يعتبر مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في دورته الثانية فرصة عظيمة لإظهار الطاقات الكامنة في نفوس الأفارقة وأهل إفريقيا السمراء، خاصة التي عانت كثيرا من التعالي والتمييز العنصري وكل محاولات الخنق والتضييق والانزواء للملمة الجراح بعيدا عن أنظار العالم. ومن حيث لا يتوقع أحد ومن خلال نافذة ضيقة يتسرب من خلالها بصيص من الضوء سطعت في عالم السينما دولة مالي ضيف شرف مهرجان الأقصر للسينما في دورته الثانية .
لم تعرف مالي صناعة عرفها العالم لأكثر من نصف قرن إلا من خلال الأفلام هابطة المستوى ساذجة المحتوى التي تصدرها أوروبا وأمريكا إلى القارة السوداء، لكي تلهيها عما هي فيه من معاناة وعنت وبمحتوى سطحي مهمته الأساسية الترويج لتفوق الرجل الأبيض، وبالضرورة غرس روح التبعية والانبهار به في داخل المشاهد، وترسيخ إحساسه بالتقزم وعدم الثقة في النفس، وأن ذلك التمايز والأفضلية للأوروبي أو الأبيض على الأسود أمر طبيعي وعليه أن يقبله.
يقول سليمان سيسيه المخرج المالي الذي جرى تكريمه في مهرجان الأقصر خلال دورته الحالية "بسبب الاستعمار (مالي كانت مستعمرة فرنسية) لم يكن الإفريقي في القارة السمراء يستطيع متابعة الأفلام التي تتطلب قدرا من التفكير وتتعدد فيها مستويات الصراع الدرامي أو متشابكة الخيوط، أو تلك الأفلام التي تتناول بعض مواقف النقد الاجتماعي أو التمرد أو مقاومة الظلم، وكذلك كان يحرم الإفريقي من مشاهدة الأفلام الكوميدية التي ينبع من ثنايا السخرية أو التهكم على بعض التصرفات أو المفارقات الاجتماعية وخاصة ما يتعلق بالدولة أو الصفوة مثل أفلام شارلي شابلن".