه بدون تفسير معروف أو السبب الذي حدا بالمسؤولين إلى اتخاذ قرار بحذفها. ولهذا يأمل البعض أن يلقي كتاب ستون الضوء المطلوب عليها.