عندما بدأت فى كتابة مقالي هذا، والذي يعتبر أول مقال لي، كنت أتوقع حصيلة كبيرة من الشتائم لمناقشتى هذه النقطة، وقد بدأت فى كتابة المقال منذ أسبوع وتراجعت عن نشره ولكن بعد حادثة التحرير تشجعت فى أن أنشره. وبحكم عملى وبجانبه دراستى وما أراه يوميا، فلا يوجد مكان يخلو من ظاهرة التحرش سواء فى الجامعة أو فى الشوارع، وكذلك أثناء الذهاب إلى العمل. عندما تطلق كلمة "تحرش" فأول ما يخطر ببال من يسمعها أنها تحرش جسدي، ولكن إطلاق بعض الألفاظ والإيحاءات أيضا يعتبر تحرشا وهذا النوع منتشر وبكثرة فى هذه الفترة. والسوال الآن: هل نترك اللوم كله على البنت بسبب ملابسها أم نترك اللوم على الولد بسبب تحرشه؟ وبعد تفكير عميق، اكتشفت أن الإجابة هى أن المساواة فى الظلم عدل وأن كل طرف مسئول عن وجود هذه الظاهرة، فالبنات أصبحن يرتدين ما يحلو لهن ويواكبن الموضة دون النظر لتعاليم دينهن أو دون أن تخاف الفتاة حتى من نظرات من حولها تحت مسمى "الحرية". والولد يتلفظ ويصف ما يحلو له من جسدها دون أي حياء أو الاعتبار بأن أخته قد تكون يوما ما في محل هذه الفتاة التي يتحرش بها لفظيا أو جسديا. قررت التعمق والتركيز مع تصرفات الشباب لكونهم من يتحرشون فوجدت أنه لا فرق بين محجبة أو غير محجبة.. لا أحد ينجو. ولكن المثير للدهشة هو انتشار مجموعة شباب يطلقون على أنفسهم اسم "famous"، وتتميز هذه النوعية بأنها ترتدي بنطلون سكيني والقميص الجينز والكونفرس الأحمر وأخيرا شعر "متكهرب"، ولا تستطيع أن تحدد نوعه إن كان ذكرا أو أنثى إلا إذا اقتربت منه وأمعنت النظر في وجهه. والسؤال هنا، الشباب يلومون على البنات لارتدائهن مثل هذه الملابس، فلماذا الآن يرتدون ملابس الفتيات؟ وهل سيسمح هؤلاء الشباب للبنات بالتحرش بهم أو إطلاق السباب والألفاظ البذيئة عليهم مثلما يفعلون؟ لماذا تطلقون اسم الحرية الشخصية لكم ولكن الحرية ممنوعة للفتيات؟ الآن دور الفتيات، بنسبة 60٪ من الفتيات يرتدين الحجاب عن عدم اقتناع أو إجبارا؛ لذلك تخلق فتاة لا تحترم الحجاب وترتدي ما يحلو لها ولا تراعى تعاليم دينها، بالإضافة إلى أنها ترى أنه من حقها أن تخرج من شعرها جزءا كبيرا تحت مسمى "الموضة والروشنة"؛ لذلك فأنا أرى أن هناك الكثير من غير المحجبات أفضل من بنات محجبات كثيرات لا يحترم حجابهن. وعندما سألت بعض الأصدقاء والمقربين عن طريقة للتخلص من التحرش، رد أحدهم "إحنا نلبس البنات لبس زي بتاع زمان وبكده هنشبع الكبت الجنسي عند الولاد من الآخر عنيهم تتملى بشكل البنات كده ومش هيتحرشوا بيهم"، وبالتأكيد هذا ليس بالحل السليم لأن من الممكن أن يزيد الأمر سوءا، وبدلا من أن نعالج الظاهرة نزيدها وتصبح حجة الأولاد أن البنات ملابسها "ملفتة وقصيرة" وغيره. لو أرجعنا مشكلة التحرش إلى قلة فرص العمل والبطالة وعدم تيسير الزواج، فلماذا يتحرش الطبيب بممرضته والمدرس بطالباته والمدير بالسكرتيرة؟ ولماذا يتحرش الأب رب المنزل فى المواصلات العامة؟ لو المشكلة فى عدم الزواج فيكفى قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء". مشكلة مصر أن الأساس متآكل ولا يصلح للبناء، لا يستطيع مقاول أن يبنى عمارة على دور قديم أساسه متآكل بل سيهدم الدور ويبنى من جديد؛ لذلك على الرئيس ومعاونيه والشعب كله أن يساهموا فى إعادة بناء الأساس المتآكل عن طريق وجود عقوبات رادعة للمتحرش أولها الإقصاء أو الجلد فى ميدان عام، وكذلك للفتاة التى ترقص بالشارع أو ترتدي ملابس لا تليق بالمنطقة التى تتواجد بها "يحلق لها شعرها" لأنه لا توجد فتاة على أخلاق ترقص فى الشارع وسط مجموعة من الشباب دون حياء لذلك فلنشبهها بالرجال وترقص وسطهم كما تريد، يجب تعليم الشعب المصري كيف يحترم القانون بتطبيقه لأن القانون يجعل الشعوب تسير على خط مستقيم ولكن فى حالة تطبيقه. نحن على وشك الدخول فى "وكسة" تتبعها نكسة، ولكن أخلاقية الشباب حلت محل البنات فى الملابس، والبنات لا يحترمن كونهن شيئا ثمينا يجب الحفاظ عليه وترى أنها من حقها فعل أي شيء تحت مسمى الحرية الشخصية. لو تم تطبيق القانون على 100 بنت و100 ولد سيسير باقى الشعب على خط مستقيم، ولكنى لا أريد أن نحترم أنفسنا والغير بسبب القانون، ولكن أريد أن يكون بسبب الامتثال لأمور الله، فقد أمر النساء بالاحتشام في ملبسهن وأمر الرجال بغض البصر. وفى النهاية كل ما سبق مجرد تخيلات وتحليلات لطريقة لحل مشكلة "التحرش".