في ظل خضام الأحداث و الإشتباكات الذي تجددت في نفس التوقيت للعام الثاتي على التوالى ، و في ظل الصراعات السياسية بين جميع الأطراف ، يوجد إناس جعلهم القدر في المشهد دون رغبة أو إرادة منهم ، هؤلاء الناس هم سكان شارع محمد محمود و الذين أجمعوا أنهم يعانوا العزلة عن الحياة ، فقد تم حبسهم في منازلهم رغماً عنهم وإنقطعت عنهم سبل المعيشة فلا يستطيع أي أحد منهم الخروج من منزله حتى لا يصاب بالإختناق من أثر الغاز المسيل للدموع الذي يملاء الجو بكثافة ، الفجر إستطاعت أن ترصد معاناة بعض قاطني شارع محمد محمود في السطور القادمة . .
أحمد سمير حارس أحد العقارات بشارع محمد محمود، يقول : وجدت نفسي فجأة محاصراً داخل حجرتي الصغيرة ، وليس فى يدي حيلة سوى إغلاق «باب العمارة» فى محاولة مني للهرب من تأثير الغازات، وهو الأمر الذى لم يحدث أبداً منذ أن بدأت الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن المركزى من جديد .
و في نفس السياق بدأ الأستاذ محمد عبد البر - موظف بالمعاش- كلامه قائلاً : بنتنفس الغاز بدلاً من الهواء منذ بدأت الأحداث كما كان يحدث العام الماضي، فمنذ العام الماضي و انا أعاني من مياه بيضاء على عينى اليمنى، فضلاً عن بعض مشاكل التنفس التى أعانى منها على فترات، بالرغم من اتباعى التعليمات آنذاك واستخدامى للأدوية التي أوصانى بها الطبيب للحد من تأثير الغاز و لكن دون جدوى .
أما السيده خيرية مراد - ربة منزل - و التي وصفت فترة الاشتباكات ب«الأيام السودة» فتقول : أعانى كغيري من " وقف الحال " فنحن سكان شارع محمد محمود قد تم عزلنا عن الحياه تماماً ، و لقد أصيبت أنا و أولادي " حساسية الصدر " منذ أحداث العام الماضي و بعد تكرار نفس الأحداث هذه الأيام أصيبت من جديد بأزمة في التنفس ؛و لا أستطيع حتى الذهاب إلى الطبيب ..
أما محمد عبد المطلب - موظف بهيئة البريد - فيقول : تمكنت من معالجة الموقف منذ أن بدأت الإشتباكات فقد تعلمت الدرس من أحداث العام الماضي ، التى أصابت زوجته بحساسية على الصدر جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع ، فقررنا هذ العام حذر دخول غرفتين كاملتين داخل المنزل حيث تطلان على شارع محمد محمود مباشرة حتى نتجنب ما حدث لنا من إختناقات مثل العام الماضي .
أما نجلاء بدر - ربة منزل - فتقول : منذ بدأت الدعوات على مواقع التواصل الفيس بوك لإحياء ذكرى أحداث محمد محمود ؛ فعلى الفور تيقنت أن سيناريو العام القادم سيتكرر مرة ثانية ، لذا فقد أمنت منزلي من مواد غذائية و دواء و أي مستلزمات قد نحتاجها ، حتى لا يضطر زوجي أو أحد من أولادي للنزول ليقضي إحتياجاتنا ، و يصاب أحدهم بإختناق كما حدث مع زوجى في العام الماضي .
أما الطفلة تقى عادل و التي تبلغ من العمر 8 سنوات فتقول : أنا و أشقائي نعيش حالة من الرعب حيث نسمع أصوات طلقات النيران التي لا تتوقف طوال الليل ، و هذا ما يجعلنا لا نام طوال الليل ، و لقد مرضت أنا و أخوتي منذ بدأت الأحداث جراء الغاز المسيل للدموع و الذي يجعلنا لا نتنفس الهواء ، و لا أبي يستطيع الذهاب إالى عمله و لا أستطيع لا أنا و لا إخوتى الذهاب إلى مدرستنا .
و من جهته يقول أحمد عبد المجيد - صاحب محل أحذية- لم أكن أتوقع يوماً أن تحدث هذه الأحداث مرة أخرى في مصر بعد أنتخاب أول رئيس مدني منتخب فهل يكافئنا الرئيس مرسي بإنتخابنا له ، و هل هذا ما وعدنا به أثناء جولته الإنتخابية .
فكم هو مثير للضحك والغثيان أن يقبع أناس بلغوا من العمر أرذله محاصرين داخل منازلهم! فلا طعام يمكن التزود به، ولا سبيل للخروج من الباب الصغير للمسكن، وكأنهم فى بلاد غريبة عن بلادهم تحت وطأة استعمار كدر صفو حياتهم، متأثرين بغاز لم يُشهد استخدامه ضد المدنيين من قبل فى شتى دول العالم