ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية في سياق عددها الصادر اليوم الاثنين أن السبب الكامن وراء استقالة المبعوث الأممي للأمم المتحدة وجامعة الدولة العربية كوفي أنان واكتفائه من السعى لحل الأزمة السورية قد يتمثل في أن أنان ومعه دول البريك "البرازيل،روسيا،الهند،والصين" قد أصيبوا جميعا بالإحباط المتزايد ازاء النزعة الاستبدادية والهيمنة الغربية حول دمشق. ولفتت الصحيفة البريطانية -في سياق تعليق أوردته على موقعها الإلكتروني- إلى أنه عند كتابة تاريخ الحرب الاهلية الكارثية في سوريا، فانه سيتم الاعتراف بتاريخ30 يونيو 2012 على انه اللحظة الحقيقة الوحيدة للأمل التي شهدتها هذه الأزمة،حيث وقفت في ذلك اليوم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن في مؤتمر جنيف الدولي خلف بيان يدعو للانتقال إلى نظام ديمقراطي في سوريا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها زعماء المعارضة وأعضاء في الحكومة الحالية وتقاسم السلطة،فضلا عن دعوتهم إلى وضع جدول زمني ثابت لإجراء انتخابات حرة نزيهة. واوضحت الصحيفة انه لتفادي الفوضى التي أعقبت الخطة التي فرضتها الولاياتالمتحدة في العراق والتي تمثلت في الهيئة الوطنية لاجتثاث حزب البعث الحاكم للعراق، اعتبر البيان أنه يجب الحفاظ على استمرارية المؤسسات الحكومية والموظفين المؤهلين في مجال الخدمات العامة في سوريا، وشملت هذه المؤسسات "القوات العسكرية وقوات الأمن -رغم أنه يتعين عليها الالتزام بمعايير حقوق الإنسان في المستقبل". واعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن بيان مؤتمر جنيف الدولي بشأن سوريا يبدو أنه كان بمثابة دفعة للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وكذلك تركيا وقطر إلى اتخاذ موقف غير متحيز أخيرا،مشيرة إلى أنه كان يعد أيضا بمثابة "أفضل لحظات" المبعوث الأممي كوفي أنان. ورأت الصحيفة أن المشكلة بدأت تتفاقم حدتها عندما اقترحت بريطانيا وفرنسا والولاياتالمتحدة مشروع قرار منافس لمشروع القرار الذي وزعته روسيا في الأممالمتحدة لتأكيد النهج السابق،مع عناصر أحادية الجانب قد أثارت في وقت سابق روسيا والصين لاستخدام حق الفيتو. ومضت الصحيفة تقول:أن هذا القرار كان بمثابة كارثة، وليس من عجب أن أنان في تفسير استقالته أبرز فشل مجلس الأمن في الموافقة على توصيات جنيف،مشيرة إلى أنه كان لايزال هناك الكثير من دبلوماسية أنان ليتم طرحها والأخذ بها،ولكن خيبة أمله في الدول الغربية الكبرى وأصابع الاتهام التي وجهت إلى روسيا والصين بشأن سوريا كانت "واضحة". واوضحت الصحيفة أن استياء أنان وغضبه شاركه فيه القوى الجديدة التي اعتلت خشبة المسرح الدولي معربة عن غضبها العارم ازاء النزعة الاستبدادية الغربية حول الكثير من القضايا،مثل مناقشة مشروع قرار السعودية الذي تلى دعوة الغرب لفرض المزيد من العقوبات ورحيل الأسد،الذي اعترض عليه كلا من البرازيل والهند وجنوب أفريقيا. وحول هذه النقطة، أوضحت الصحيفة أن الأمر قد يكون بالغ السهولة بالنسبة للغرب عندما يتعلق بروسيا الرافضة لتغيير النظام دوليا،فيقول -الغرب- أن فلاديمير بوتين يخشي من اندلاع "الثورات الملونة" في روسيا، ويمكن السخرية من ديموقراطية الصين، ولكن عندما يتعلق الأمر باعتراض بلدان البريك الثلاثة الأخرى -التي شهدت إجراء انتخابات نزيهة، ومنظمة- على الطريقة الغربية في التعامل مع الأزمة السورية،فإن الوقت قد حان لملاحظة ذلك. واختتمت الصحيفة البريطانية -تعليقها- بأن مجريات الأحداث التي شهدتها الانتفاضة السورية في الفترة الأخيرة،حولت هذه الانتفاضة السلمية إلى حرب دفاع عن النفس .. حرب تحت القيادة السعودية والقطرية وقيادة الولاياتالمتحدة، وبموافقة بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، تحولت إلى حرب للوكالة المعادية لإيران،مشيرة إلى أن هذا لايعنى بالضرورة التخلى عن الطموحات الديمقراطية للمعارضة السورية،أو أن الحكومة السورية لا ينبغي أن تشرع في تنفيذ مبادئ جنيف بشأن الفترة الانتقالية التي اقنع أنان بها الدول الكبري،مؤكدة على أن الحاجة إلى التوصل إلى تسوية سياسية ووقف إطلاق النار،لم تكن أكثر إلحاحا كما هي في الوقت الحالي.