هل حلمت يوماً بامتلاك كاميرا ذات إمكانيات متطورة؟ ... ماذا عن كاميرا قادرة على التقاط 36 مليون صورة في الثانية الواحدة؟! .. تلك هي أسرع كاميرا في العالم حيث تبلغ سرعة غلقها حوالي 27 جزء من ألف مليار جزء من الثانية -27 بيكوثانية. ولكن ما الذي يمكننا التقاطه بمثل هذه الكاميرا؟ .. بالطبع تلك الكاميرا ليست معدة لالتقاط صورك أثناء عيد ميلادك، أو لصور من شوارع مدينتك؛ فهي معدة لتصوير أشياء أدق وأهم بكثير .. الخلايا السرطانية! حيث تمكن فريق من العلماء بجامعة "كاليفورنيا، لوس أنجلوس" الأمريكية من تطوير أسرع كاميرا في العالم؛ وذلك من أجل الكشف عن وتصوير الخلايا السرطانية. حيث تمتلك تلك الكاميرا القدرة على تصوير وتحديد الخلايا السرطانية - بدقة بالغة وسط مليارات من الخلايا الصحيحة- التي تسبح مع تيار الدم لتنقل السرطان وتنشره من مكان لآخر بالجسم. وبذلك تكون هذه الكاميرا الجديدة قادرة على تشخيص الخلايا السرطانية بسرعة ودقة توازي 100 ضعف للطريقة المستخدمة حالياً. إن صعوبة تحديد الخلايا السرطانية التي تسبح في تيار الدم لنشر الأورام السرطانية تكمن في أن هذه الخلايا تتحرك مع تيار الدم بسرعة كبيرة تقدر بحوالي 14 كيلومتر بالساعة، كما أن عدد قليل منها يسبح وسط مليارات من الخلايا السليمة مما يجعل ملاحظتها أمراً صعباً للغاية. وعلى الرغم من أن العلماء يستخدمون حالياً تقنية "تقدير التدفق الخلوي" (flow Cytometry) لتشخيص ومراقبة الخلايا السرطانية في الجسم بواسطة الليزر عبر دراسة خصائصها وليس تصويرها؛ إلا أن هذه التقنية يمكن لها أن تفحص بضعة آلاف من الخلايا فقط كل ثانية. مما يجعل عملية تحديد الخلايا السرطانية السابحة في الدم بتلك التقنية تستغرق وقتاً طويلاً. للقضاء على تلك المشكلة قام العالمان "باهرام جاليلي" عالم الهندسة الكهربية و"دينو دي كارلو" عالم الهندسة الحيوية بمعاونة فريق من العلماء المتخصصين يالبصريات والإلكترونيات بمعهد "كاليفورنيا للأنظمة النانوية" بتطوير أسرع كاميرا في العالم واستخدامها كطريقة جديدة لتشخيص الخلايا السرطانية في الدم. حيث تقوم تلك الكاميرا بالتقاط ملايين الصور للخلايا في الثانية الوحدة عبر إطلاق نبضات من الليزر فائقة السرعة نحو خلايا الدم التي تسبح داخل نظام معين. ثم يتم تكبير تلك الصور ومعالجتها بواسطة مصفوفات من الدوائر الإلكترونية المبرمجة لذلك الغرض. وبذلك يتم تحديد وتعيين الخلايا السرطانية وسط الخلايا السليمة بدقة بالغة بهامش خطأ يبلغ واحد في المليون، وبسرعة كبيرة حيث يتم فحص 100 ألف خلية بالثانية الواحدة. إن تقنية الكاميرا فائقة السرعة الجديدة هذه ستجعل عملية تشخيص الخلايا السرطانية أسرع وأكفأ وذات تكلفة أقل. ويجرى حالياً تجارب إكلينيكية لتلك التقنية بمساعدة الأطباء للتوكيد على كفاءة وجاهزية تلك التقنية. ويأمل العلماء مستقبلاً في تطوير الكاميرا لتعمل بشكل أفضل لتتمكن من فحص 200 ألف خلية بالثانية. بالإضافة إلى هذا تلك الكاميرا سيكون لها العديد من التطبيقات الطبية الأخرى كتحديد أنواع مختلفة من الخلايا، بالإضافة إلى تحليل مكونات البول. بجانب هذا ستتعدى استخدامات تلك الكاميرا المجال الطبي إلى مجال البيئة لمراقبة جودة مصادر المياه والكشف عن الملوثات الموجودة بها.