قالت هيومن رايتس ووتش أمس السبت إن على ليبيا أن تضمن حصول اثنين من الليبيين اللذين تربطهما صلات بحكومة معمر القذافي السابقة، واللذين تسلمتهما من مصر في 26 مارس 2013، حصولهما على المعاملة الإنسانية وعلى حقوقهما الكاملة في إجراءات التقاضي السليمة، وعلى ليبيا أن تمنح المنظمات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان حق الوصول إليهما لمراقبة ظروف احتجازهما ومدى احترام حقوقهما الأساسية كمحتجزين بما فيها التواصل مع محامين وعرضهما على قاض على وجه السرعة. وأكدت هيومن رايتس ووتش، فى بيان لها، إن على مصر وغيرها من الدول التي يطُلب منها تسليم أشخاص إلى ليبيا ألا تقبض على المشتبه بهم وتسلمهم إلا إذا قدمت ليبيا ضمانات ذات مصداقية تفيد بأنها وضعت حداً لمخاطر التعذيب وإساءة المعاملة أثناء الاحتجاز. وقبل إرسال أي محتجز إلى ليبيا، فإن هناك حاجة إلى أن تتأكد السلطات المصرية وغيرها من السلطات المسؤولة من أن الحقوق الأساسية للشخص المعني لن تتعرض للانتهاك، بالاحتجاز التعسفي أو المحاكمة غير العادلة على سبيل المثال.
قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تعد محاسبة مسؤولي عهد القذافي السابقين عن جرائمهم الماضية خطوة مهمة على طريق تحقيق الليبيين للعدالة. ولكن بالنظر إلى المعدل الحالي للإساءة إلى المحتجزين في ليبيا، لا ينبغي إعادة أي شخص يواجه المحاكمة ما لم تثبت الحكومة أنه لن يتعرض للإساءة أو يحرم من المحاكمة العادلة"، مشيرا أن على ليبيا تقديم ضمانات ذات مصداقية تفيد بحماية حقوق المحتجزين، بما فيها توفير مراجعة قضائية عاجلة للمحتجزين وإبلاغهم على وجه السرعة بأية تهم جنائية موجهة إليهم.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي لأي شخص يزمَع تسليمه أن يحصل على فرصة مسبقة للطعن على قرار التسليم إذا كان يخشى التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو الاضطهاد بناء على هويته أو معتقداته، أو غير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان عند عودته.
وألقت السلطات المصرية القبض على ثلاثة أشخاص تطلبهم ليبيا يوم 19 مارس وهم أحمد قذاف الدم، وعلي ماريا، ومحمد إبراهيم منصور. وسلمت مصر علي ماريا، سفير القذافي في مصر، ومحمد إبراهيم منصور، وهو رجل أعمال يعمل في القطاع الخاص وشقيق المتحدث السابق باسم الحكومة موسى إبراهيم منصور، إلى ليبيا يوم 26 مارس، وأفادت وسائل الإعلام الليبية بأن الاثنين ينتظر أن يواجها المحاكمة بتهمة الفساد المالي.
أما قذاف الدم، وهو من عائلة القذافي وكان يقوم بدور محوري في العلاقات الليبية مع مصر، فهو ينتظر التسليم إلى ليبيا في سجن طرة بالقاهرة. لا توجد معلومات رسمية عن وضع نقله إلى ليبيا، كما طعنت محاميته على قرار التسليم المزمع بدعوى تمتعه بالجنسية المصرية، رغم أن مكتب التعاون الدولي التابع لمكتب النائب العام المصري طعن في صحة هذا الادعاء.
وقالت أسرة ماريا ل "هيومن رايتس ووتش" إن ما بين 10 إلى 15 فرداً من قوات الأمن المصرية، بعضهم بالزي العسكري وبعضهم بثياب مدنية، أيقظوا أفراد الأسرة في نحو الثانية من صباح 19 مارس في منزلهم، وألقى رجال الأمن القبض على ماريا وأخذوه مع هاتفه الخلوي وجواز سفره إلى مكان غير معلوم، ورفض رجال إنفاذ القانون إظهار تصريح بالاعتقال أو تعريف أنفسهم للأسرة، رغم أن الأسرة شاهدت سيارات شرطة تقف خارج المنزل، كما قال أفرادها.
وقالت أسرة ماريا إنهم لم يتمكنوا، لا هم ولا محاميه، من زيارته أثناء احتجازه في مصر، وإن السلطات المصرية لم تبلغهم بتسليمه مسبقاً، وعلم أفراد الأسرة بأمر التسليم من قناة تلفزيونية في ليلة وقوعه. لم تجر الأسرة أي اتصال مع ماريا في ليبيا، لكنهم قالوا إنهم ينوون التقدم إلى مكتب النائب العام الليبي بطلب لزيارته.
وفر كثير من الليبيين الذين كانوا يعملون مع الحكومة السابقة بشكل رسمي أو غير رسمي، فروا من ليبيا في منتصف 2011 بعد سقوط القذافي، واتجه معظمهم إلى مصر وتونس، وقدمت الحكومة الليبية الجديدة للمصريين عام 2012 قائمة ب40 شخصاً مطلوبين. كما قدمت ليبيا مؤخراً إلى مصر قائمة أخرى بها أسماء 88 مطلوباً، وبحسب تقرير إخباري، كانت ليبيا تستعد لإيداع 2 مليار دولار في البنك المركزي المصري، مما يثير المخاوف من صفقة لتبادل المنافع بين البلدين، تقضي بتسليم العشرات من الموالين للقذافي الذين وجدوا الملاذ في مصر.
وقال نديم حوري: "من المفهوم أن ترغب ليبيا في ملاحقة الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم خطيرة، لكن لا ينبغي لبقية الدول أن تتعاون وترسل إليها أشخاصاً إلا إذا برهنت ليبيا على أنها ستحترم القانون وتعامل المحتجزين على نحو إنساني وتمنحهم حقوقهم".