كشف البلاغ المقدم من خالد توفيق حسن الموظف بالهيئة العامة للأرصاد الجوية للنائب العام, أكبر واقعة فساد في الهيئة التابعة لوزارة الطيران, والمستمر بعد الثورة وحتى الأن, وتسببت في إهدار 100 مليون جنيه على الدولة, بل وأن مسلسل إهدار أموال الهيئة من خزانة الدولة سيستمر علنا في الأيام القادمة, وسط تعنت وتعمد من زير الطيران المدني الحالي المهندس سمير إمبابي, ورئيس الهيئة الحالي الدكتور أحمد حسين.
وفور التقدم بالبلاغ أمر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود, بفتح تحقيق عاجل فيه, وكلف المستشار أحمد البحراوي المحامي العام الأول لنيابة غرب القاهرة بالتحقيق, والكشف على المستندات المرفقة بالبلاغ للتأكد من صحة الواقعة, والنظر في طلبات مقدم البلاغ.
ووفقا للبلاغ الذي حمل الرقم 13880 لسنة 2012 عرائض النائب العام, والمستندات المقدمة, والتي حصلت "بوابة الفجر" على نسخة منها, فإن الهيئة قامت بالتعاقد مع أحد المقاولين لبناء مبنى جديد خاص بإدارة الميكروفيلم وإدارة الأجهزة والمعامل, بدلا من المبنى الحالي, ومن هنا فتحت خزائن الدولة لسرقتها بحجة بناء هذا المبنى الجديد.
وتأتي أولى الوقائع أن هناك مبنى موجود بالفعل يتكون من طابقين بما فيهما الدور الأرضي, والذي يحتوي على 4غرف مخازن, والجراج الخاص بالدفاع المدني "المطافئ" وغرفة للمعيشة والأرصاد والمساحة العسكرية, والدور الثاني على إدارة الميكروفيلم والكونة من حوالي 9مكاتب, بالإضافة إلى غرفة للجمعية الإستهلاكية للعاملين, ورغم أن المبنى سليم إلا أن مجلس إدارة الهيئة أصر على بناء مبنى جديد بحجة أن المبنى قديم ومعرض للإنهيار, وذلك للتربح من وراء المبنى الجديد.
فوفقا لتقرير اللجنة المشكلة من حي "الوايلي", والذي حصلت الجريدة عليه, والذي أعده المهندسين وحيد فكري, ومحب صادق, فإنها توجهت في 20 ديسمبر عام 2011 إلى المبنى التابع لهيئة الأرصاد بشارع الخليفة المأمون بجوار وزارة الدفاع, بمنطقة كوبري القبة, وقامت بمعاينة المبنى.
وأوضحت في تقريرها, والتي أصدرته في 25 ديسمبر, أن المبنى تم بناءه في أواخر الستينات, وأن المبنى بحالة جيدة ولا يوجد أي إحتياج للترميم أو الهدم لأي من أجزاء المبنى, حيث أن واجهة العقار جيدة, ولا يوجد به ميل أو هبوط, وأن الأساسات والأعمدة والبلاطات والسلالم والحوائط لا يوجد بها أي عيوب.
ورغم هذا التقرير, إلا أنه تم التلاعب به وإصدار قرار إزالة له, لإنشاء حديقة مصغرة ونافورة مياة للزينة بدلا منه, لتكون أمام المبنى الجديد, بل والمدهش أنه رغم قرار الإزالة المفترض أن يطبق الشهر القادم إلا أن رئيس الهيئة الحالي أصدر قرار في يونية الماضي بتجديد غرفة صغيرة بأمر تشغيل حمل رقم "23 لسنة 2012", وتكلفت من 10 – 15 ألف جنيه من ميزانية الهيئة, مع علمه بقرار إزالة المبنى.
ثم تأتي الواقعة الثانية والأخطر, وهي أن المبنى الجديد تم إنفاق مبلغ 85 مليون جنيه لإنشاءه حتى الأن, ولم يتم تشطيبه أو حتى البدء في عمليات تشطيبه حتى الأن, وهو رقم فلكي, حيث أن المبنى يتكون من 3أدوار فقط, ولو جهز بأحدث الإنشاءات والديكورات في مصر لن يتكلف أكثر من 10 مليون جنيه, وفقا لما أكده الخبراء لمقدم البلاغ. وما يثبت ذلك أنه تبين أن المقاول الذي تولى إنشاء بناء المبنى الجديد هو "حمى" مهندس كبير ومسئول في الهيئة, وأنهما بالإشتراك مع مجدي عباس رئيس مجلس إدارة الهيئة وقتها وراء هذه العمليات لتحقيق أموال طائلة من ورائها, وأنه فتحت تحقيقات داخل الهيئة بعد إكتشاف الواقعة, وتم تشكيل لجنة مفاوضات مع المقاول, وإنتهت بثبوت إدانة المقاول وإستيلائه على أموال دون وجه حق بأكثر مما هو متفق عليه, وقام المقاول بإعادة 7مليون جنيه لخزانة الهيئة, بل وأكتشف أيضا أنه لم يلتزم بمواصفات البناء التي كان متفق عليها ولا حتى في الأساسات. بل وتأتي المفاجأة, بأنه رغم إكتشاف الواقعة وإعادة الأموال المنهوبة يتم تكريم رئيس الهيئة السابق, ليصبح مستشار الوزير الحالي بدلا من محاكمته, و"يجمد الملف" دون إحالته للنيابة, بل وتأتي المفاجأة الكبرى أنه يتم حتى الأن عمل خصومات من ميزانية الهيئة بحجة الإنفاق على المبنى, لصالح المقاول بموجب أذونات صرف "مستخلصات بناء", بالرغم من ثبوت إدانته بالحصول على أكثر من قيمة المباني, المتفق عليها, ورغم ذلك فإن عمليات البناء لا تتم, دون أي رقيب. وأوضح مقدم البلاغ أن عملية إهدار الأموال من خزينة الهيئة مستمرة لوجود مصالح مع رئيس مجلس إدارتها الحالي, الذي رفض فتح التحقيق أو وقف نهب الأموال, وذلك لوجود مصالح تمرر "من تحت الترابيزة", ووجود مسؤولين منتفعين حاليين مازالوا في الهيئة, وأنه توجه بصحبة مجموعة من الموظفين إلى المهندس هشام مدير مكتب وزير الطيران الحالي لمقابله الوزير وشرح الكارثة له إلا أنه رفض مقابلتهم نهائيا أو الإجابة عليهم. وطالب بالتحفظ على ملف عملية المبنى الموجود حاليا في إدارة المشتريات, وذلك بقرار من النيابة العامة حتى لا يختفي, كما كان يحدث, بأن كانت بعض الملفات تختفي من إدارة المشتريات بشكل متعمد لإخفاء وقائع فساد, وكان يتم مجازاة الموظف بخصومات وترفع بعد الصفقة المشبوهة.