هل يمكن أن يعزل الدستور الجديد مصر عن العالم؟ من الوارد جدا أن يحدث هذا بعد أن تضمنت مسودته الأولية مواد تتعارض مع الاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر، خاصة أن القضاء الدولى أكد فى مناسبات عديدة على مبدأ سمو القانون الدولى على سائر قواعد القانون الداخلى، أيا كانت هذه القواعد دستورية أو تشريعية أو لائحية أو أحكاماً قضائية، حيث استقرت المحاكم الدولية على تغليب قواعد القانون الدولى على قواعد القانون الوطنى عند التعارض بينهما، مما يترتب عليه أن الدولة لا يمكنها أن تستند فى دستورها الداخلى أو قوانينها العادية أو لوائحها الداخلية على مواد تتعارض مع التزاماتها الخارجية من اتفاقيات دولية مبرمة مع دول أخرى.
وتتعارض المسودة الأولية للدستور مع الاتفاقيات التى وقعتها مصر مثل اتفاقية السيدارو التى تهدف الى القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فى حين أن الدستور الجديد فى مادته «68» ربط التزام الدولة بمساواة المرأة مع الرجل فى سائر مجالات الحياة، بأحكام الشريعة وعدم الإخلال بها، مما اعتبره الكثير تمييزا صريحا للمرأة يتعارض مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بعد التمييز ضد المرأة والتى وقعت عليها مصر.
وجاءت المادة «68» من المسودة الاولية للدستور لتنص فى فقرتها الاولى على «تلتزم الدولة باتخاذ جميع التدابير التى ترسخ مساواة المرأة مع الرجل فى مجالات الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وسائر المجالات الأخرى دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية» وهو ما يعتبره مراقبون مخالفا لاتفاقية سيدارو الموقعة عليها مصر والتى تدعو الى عدم التمييز ضد المرأة أو التفرقة أو استبعاد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره النيل من الاعتراف للمرأة على أساس تساوى الرجل والمرأة بحقوق الانسان والحريات الاساسية فى الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية، أو إبطال الاعتراف بالمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها وممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية.
غادة موسى، أمين لجنة الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد بوزارة التنمية الإدارية، قالت إن الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد بها مواد إلزامية وأخرى غير إلزامية، مضيفة أن المادة 6 من الاتفاقية غير إلزامية لانها تستقى مشروعيتها من المادة 5، وهى إحدى المواد الإلزامية، مضيفة أن الشيء الأهم فى هذه الاتفاقية أن تكون الهيئة مستقلة وتضع سياسات تنسيقية، بمعنى ألا تضع استراتيجيات بشكل منفصل، ونحن فى مصر ننسق مع مكتب الأممالمتحدة للتدريب على وضع الاستراتيجيات الوطنية بشكل متصل.
وأضافت موسى أن الإشكالية فى مفوضية مكافحة الفساد التى ينص عليها الدستور فى مسودته الأولية ليست فى كيفية تشكيلها، ولكن فى آلية العمل، حيث لابد أن يعمل الجهاز بحرفية وأن يكون دوره واضحًا، وأضافت أن هناك مشروع قانون مقترح لإنشاء هيئة لمكافحة الفساد بناء على دراسة 16 هيئة لمكافحة الفساد فى العالم، لم يبت فيه حتى الآن، وأكدت ضرورة أن يتجنب تشكيل الهيئة الجديدة ممثلى السلطة القضائية، سواء كانت النيابة الإدارية أو العامة، وذلك لأن هدف المفوضية هو وضع سياسات وقائية مانعة، وهو ما نصت عليه الاتفاقية فى فصلها الثانى، أما السلطة القضائية فعملها غير وقائى، حيث ينفذ القانون، مما قد ينتج عنه نوع من أنواع التداخل فى الاختصاصات، لافتة الى أن المفوضية الجديدة يمكن أن تضم هيئة الرقابة الادارية باعتبارها هيئة فحص وجمع استدلالات، كذلك يمكن أن تضم جهاز الكشب غير المشروع فى حالة انفصالها عن وزارة العدل لأنه جهاز رقابى.