جاء شهرأغسطس مطمئنا نسبيا على صعيد الديون السيادية و لكن مع أقتراب شهر سبتمبر،تجددت مخاوف المراقبين ازاء مستقبل منطقة اليورو ويستندون فى ذلك الى أن كل المؤشرات تتسم بالسلبية حتى انهم يتوقعون ان يشهد هذاالشهر تطورات خطيرة،على خلفية انعدام الثقة بين ما يسمون بالدول "الفاضلة" و الدول الأخرى"الأكثر مديونية" لدرجة تجعل الاتحاد الأوروبى على شفا نقطة اللاعودة على نحو خطير.فقد حذرت صحيفة "بوبليكو" البرتغالية من ان "سبتمبر" القادم سيكون شهر جميع المخاطر وأشارت الى انه بعد العطلة الصيفية ومع اقتراب فصل الخريف سيتقرر مصير دول منطقة اليورو،لافتة الى انه تحسبا لذلك الأمر،سيشهد الاسبوع الأخير من شهر اغسطس الجارى عددا من الجولات والصولات الدبلوماسية حيث يطير رئيس وزراء اليونان يوم غد الخميس الى برلين للقاء المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ثم لقاءالرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند فى اليوم التالى وذلك فى أعقاب محادثات كان قد اجراها مؤخرا مع رئيس المجموعة الأوروبية "جون كلود جانكر. وتعزو الصحيفة هذا الحراك الى رغبة رئيس الوزراء اليونانى"انطونيوس ساماروس"فى اقناع القادة الأوروبيين بتمديد خطة الاصلاح الاقتصادى لبلاده لعامين آخرين، كذلك يتوجه رئيس الوزراء الايطالى"ماريومونتى" يتوجه بدوره الى المانيا قبل نهاية شهرأغسطس الجارى للقاء المستشارة ميركل قبل ان يطير الى مدريد يوم 6 سبتمبر القادم من أجل لقاء رئيس الحكومة الأسبانية "ماريانو راجوى. وفى الوقت الذى اعتبر فيه المراقبون هنا فى بروكسل ان تصريحات اثنين من كبار المسئوليين المعنيين بمصيرالعملة الاوروبية الموحدة، قد ساهمت خلال الفترة الماضية فى تهدئة اسواق الديون السيادية حيث كان ماريو دراغى ،رئيس البنك المركزى الأوروبى قد أعلن فى نهاية شهر يوليوالماضى ان البنك مستعد لبذل كل ما هو ضرورى من أجل ضمان بقاء اليورو فى اشارة الى احتمال تدخل البنك المركزى الأوروبى فى الأسواق من أجل تثبيت أسعار الفائدة الايطالية والأسبانية عند مستويات مسموح بها و مقبولة ، ثم جاءت بعد ذلك تصريحات المستشارة الألمانية "انجيلا مريكل" التى اعلنت فيها موافقتها على ما أعلنه رئيس البنك المركزى من سياسات ،الا ان الشكوك لا تزال تساورالكثيرين بشأن مصير منطقة اليورو . ويعزو المحللون الاقتصاديون الشكوك التى تساور الكثيرين بشأن مصير منطقة اليوروالى كون أوروبا تنتقل - منذ ما يقرب من عامين - من نصر وهمى الى نصرآخر لا يقل وهما عن النصر الأول ..وهوما لابد ان يفضى فى نهاية المطاف، الى هزيمة محققة ،اضافة الى ان الأسواق لم تكف عن التشكيك فى جدوى العملة الأوروبية الموحدة وذلك بالرغم من الأجواء الهادئة التى سادت خلال أشهر الصيف وأشارت صحيفة "بوبليكو" البرتغالية الى ان التصريحات التى كان رئيس الوزراء الايطالى ،ماريو مونتى، قد ادلى بها لصحيفة "دير شبيجل"الألمانية والتى لخص خلالها الأخطار المحدقة بمنطقة اليورو،جاءت لتؤكد التفكك النفسى لأوروبا ،لاسيما بعد ان خلص"مونتى" الى ان عملة اليورو قدأصبحت عاملا لتفكك أوروبا.. ورجح مونتى ان يتهاوى المشروع الأوروبى برمته نتيجة انهيارالعملة الأوروبية الموحدة التى تمثل حجر الزاوية الذى يستند اليه هذا المشروع وهكذا لا تكون الأسواق وحدها هى التى تشكك فى قدرة اليورو على الصمود. وما يزيد من هواجس المراقبين اعتراف الوزير الفنلندى للشئون الخارجية مؤخراعلى الملأ بأن حكومة بلاده قد وضعت خطة تنفيذية فى مواجهة الانهيارالمحتمل للاتحاد النقدى وبالرغم من قيام هلسنكى بنفى هذا الخبر لاحقا، الا أنه لم يبدد الشكوك حول تعاظم احتمالات خروج فنلندا من منطقة اليورو،اضافة الى ما اعلنه وزير الاقتصاد الألمانى بتزايد احتمالات خروج اليونان من منطقة اليورو . و فى ظل هذاالمناخ الملبد بالشكوك والمخاوف، يأمل الجميع ،على ما يبدو، فى عودة المستشارةالحديدية "انجيلا ميركل" الى الصدارة لمواجهة اليونان التى تطالب بمزيد من الوقت لتصويب المسارالاصلاحى وكذلك البنك المركزى الأوروبى،بعد ان ابدى رئيسه استعداده لضخ الأموال الى الدول المثقلة بأعباءالديون فى منطقة اليورو،اضافة الى فرنسا التى تتطلع الى "ضمان رفاهية المتقاعدين لديها على حساب دافعى الضرائب الألمان" وبالرغم من اقتناع الكثيرين بان مفتاح حل أزمة دول منطقة اليورو يتمثل فى المستشارة الالمانية انجيلا ميركل حيث يعتقد جميع القادة الأوروبيين بأن المستشارة الألمانية ملتزمة التزاما كاملا بانقاذ منطقة اليورو لأن هذا الأمر يصب فى مصلحة المانيا الا ان البعض تساوره الشكوك حول مدى استعداد ميركل للتوفيق بين انقاذ العملة الأوروبية الموحدة والحيلولة دون ظهور حزب يمينى ذو نزعة قومية كما هو الحال فى فنلندا وهولندا. ففى الوقت الذى يرى فيه فريق ان المستشارة الالمانية تجيد فن التنقل فى دهاليزالسياسة،يرى فريق آخر ان المناخ السائد فى الرأى العام الألمانى قد قلص الى حد كبير هامش المناورة بالنسبة لميركل ومن ثم يجب الانتظار حتى موعد الانتخابات التشريعية التى ستجرى فى شهر سبتمبرالقادم حتى يمكنها تشكيل "ائتلاف واسع"مع الحزب الديمقراطى الاشتراكى بحيث يصبح لديهاالقدرة - مرة أخرى - على القيام بما يجب عليها القيام به وبناء على هذه المعطيات،أكدت صحيفة "بوبليكا" ان سبتمبر سيكون شهرالحسم لآنه فى يوم 12 منه سوف تقررالمحكمة الدستورية الألمانية ما اذا كان صندوق الانقاذ الدائم لعملة اليورو سيكون قابلا للحياة ام لأ،اضافة الى احتمال مواجهة اليونان لمخاطرعدم وجود المال اللازم ،مما سوف يضطرها الى اعادة التفاوض بشأن برنامج المساعدة المخصص لها من خلال طلب المزيد من الوقت والمال من دول شمال اوروبا الغنية التى تزداد توجسا وخيفة وهو ما قد ينعكس فى صناديق الاقتراع فى اشارة واضحة الى ما قد تفضى اليه الانتخابات التشريعية المقررة يوم 12 سبتمبرالقادم من مفاجأت فى هولندا. واخيرا فانه يتعين على دول منطقة اليورو ضمان الا تتهاوى قطعتا الدومينوالآخريين وهما اسبانيا وايطاليا لأنهما سوف يجرفان معهما منطقة اليورو بأكملها.