مما لاشك فيه أن الدراما التركية استطاعت أن تكتسح الدراما المصرية لعدة أسباب أهمها الصورة الجميلة التي تقدمها ودقه اختيار الأماكن المتنوعة التي يتم فيها التصوير بعكس الدراما المصرية التي انحصرت داخل ديكورات مدينة الإنتاج الاعلامى لدرجة انك قد تشاهد عدد من المسلسلات تم تصويرها داخل ديكور واحد . والسبب الثاني هو ظهور وجوه جديدة وأداء تمثيلي مختلف عن بعض الافتعالات التى نجدها فى أعمالنا المصرية رغم أن ما تقدمه هذه الدراما لا يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا المجتمعية والدرامية بما تحمله من تحرر في الملابس والقبلات والأحضان وصور مرفوضة جملة وتفصيلا أما السبب الثالث هو اتجاه المسلسلات التركية إلى الرومانسية التي يفتقدها المشاهد المصري في أعماله بعد أن تحولت الدراما المصرية الى البلطجة والسرقة وقضايا نعيشها يوميا دون أن تقدم فيها اى جديد.
المثير أن الدراما التركية استطاعت أن تزيد من نسبة السياحة في بلادها وهو ما دفع بوزارة السياحة التركية الى المساهمة ب50 مليون جنية لدعم الأعمال الفنية بعكس الصورة القاتمة التي سيطرت على الأعمال المصرية في الفترة الأخيرة حيث الحارة الضيقة والمجارى التي تحيط بالمنازل وغيرها من الأمور التي أساءت إلينا فضلا عن الاقتصاد المهلهل الذي لا يسمح بدعمها من قبل الدولة .
فعلى الرغم من أن تاريخ عرض الدراما التركية في الوطن العربي لم يتجاوز 6 سنوات، إلا أنها استطاعت أن تحقق نسبة مشاهدة مرتفعة وأصبحت منافساً قوياً خاصة للدراما المصرية والدراما السورية. فقد أشارت احدي الدراسات الإعلامية إلى أن الفترة ما بين 2006 و2008 اكتسبت فيها الدراما التركية قاعدة جماهيرية كبيرة، حيث عرض نحو 18 مسلسلاً خلال عام 2008 فقط في دول شمال أفريقيا والوطن العربي وخاصة في مصر والإمارات وسوريا والعراق والأردن ولبنان و زادت نسبة الأعمال التى تم تسويقها خلال العام الماضي إلى أكثر من 29 مسلسلاً ومن المتوقع زيادة العدد في العام المقبل مع تقلب الحالة الإنتاجية لسوق الدراما في مصر التى تعيش أسوأ أوضاعها خاصة أن أغلب المنتجين المصريين أصبح لديهم تخوّف كبير من الإقدام على تقديم أي أعمال وإنتاجها بعد الخسارة الكبيرة التي تعرضوا لها في العام الماضي .
وهو ما يؤكد أن هناك خلالا كبيرا يجب معالجته خاصة مع عودة المسلسلات المكسيكية وأيضا الدراما الهندية التي دخلت فى حلبة المنافسة للعرض على الشاشات العربية و التى قد تكون بمثابة الضربة القاضية للدراما المصرية مالم نتدارك الأخطاء التي أدت إلى تراجعنا وتعديلها للعودة مرة أخرى على قمة المشاهدة في الوطن العربي والاهم أن يتم رؤيتها في مصر التي اتجهت عن بكرة أبيها لمتابعة المسلسلات التركية التي سحرت المصريين خاصة نسائهم حتى أن بعضهن لا تنتظرن عرض الحلقات في التليفزيون ويبحثن عنها فى مواقع النت ليعرفن باقي التفاصيل .
هناك شيء أخر يجب أن نلتفت إليه وهو أن هذه الدراما لا تكمن خطورتها بتهديد عرش الدراما المصرية فقط لكن خطورتها أيضا في الرسالة الضمنية التي تهدف لبثها وزعزعة قيم وتقاليد الشارع المصري بما لها من تأثير سلبي علي القيم والأخلاق والدين بتحررها الزائد وجرأتها غير المألوفة التي أصبح لها تأثيرها السلبي في البيت المصري .