تحت شعار "أهلا بقداسة البابا فى مهد الرسالات"، بدأت مختلف وسائل الإعلام الفلسطينية حملتها الترحيبية بقداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، الذى سيقوم بزيارة تاريخية وهامة إلى عمان وبيت لحم والقدس مابين الرابع والعشرين والسادس والعشرين من الشهر الجارى. وتم الإعلان عن انتهاء كافة الاستعدادات لهذا الحدث الهام بالتعاون والتنسيق بين لجان البطريركية اللاتينية واللجنة الرئاسية العليا التى شكلتها دولة فلسطين لتنظيم استقبال البابا، فى الأراضى الفلسطينية المقدسة، وخاصة فى مدينة بيت لحم. وقد انتهت مختلف المؤسسات في محافظة "بيت لحم"، من بلدية وأجهزة حكومية وأمنية ومؤسسات أهلية، من وضع اللمسات الأخيرة لاستقبال الحبر الأعظم، وإقامة القداس الإلهى فى قلب ساحة كنيسة المهد. وقال محافظ بيت لحم عبد الفتاح حمايل، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن الإجراءات فى كل المجالات لاستقبال الحبر الاعظم قد تمت فى المحافظة سواء فيما يتعلق بتشييد البنية التحتية ونصب المنصة الخاصة لإقامة القداس فى ساحة المهد يوم 25 من الشهر الجارى فى تمام الساعة 11 صباحا. وأضاف "يعتبر يوم 25 مايو الجارى يوم عمل رسميا وليس عطلة وبالتالى تم مراعاة التوفيق بين الحياة اليومية للمواطنين وبين الخطة الإجرائية فيما يتعلق بخط سير الموكب الخاص لقداسة البابا". وأشار إلى اتخاذ إجراءات مرورية لتنظيم حركة السير، منها منع وقوف المركبات على جانبي بعض الطرق وكذلك إغلاق بعض الشوارع لفترات زمنية محددة، منوها على أن الاستقبال سيكون رسميا وشعبيا يليق بمقام الحبر الأعظم. من جانبها، أكدت رئيسة البلدية فيرا بابون، أنه وبالتعاون مع وزارة الاشغال العامة تمت إعادة تأهيل وتجهيز مهبط الرئاسة والشوارع العامة التى سيمر منها الموكب البابوى. وأوضحت بابون أنه تم تصميم "مركبة خاصة مكشوفة ومتواضعة" حسب طلب من البابا لكى يتواصل بشكل مباشر مع المواطنين خلال تنقله فى شوارع المدينة. وتأتى زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس المرتقبة إلى البلاد، والتى تعد الأولى له إلى المنطقة منذ تسلمه الخدمة البابوية، بمناسبة مرور 50 عاما على اللقاء التاريخى الأول الذى جمع ما بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية، فى القدس عام 1964 وجمع ما بين قداسة البابا الراحل بولس السادس والبطريرك المسكونى أثيناغورس. وبالرغم من أنها فى المقام الأول زيارة دينية لأداء الحج، مثلما أكد البطريرك فؤاد طوال، بطريرك القدس اللاتين، إلا أن زيارة البابا للأراضى الفلسطينية لن يغيب عنها البعد السياسى نتيجة للظروف التى يعيشها الشعب الفلسطينى فى الأراضى المقدسة. وأكد الناطق الإعلامى الرسمى لزيارة البابا فرنسيس إلى فلسطين الأب جمال خضر، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، "نحن ننتظر بشوق هذه الزيارة ونرحب بها أولا لرمزية قداسة البابا وثانيا لوجوده معنا تعبيرا عن تضامنه مع الشعب الفلسطينى، فنحن بحاجة لاهتمامه لنقول إن القضية الفلسطينية لاتزال قائمة ولاتزال بحاجة لحل، فهناك من يتألم بسبب الاحتلال". وأضاف الأب خضر "تعد هذه الزيارة دينية فى المقام الأول وسيتم توجيه رسالة دينية خاصة خلال لقاء مساء يوم الأحد فى كنيسة القيامة مع بطريرك القسطنطينية، لكن وجوده سيحمل أيضا رسالة سياسية فى دعم العدل والسلام ووقوفه مع كل إنسان متألم". ولأول مرة ، يتم تشكيل لجنة رئاسية لتنظيم زيارة البابا فرنسيس والتنسيق بين المؤسسات الرسمية وبين مختلف الكنائس المسيحية فى فلسطين. وقال رئيس اللجنة الرئاسية لشؤون الكنائس حنا عميرة - لوكالة أنباء لشرق الأوسط - : "إنها المرة الأولى التي تتشكل مثل هذه اللجنة فى دولة عربية أو فى منطقة الشرق الأوسط، فهى تتولى الشؤون الرسمية والكنسية لزيارة البابا والمرافقين له". وأضاف: "نحن إذ نستقبل البابا وبطاركة الشرق فإننا نستقبلهم بحفاوة شعبية واسعة، ونحشد كل ما نستطيع من أجل أن يكون الاستقبال لائقا". بدروه، أوضح مستشار الرئيس للشؤون المسيحية زياد البندك، أن "زيارة البابا تجسد رؤية وقناعة الفاتيكان التاريخية بأنه لابد لشعبنا أن ينال حريته واستقلاله، ويقيم دولته المستقلة ويعيش بسلام". واعتبر البندك - فى تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن الزيارة تحمل بعدا سياسيا، قائلا "البابا يتبعه مليارات الأشخاص ونعتقد أن الرسائل التي يحملها ستكون داعمة لشعبنا". أما النائب فايز السقا، عضو المجلس التشريعى الفلسطينى من بيت لحم، فقد أعرب عن أمله فى أن تكون هذه الزيارة بداية اندفاع الحجاج المسيحيين والمسلمين لأراضى فلسطين المقدسة، مؤكدا "وجودهم معنا يساعدنا فى الصمود فى وجه الاحتلال". وفى الوقت الذى تستعد فيه دولة فلسطين لاستقبال البابا وسط أجواء ترحيبية احتفالية، تتخذ السلطات الإسرائيلية بالقدس إجراءات أمنية صارمة، تمنع أى تواجد شعبى خاصة من قبل مسيحيي القدس. وقال الناشط الفلسطينى المسيحى باسم خورى - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن السلطات الإسرائيلية قررت فرض حظر تجول فى الأماكن التى سيتنقل فيها البابا فرنسيس، ما يعنى أن قداسة البابا لن يتسنى له معرفة معاناة المسيحيين فى القدس المحبوسين فى منازلهم بسبب هذه الإجراءات الأمنية". وأضاف "نحن كمقدسيين مسيحيين قمنا بعمل صفحة على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" انضم إليها اكثر من 4500 مسيحى للتعبير عن استيائنا من هذه الإجراءات، وذهبت مع وفد شبابى إلى القاصد الرسولى فى القدس لتوصيل رسالة مفادها أنه لا يجوز أن يأتى البابا للقدس ولا يلتقى بجميع المؤمنين الفلسطينيين". ويأمل المواطن الفلسطينى الكثير من زيارة بابا الفاتيكان ويرغب فى توجيه رسائل عدة إلى قداسته فى ظل المعاناة التى يعيشها . وأكد فادى القطان، متحدث باسم المقاومة الشعبية بمدينة بيت لحم، لوكالة أنباء الشرق الأوسط ،"أن هناك لافتات قد عُلقت ترحيبا بالبابا ولإيصال رسالة من أربع نقاط أساسية، أولا أخذ موقف واضح من قداسة البابا بشأن المعتقلين بالسجون الإسرائيلية، وثانيا نأمل أن يستوعب طبيعة حياة الشعب الفلسطينى فنحن نعيش فى فلسطين أخوة والمسلم والمسيحى الفلسطينى هو واحد". وترتكز ثالث نقطة، مثلما أضاف القطان، على حق العودة، معربا عن أمله فى أن تكلل زيارة البابا إلى مخيم الدهيشة بأخذ موقف واضح فى هذه القضية، أما النقطة الرابعة فتكمن فى قضية جدار الفصل العنصرى وكيف يتم منع المسلمين والمسيحيين من الوصول إلى كنائسهم ومساجدهم فى القدس. ومن المنتظر أن يستقل بابا الفاتيكان طائرة مروحية أردنية من عمان إلى بيت لحم حيث سيتم استقبال قداسته من قبل الرئيس محمود عباس فى قصر الرئاسة، وسيطلع على آخر التطورات السياسية على الساحة الفلسطينية والصعوبات التى يعانيها الشعب الفلسطينى من الاحتلال. بعد ذلك، سيرأس قداسة البابا صلاة القداس فى ساحة كنيسة المهد ليقيم قداسا احتفاليا سيشارك فيه الرئيس عباس وأعضاء القيادة الفلسطينية بالإضافة إلى نحو 10 آلاف مؤمن فى ساحة المهد. كما سيلتقى البابا مع عائلات مختلفة على مائدة غداء تضم نماذج متنوعة للمعاناة التى يعيشها الشعب الفلسطينى، قبل أن يزور مخيم الدهيشة للاجئين ويلتقى بنحو 100 طفل من المخيم ومن مناطق أخرى، للاستماع إلى شرح عن معاناة اللاجئين فى المخيمات. أما فى القدس، ستتوج الزيارة بلقاء تاريخى مسكونى فى كنيسة القيامة يجمع البابا فرنسيس وبطريرك القسطنطينية للأرثوذكس بارثلماوس، إحياء لذكرى اللقاء التاريخى بين البابا بولس السادس والبطريرك أثيناغورس، الذى تم قبل 50 عاما، وبعد ذلك سيحتفل بالقداس فى كنيسة القيامة. كما سيزور المسجد الأقصى المبارك ويلتقى هناك بعلماء ورجال الدين وأعضاء لجنة الأوقاف الإسلامية، وأعضاء الهيئة الإسلامية المسيحية العليا لنصرة القدس والمقدسات ومفتي فلسطين الشيخ محمد حسين.