في مثل هذا اليوم من العام الماضى تسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية إدارة شئون البلاد فعلياً وذلك بعد أن تمكنت الثورة المصرية من الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة مساء يوم 11 فبراير 2011، إثر بيان مقتضب أعلنه نائبه عمر سليمان ذكر فيه أن "الرئيس حسني مبارك قرر التخلي عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد". ومنذ هذا اليوم بدأت مصر عهداً جديداً على طريق بداية مسار التحول الديمقراطي الذي شهد، ولا يزال، منعطفات إيجابية وأخرى سلبية، وتجاذبات بين القوى الثورية والسياسية والمجتمعية، حتى يتم اكتمال انتقال السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى سلطة مدنية منتخبة بنهاية يونيو القادم، خاصةً وأن المجلس الأعلى قدم نفسه منذ يوم 10 فبراير، تاريخ بيانه الثاني، باعتباره ضامناًُ لعملية الانتقال السلمي للسلطة، حيث أكد البيان على "التزام القوات المسلحة برعاية مطالب الشعب المشروعة والسعي لتحقيقها حتى تمام الانتقال السلمي للسلطة، وصولا للمجتمع الديمقراطي الحر الذي يتطلع إليه أبناء الشعب". وخلال العام الماضى الذى تولي فيه المجلس الأعلى مسئولية إدارة البلاد، عرفت مصر أحداثاً كبرى وتبدلات تاريخية نحو الانتقال لنظام حكم تعددي يقوم على تداول السلطة ومنع الاستئثار والاستبداد الذي طبع مشهد الحياة السياسية خلال ثلاثين عاماً من حكم النظام السابق. ويدرك المجلس منذ البداية أنه قد تفاجأ بالثورة المصرية مثل سائر المصريين، فهو لم يكن طامحاً أو مخططاً لتولي الحكم كما حدث في عام 1952، وهو الأمر الذي جعل دوره المنوط هو ضمان نقل السلطة إلى نظام سياسي مدني منتخب كاستحقاق تاريخي لثورة شعب مصر التاريخية في عام 2011. ولعل ابتعاد القوات المسلحة عن الحياة السياسية وعدم التأهب لإدارة الحكم، فضلاً عن تعدد الخلافات بين القوى السياسية والثورية، قد أدى إلى بعض الارتباك من جانب والبطء النسبي في مسار نقل السلطة من جانب آخر. بيد أن هذا الأمر لا يعني أن مصر ليست قريبة من استكمال مسار ديمقراطي يداعب عقول وقلوب المصريين؛ لأنه قد تم إنجاز العديد من الإجراءات والخطوات المهمة، ولا يزال العمل يسير بقوة فيالأشهر القليلة المقبلة لإنجاز عملية الاتنقال السلمي للسلطة التي في سبيلها عرفت مصر إطاراً حزبياً تعددياً حقيقياً وانتخابات برلمانية نزيهة تمت بإشراف قضائي كامل وحراكاً سياسياً وشبابياً وثورياً يسعى لتأسيس الجمهورية المصرية الثانية.