أدرك كمّ وحجم الضغوط التي تحيط بالرئيس فهو بدون الجماعة رجل عادي.. وبها ومن خلالها صار الرجل الأول للبلاد، لكنك يا سيادة الرئيس لن تستطيع أن تخرج مصر من سجنها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ما لم تخرج من سجن إحسان الإخوان عليك. اعلم يا سيادة الرئيس أنك بمجرد القسم أمام الشعب على احترام الدستور والقانون ولأن ترعى مصالحه، فقد خرجت من قبضة عهدك مع المرشد إلى قبضة عهدك مع الرشيد "سبحانه" والعهد كان مسئولا. اعلم يا سيادة الرئيس ان تمكين جماعة الإخوان من مفاصل الدولة ليس تمكينا لدين الله، ولا للصالحين من عباده فالأرض يرثها الصالحون لها وإن كانوا غير صالحين للآخرة! والله ينصر الدولة العادلة ولو كانت مشركة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت تتلحف بالإسلام وتدّعي الإيمان. تذكر يا سيادة الرئيس أن الدكتاتورية لم تكن حلا ابدا، ولو كانت حلا لقيادة البلاد والعباد لكان أولى بها أنبياء الله! وأن النبي محمد الذي كان يراجعه الصحابة في قراراته التي لم تأتِ وحيا رغم علمهم أنه لا ينطق عن الهوى! أنت تصر أن توفّي لجماعة الإخوان المسلمين وتنسى أنك بذلك قد لا توفي في وطنك ليس فقط لمن في رقبتك من المسيحيين بل لا توفي أيضا لجماعة المسلمين. تذكر أن النبي الثائر الحق وهو على أعتاب مكة قبل أن يدخلها ليقتلع الفساد وقف أمام الصحابة ليعلن العفو والمصالحة ليقضي أولا على الأحقاد! فكيف بك لا تلقي له بالا، بل وتستمع إلى سواه.. ابدأ بالمصالحة والعفو يعفُ الله عنك وعن أهل مصر أجمعين. إعلم يا سيادة الرئيس أن أبناء هذا الشعب الذين ينامون الآن بالتحرير وغيره من الميادين في العراء دفاعا عن حريتهم، لن يرهبهم طواف بني أهلك وعشيرتي في البلاد تأييدا لقراراتك الجائرة، ولن يثنيهم قنابل ضباط داخليتك عن أن يموتوا في سبيل قضيتهم فتراجع عن قراراتك خيرا لك ولنا ولمصر كلها. أرجو أن تفهم أن ميليشيات الإخوان سيف على رقبتك أنت لا على رقاب مناهضي قراراتك، فالدماء التي يمكن أن تسيل ذنبها في رقبتك أنت لا أحدا سواك. يا سيادة الرئيس المعترضون في مصر يخرجون ليعترضوا في الحقيقة لا عليك ولا على قراراتك بالأساس ، بقدر ما يعترضون على جماعتك التي تمثلها؛ لأنهم غير مقتنعين أنك أنت الذي تحكم وتقرر، فاستغفر وتب لو كان ظنهم في محله، أو اخرج عليهم فردا دون أهل أو عشيرة، وتبرأ مما يقولون. تذكر يا سيادة الرئيس أن مصر دولة عزة وكرامة وكبرياء.. فإن أردتها غير ما هي عليه سوف تسقط عزتك وكرامتك كبرياؤك لأنك تمثلها.. أما إذا أصررت على أن تبدو ممثلا لجماعتك في قصر الرئاسة فستذهب أنت وتبقى مصر قوية عزيزة شامخة أبد اللآبدين. يا سيدي الرئيس لقد رأيت مؤيديك بعد سماع خطبة "ما بعد الجمعة" أمام قصر الاتحادية ، يشعرون بالقوة والنصر وأن الوطن بأيديهم ويصلون "صلاة الغَلبَة".. فقلت في نفسي: هذا هو النصر الذي بطعم هزيمة الوطن لو كانوا يعقلون!!! وإذا أردت بحق حفاظا على ثورة هذا الشعب فاعلم أنه لن تفلح ثورة تتخذ من الغل والثأر والانتقام وقودا لها... والذين يجتمعون اليوم تحت لواء الكراهية سيتفرقون غدا وهم يتنازعون، فالكراهية تجمع أهل المصالح فإذا تفرقت مصالحهم تفرقوا كارهين".. ولكن بالحب وبالحب وحدة تنهض أمتنا.. فاجعل القضاء على الأحقاد بجمع الشعب على هذف واحد بداية حقيقية لوطن مزقة العناد.
أفق يا سيادة الرئيس فالملك زائل والدنيا جيفة، والمتنازعون عليها كلاب، انتفض على كل قيودك وانتماءاتك وأدرك شباب مصر الذي يقف على الحافة، يواجه بعضهم بعضا.. اخرج يا سيادة الرئيس سجن إحسان الإخوان عليك، حتى تحرر نفسك، فمن لا يحرر نفسه لا يستطيع أن يقود شعبا حرا أبيا. وأخر ما أود قوله أن الذي أتى بك لقصر الرئاسة ليس جماعتك أبدا.. ولا مناصروك بل هو الله الذي يؤتي الملك لمن يشاء وينزع الملك ممن يشاء. ادع يا سيادة الرئيس للوحدة ولم الشمل واخرج عن عباءة الإخوان، لتدخل تحت عباءة الوطن.. مصر يا سيادة الرئيس.... مصر!