وجه اتفاق المصالحة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضربة قوية لمفاوضات السلام مع إسرائيل .. إلا أن الوسطاء الأمريكيين يؤكدون أنها ليست ضربة قاضية للمحادثات المترنحة. الاتفاق الذي أعلن يوم الأربعاء الماضي بين حركة فتح التي تدير الضفة الغربية وحركة حماس التي تحكم قطاع غزة وتعتبرها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل منظمة إرهابية كان بمثابة صدمة بالنسبة لواشنطن. وفي التو قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف عملية السلام التي يتوسط فيها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. لكن من غير المتوقع أن يتخلى المفاوضون الأمريكيون عن العملية التي استهلكت من وقت وجهد كيري الكثير. كما أن واشنطن لن تفقد كثيرا بمتابعة تطور الموقف ودفع الجانبين صوب المصالحة. قال آرون ديفيد ميلر مفاوض السلام الأمريكي السابق والذي يعمل الآن لدى مركز ويلسون في واشنطن "ربما يكون هناك بطء في سير الأمور لكن العملية ستستأنف في مرحلة ما." وأضاف "ليس هناك ما يدعو الولاياتالمتحدة للانسحاب. سيكون هذا غباء بصراحة." فواشنطن هي أقرب حليف لإسرائيل كما أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يواجه بالفعل انتقادات قوية في الداخل والخارج لنهجه في السياسة الخارجية. فالاتهامات تنهال عليه بتجاهل آسيا -التي زارها الأسبوع الماضي- وبالضعف في أوروبا حيث ضمت روسيا شبه جزيرة القرم وتهدد شرق أوكرانيا. ولم تحمل الاجتماعات التي انعقدت على مدى شهور منذ الصيف الماضي ما يدل على حدوث تقدم خلال المحادثات الرامية إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على أراض احتلتها إسرائيل في حرب 1967. ويريد الفلسطينيون أن تكون القدسالشرقية عاصمة للدولة التي يسعون لإقامتها في الضفة الغربية وقطاع غزة ويطالبون برحيل الجنود الإسرائيليين وأكثر من نصف مليون مستوطن من هذه الأراضي. وكان البناء الاستيطاني الإسرائيلي عقبة رئيسية في المفاوضات. وتقول إسرائيل إنها تعتزم الإبقاء على التكتلات الاستيطانية الكبرى في أي اتفاق سلام قد يتم التوصل إليه متعللة بمخاوف أمنية وما تقول إنه روابط تاريخية وتوراتية تربطها بتلك الأراضي. واشترط نتنياهو الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية لإقرار السلام. وطغت هذه المسألة في الفترة الأخيرة على عقبات أخرى تتعلق بالحدود واللاجئين ووضع القدس. ويخشى الفلسطينيون أن يتسبب مثل هذا الاعتراف في تمييز ضد الأقلية الكبيرة من عرب إسرائيل بينما يقول الإسرائيليون إن هذه الخطوة تقر بتاريخ اليهود وحقهم على الأرض. أما بالنسبة للولايات المتحدة فإن التخلي عن مساعي التوصل لاتفاق سلام سيكون بمثابة اعتراف لا داعي له بفشل سياستها الخارجية وبخاصة في الشرق الأوسط في وقت تحتدم فيه الحرب الأهلية في سوريا وتتواصل الاضطرابات في مصر وتجري فيه محادثات نووية حساسة مع إيران. قال غيث العمري المدير التنفيذي لفريق العمل الأمريكي من أجل فلسطين "حتى الآن لا أحد يريد أن يعلن أن المريض توفى... حتى الآن الجميع يتحدث عن "تعليق" لكن ما من أحد يتحدث عن "انهيار". وذلك ببساطة لأن لا أحد يريد أن يتحمل اللوم عن الانهيار."