يستأنف الدكتور أحمد الطيب حديثه على القناة الأولى المصرية بعد صلاة الجمعة للرد على شبهة انتشار الإسلام بحدَّ السّيف. وقد صرح فضيلته أن مما يؤسف له تكرّر دعاوى الغرب في إلصاق الشبه و الأباطيل بالإسلام حتى هذه اللحظة ، لدرجة أنّ أكبر رأس ديني في الغرب ردّد هذه التهم بدون إعمال فكر أو منطق، ففرية انتشار الإسلام بحدّ السّيف موجودة، ولا يزال أعداء المسلمين من سياسيين وعسكريين ومفكرين يردّدونها في محافل الفكر و الإعلام، فكل النصوص الدينية في الكتاب و السّنّة تشهد بأن الإسلام هو الدين الذي يرسي - بحق- قواعد السّلام بين الأمم .
وأضاف أن فلسفة الإسلام في تكوين الإنسان واضحة أشدّ الوضوح؛ فلقد خُلق لعمارة الأرض، فهو منذ البداية في علاقة محبة مع والديه، ثم مع أسرته، و مجتمعه ، فالفكر التصالحي والتراحمي فكر أصيل في بنية الإنسان المسلم، و هذا الفكر يمتد خيره من المسلم إلى كل المجتمعات الإنسانية، و يحكم نظرته للعلاقات الدولية .
كما أن التفاضل بين الناس في المجتمعات لا يكون إلا بمقدار ما يقدّمه الإنسان لمجتمعه و أمّته، فكل القبائل والعائلات متساوية في الفضل، ولا يكون الفضل إلا للعمل الطيب.
وقال : إن الاستعمار القديم و الحديث الذي يسلب الحقوق، و يريق الدماء كان منطلقه من ادّعاء الفضل و التحيّز العرقي و غيره ، في الوقت الذي أكد فيه الإسلام أنّ علاقة الإنسان بأخيه الإنسان هي علاقة سلم، لا علاقة صراع، كما في الفلسفة الماركسية، أو في الفلسفات الحديثة التي تبشّر بصراعات الحضارات و الأديان؛ فالحروب في الإسلام ضرورة إذا فرضت على المسلمين، وإذا قاتلوا عدلوا في قتالهم مع المعتدين ، والإسلام واضح و صريح صراحة لا توجد في الأديان الأخرى، و هي أنه ( لا إكراه في الدين) و الإكراه الماديّ معروف لدى الجميع، ولكن الإكراه المعنويّ - وهو ما تمارسه الدول الغربية سواء من الناحية السياسية، وكذلك عند المبشّرين الغربيين - هو الذي ينبغي أن يُنتبه إليه، هذا الإكراه الناعم هو تزييف لضمير الإنسان؛ لأنه شراء للإرادة و الفكر، ويُقدّم في صورة إحسان .
وأضاف أن العقائد لا تفرض، وآية لا إكراه في الدين يقول فيها بعض العلماء: إنها منسوخة بآية السيف، والحق أنّ هذا الفهم غير صائب، وأنا أرى رأي الإمام ابن تيمية - رحمه الله - الذي يُعبر عن منطق الإسلام، إذ يقول رحمه الله :"و جمهور السلف على أنّ الآية غير منسوخة، و نحن لا نُكْرِه أحدًا على الدين و القتال لمن حاربنا، والكفار لا يَقتُلُون لمجرد كفرهم؛ وإنما لاعتدائهم وممانعتهم"، بل تحدى الإمام ابن تيمية أن يأتي أحد بدليل من السنة على أن النبي - صلى الله عليه و سلم - أكره أحدًا على الإسلام، و هذا النصّ من الإمام ابن تيمية يكتب بماء الذهب .