دعا الكاتب الأمريكي توماس فريدمان كلا من الأمريكيين والأوروبيين والأوكرانيين الموالين للغرب إلى ضرورة تبني استراتيجية جادة لمساعدة أوكرانيا وتقويض نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. واستهل مقالا له بعنوان "لعب الهوكي مع بوتين" –نشرته صحيفة نيويورك تايمز- بإعادة الأذهان إلى ما قبل افتتاح أولمبياد سوتشي الماضي، راصدا لعب بوتين مباراة هوكي استعراضية تبين بعد ذلك، بحسب فريدمان، أن القائد الروسي إنما كان يسخن استعدادا للاستيلاء على شبه جزيرة القرم. وقال فريدمان إنه كلاعب شطرنج لم يتفاجأ من تحرك بوتين على هذا النحو؛ لعلمه أن بوتين يفضل لعب الهوكي، بدون حكم حيث كل شيء مباح.. وعليه فمن الخطأ الاعتقاد عند الذهاب للعب الهوكي مع بوتين أن تتم مراعاة قواعد لغة كرة القدم البسيطة. وأوضح الكاتب أن الصراع على القرم يشبه مباراة هوكي، وليس ثمة حكم.. وقال: "إذا كنا ننوي ملاعبة بوتين -نحن الأمريكيون و الأوروبيون والأوكرانيون الموالون للغرب- فإننا بحاجة إلى أن كون جادين.. أما إذا كنا لا نريد اللعب، فإننا بحاجة إلى الإفصاح عن ذلك للأوكرانيين الآن والقول لهم: تعاملوا أنتم مع بوتين بأفضل ما تستطيعون". وتساءل فريدمان "هل نحن جادون؟ الأمر يتوقف على أبعاد كلمة "الجدية" التي تبدأ بالاعتراف بمدى حجم العبء المترتب على مساعدة الأوكرانيين ممن يتطلعون إلى الانعتاق من المجال الروسي.. هل نحن وحلفاؤنا مستعدون – عبر صندوق النقد الدولي- للوفاء باحتياجات أوكرانيا الضخمة على صعيد إعادة التعمير والوقود والذي يتطلب مبدئيا نحو 14 مليار دولار ، مع العلم بأن هذه الأموال ستتلقاها الحكومة الأوكرانية التي حلت - قبل الإطاحة بالرئيس السابق - في المركز 144 من أصل 170 فيما يتعلق بقائمة الشفافية الدولية لأكثر الدول فسادا في العالم ، بالتقاسم مع نيجيريا." وأضاف "علاوة على ذلك، إننا لا نستطيع مساعدة أوكرانيا ما لم نتبن استراتيجية طاقة متجددة وعقوبات اقتصادية – وهو ما يتطلب تضحية – لإضعاف جبهة بوتين ، لأن أوكرانيا لن تستطيع أن تقرر مصيرها بمفردها طالما كان بوتين قويا .. إن سياستي بوتين الخارجية بالداخلية ترتبطان ارتباطا وثيقا: سياسته الداخلية تتمثل في نهب روسيا والإبقاء على نفسه في سلطة دائمة واضعا يديه على عوائد النفط والغاز رغم ضعف الاقتصاد والدخول في مغامرات على غرار الاستيلاء على القرم بما يروج للقومية ومناهضة التوجهات الغربية من أجل تشتيت الرأي العام الروسي." وتابع صاحب المقال "هل نحن مستعدون أيضا للمراوغة واللعب غير النظيف؟ إن بوتين مشغول باستخدام حلفائه من الأوكرانيين الموالين له للاستيلاء على المنشآت الحكومية شرقي أوكرانيا – وذلك تمهيدا إما لاجتياح روسي أو حكم بوضع اليد عبر هؤلاء الحلفاء". أخيرا، يقول فريدمان ، إن معنى الجدية إزاء روسيا هو التعلم من خطئنا الكبير بعد سقوط حائط برلين ، والذي تمثل في التفكير في إمكانية توسيع حلف شمال الأطلسي "ناتو" – عندما كانت روسيا في أضعف حالاتها وأكثرها ديمقراطية – ولم يكن الروس ليعيروا ذلك الأمر اهتماما.. كان الخطأ هو الاعتقاد أنه يمكننا أن نتعامل نحن مع روسيا الديمقراطية بصفتها عدو، تماما كما لو كات الحرب الباردة لم تنته، وأن نتوقع في المقابل من روسيا أن تتعاون معنا كصديق كما لو كانت الحرب انتهت. ويختتم فريدمان بالقول "إننا بحاجة إلى تبن استراتيجية لنجدة أوكرانيا وتقويض بوتين اليوم – والتكامل من جديد مع روسيا الغد.. إنه عبء كبير للغاية.. لنكن إذن صادقين مع أنفسنا ومع الأوكرانيين.. لو أن بوتين استمر في لعب الهوكي ونحن لا تحدونا الرغبة الصادقة في أن نلاعبه، فإن الأوكرانيين بحاجة إلى معرفة ذلك الآن".