(جملة حارقة) والله العظيم تلاتة قرأت هذه العبارة أو الجملة مكتوبة على الزجاج الخلفى لإحدى السيارات فى الجيزة، لحظتها صرخت وكذبت عينى، ولكنى للأسف تأكدت منها بعدما دققت فى السيارة، ولابد أن صاحبها مثقف فقد كتبها بلغة رسائل ال S.M.S، كانت سيارة يابانية أى أن صاحبها من الطبقة المتوسطة، ولأننا كنا نسير لم استطع أن استوقف صاحبها فى محاولة لمناقشته وربما آثرت السلامة وفضلت أن أحكى لحضراتكم هذه الواقعة المؤسفة. هى عبارة وجملة من كلمتين: «ياكش تولع»، ولكنها حارقة بل مستهترة، بل بعيدة عنا نحن المصريين المساكين الطيبين المتدينين الرحماء، وقلت بداخلى: كيف طاوعك قلبك أيها المواطن على كتابة هذا؟! ومن هى تلك التى لايهمك سواء ولعت أم لم تولع؟ والغالب أنك تقصد مصر.. مش كده؟! طب لو ولعت -لاقدر الله- مش حتولع بحضرتك وحضرتى وحضراتنا كلنا، لقد كنا زمان نقرأ على خلفيات السيارات عبارات مثل «القيادة فن وذوق وأخلاق»، أو «الحلوة دى من المنصورة» أو «مابتصليش بعين رضيه بص للى أدفع فى» أو «مع السلامة ياشربات» وغيرها من الكلمات الطيبات حتى أن واحدا من أبناء مصر الطيبين والعلماء الاجتماعيين اسمه (سيد عويس) قام بعمل دراسة لهذه الكلمات ولمدلولاتها وضمنها أحد أهم الكتب فى الدراسات الاجتماعية بعنوان «هتاف الصامتين» معبرا عن الهتاف الذى يكتبه الناس طواعية على الزجاج الخلفى للسيارات أو واجهات المحلات معبرين عن دواخلهم.. فهل نجد اليوم من يحلل هذه العبارة أو الصرخة أو الهتاف الصامت الوالع فى ذات الوقت؟، واليوم.. وبعد اشتعال الأزمة الشعبية المعارضة للإعلان الدستورى الذى استشعر المصريون أو غالبيتهم بأنه يخصم من الديمقراطية والحرية التى قاموا بثورتهم من أجلها.. وجدت نفسى اكتب هذه التأملات، واليوم الثلاثاء.. موعد المظاهرات التى تطالب من بين أهم ما تطالب بالتراجع عن هذا الاعلان السلطوى المصادر للديمقراطية، أقول لحضراتكم تأملاتى عن عدد من الهتافات الصامتة كتبها المصريون على الزجاج الخلفى لسياراتهم.. تأملوها معى:
«الحق أحق أن يتبع»
«واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا»
«العدل أساس الملك»
«المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»
«وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا»
«مصر فوق الجميع»
«صديقك من صَدَقَك وليس من صَدَّقَكْ»
«الرجوع إلى الحق فضيلة»
وأخيرا وليس آخرا.. فمن المؤكد أن هتاف الصامتين هذا يذهب كله إلى أصحاب السلطة الجدد وإلى الرئيس المنتخب للمصريين جميعا وللإخوان المسلمين خاصة.