لم يكن حبيب العادلى وزير داخلية مصر، بل كان وزير داخلية مبارك وولده جمال، لذلك كان من الصعب على الرئيس ونجله ألا يستمر وزيرا فى الوزارة التى شكلها أحمد شفيق. كان خروج الفقى أمرا حتميا .. وضعه الثوار على قائمة مطالبهم، وهو ما أدركه أحمد شفيق، الذى أراد أن يشكل حكومة لا يكون فيها أى ظلال لجمال مبارك، وينقل المناوى حوارا دار بينه وبين أنس الفقى يعكس وجهة جمال مبارك فى حبيب العادلى. قال المناوى لأنس من المنطقى بل من المؤكد أن حبيب العادلى سوف يتم تغييره، لكن الفقى قال بحدة وحماس: إن حبيب العادلى شخص لا ينبغى أن يتم تغييره فى هذه المرحلة، هذا الرجل أثبت أنه رجل بحق، وهو رجل المرحلة، وينبغى أن يستمر. رد المناوى – كما قال هو بالطبع - :لو كان وزير الداخلية الذى أدار المرحلة السابقة ملاكا قادما من السماء، فإن هناك ما يسمى بالمواءمة السياسية، وهذه المواءمة السياسية تعنى أنه ينبغى أن يخرج من مكانه. يقول المناوى: «كنت أعرف أن رد الفقى يصدر من موقف من يجلسون فى قصر الرئاسة، الذين كانوا ما زالوا يعتقدون أن حبيب العادلى هو وزير الداخلية الأكثر ولاء لهم، وينبغى الحفاظ عليه، وقد تم إقحامه فى زيارة مبارك لمركز عمليات القوات المسلحة، حيث تم إستدعاؤه على عجل للذهاب إلى هناك، وبالفعل وصل لكن بعد أن غادر مبارك المركز». التقى العادلى المشير طنطاوى وعمر سليمان لمدة قصيرة، وقيل فى الخبر الذى أرسل وقتها من وزير الإعلام للمناوى لإذاعته، وهو الخبر الذى جاء من قصر الرئاسة، بأنه اجتماع تم لدراسة الوضع فيما يتعلق بالوضع الأمنى فى مصر، وكيفية إعادة السيطرة والتعاون مع الجيش، لإعادة الأمن فى البلاد. راجع المناوى خبر العادلى مع القوات المسلحة والمخابرات العامة، وعلم أن القائمين على الإعلام فى القوات المسلحة، حرصوا على عدم تصوير اللقاء، وفقا للتعليمات التى أعطيت لهم، لذلك قام بصياغة الخبر، بحيث يتم وضع أسماء ووظيفة كل من عمر سليمان كنائب لرئيس الجمهورية، وحسين طنطاوى كوزير للدفاع، والطرف الثالث حبيب العادلى دون أن يتم وضع توصيف له. وربما ما كان حقيقيا ولم يقله المناوى، إن مبارك أراد أن يصطحب العادلى معه إلى مركز العمليات ليؤكد لقيادات الجيش أنه لا يزال يحتفظ بوزير داخليته، الذى يعرف أن ولاءه الأول والأخير له. كان أنس الفقى يريد فرض حبيب العادلى على الإعلام بتعليمات واضحة من مبارك، تأكد المناوى من ذلك عندما جاءه اتصال من مكتب وزير الداخلية بأن حبيب العادلى قام بجولة، بعد أن غادر مركز العمليات، كى يتفقد فيها القوات، وأنه ألقى كلمة على القوات، ولما سأل المناوى أنس الفقى عن ذلك، طلب منه أن يهتم بهذا الخبر. لم يهتم المناوى بالخبر، لكنه أخبر قيادات القوات المسلحة بما يريده أنس الفقى، فقالوا له إنهم سوف يتصرفون، وبعد دقائق تحدث الفقى مع المناوى طالبا منه ألا يذيع خبر وزير الداخلية، يقول عبداللطيف: «بعد حوالى ربع ساعة أتى فاكس من رئاسة الجمهورية، وبه نص الخبر الخاص بوزير الداخلية، صيغ لأول مرة بطريقة لم يكن معمولا بها من قبل، جاء فى صياغته أن وزير الداخلية فى حكومة تسيير الأعمال قام بتفقد قوات الأمن المركزى، وأكد فيها عليهم بالتعاون مع الجيش لاستعادة الأمن، ولم يتم ذكر اسم حبيب العادلى، وتلك كانت المرة الأولى التى يتم فيها استخدام تعبير الوزير فى حكومة تسيير الأعمال فى مصر». أرسل الفقى الخبر للمناوى، وطلب منه أن يضع ولو صورة لوزير الداخلية وهو يتفقد الجنود، وقال له:أرجوك أنت لا تعلم الضغوط التى يمارسها على حبيب العادلى الآن، من أجل إذاعة أى جزء من الخبر، ولا تعلم صدمته عندما يشاهد الخبر بهذا الشكل. يقول الفقى: «أبلغته أنى لا أستطيع إلا إذاعة الخبر الذى جاءنى من رئاسة الجمهورية، لأن هذا هو الخبر الرسمى، ولن أتمكن إلا من إذاعة هذا الخبر، وبالفعل أذعت الخبر مرة واحدة فقط وبدون فيديو، ومنذ هذه اللحظة انقطع الاتصال، كما أبلغنى الوزير بعد ذلك بين وزير الداخلية وبينه».