اقتحم العشرات من المتظاهرين الليبيين مساء أمس، الأحد، مقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) أثناء انعقاد الجلسة المسائية، في ظل غياب إجراءات الحماية الأمنية لمبنى المؤتمر الوطني العام الليبي ولأعضائه، ما أدى إلى إصابة بعض الأعضاء واحتجاز آخرين داخل المقر، وذلك احتجاجا على اختطاف أربعة أشخاص من المحتجين ضد تمديد المؤتمر، وإحراق خيمتهم المنصوبة أمام المؤتمر العام. وتطورت الأحداث بعد أنْ هاجم مسلّحون خيمة كان يعتصم بها رافضون للتمديد للمؤتمر، وأضرموا فيها النار واعتقلوا عددا منهم، واقتادوهم إلى جهة مجهولة قبل أن يعلن عن إطلاق سراحهم في وقت لاحق من نهار أمس، ما دعا متظاهرون إلى قفل الطرق المؤدية إلى مبنى المؤتمر واقتحامه احتجاجًا على ما حدث ومطالبة بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين. وأعلنت الحكومة الليبية المؤقتة رفضها المطلق لما تعرض له مقر المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان) من أعمال عنف. ودعت الحكومة، في بيان لها، المواطنين إلى الالتزام بالتعبير السلمي عن آرائهم، مؤكدة على حق المواطن بالتظاهر السلمي والاعتصام باعتباره أحد مكاسب ثورة السابع عشر من فبراير، ومظهر عافية وسلامة للمجتمعات الديمقراطية. كما دعت الحكومة، المواطنين إلى ضبط النفس والحفاظ على سلمية حراكهم الشعبي، حتى يصلوا إلى تحقيق أهدافهم، كما تأمل من المؤتمر الوطني العام التواصل مع المعتصمين وفتح باب الحوار معهم، وأكدت الحكومة رفضها وشجبها لأعمال الشغب لفرض الآراء، داعية الجميع لتوخي الحكمة والتحلي بالمسئولية الوطنية. من جانبه، حمل رئيس المؤتمر الوطني الليبي نوري أبوسهمين عددًا من الأعضاء "أعداء ثورة فبراير" مسئولية ما حدث، معتبرًا ما جرى أمرا مرتبا ومدبرا، متهما مَن تم إحراق خيمتهم بأنّهم كانوا مخمورين يتعاطون حبوب هلوسة. وفي السياق ذاته، أدانت وزارة العدل الليبية عملية الاختطاف التي تعرض لها من وصفتهم ب"شباب يعبرون عن آرائهم ويمارسون حقوقهم". كما استنكرت الوزارة، في بيان لها، عمليات الاختطاف على الهوية التي اعتبرتها "انتهاكا واضحا للقيم التي ثار من أجلها الليبيون ضد الظلم، وعبرت الوزارة عن صدمتها لأعمال القتل التي تتوالى وتهدف إلى إجهاض مشروع دولة ليبيا الجديدة. ودعت الوزارة، جميع أبناء وبنات ليبيا إلى الاصطفاف من أجل قضية الحرية واحترام القانون وحماية الأرواح والأموال وتمكين أجهزة الدولة لتجاوز الصعوبات التي تواجههم. يذكر أن مدة المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان) انتهت في 7 فبراير الماضي حسب الإعلان الدستوري، وقام البرلمان بالتمديد لنفسه، ما أثار العديد من المواطنين الليبيين. وأعرب بعض الأعضاء في المؤتمر الوطني العام، عن خشيتهم من تفاقم الأزمة السياسيّة بعد تلك الواقعة، والتعدّي بالضرب على بعض أعضائه ووصفوا ما حدث بال"مخيف". وأضافوا أن "ما حدث يطرح أسئلة حول الجهة المستفيدة من هذا التصعيد الخطير"، لافتين إلى أن المتشددين داخل المؤتمر وخارجه هم المسئولون عما آلت إليه الأمور، وأن الشباب المسلّح الذي اقتحم القاعة يقف وراءه هؤلاء المتشددون. ويحمل ناشطون سياسيون، وعلى رأسهم حراك "لا للتمديد" المؤتمر ما آل إليه الوضع السياسي في البلاد بسبب تمسّكهم بالتمديد، وعدم الاستجابة للمطالب الشعبية برفض التمديد. وأكد الناطق باسم المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان) عمر حميدان إن مقر المؤتمر تعرض للاعتداء من قبل "محتجين"، مؤكدا إصابة ثلاثة من أعضاء المؤتمر، وهم عبد الرحمن السويحلي وأحمد الفولي ومحمد العماري مع بداية الأحداث، وتحطيم أثات المقر. ومن جانبه، قال عضو المؤتمر الوطني الليبي محمد عماري إن مجموعة تقدر بأكثر من 100 من المحتجين، هاجموا المؤتمر بالأسلحة البيضاء أثناء الجلسة المسائية التي كانت تناقش قرارا يلزم الحكومة ورئاسة الأركان ووزارة الدفاع والداخلية وتشكيلات الثوار بتأمين جميع مرافق الدولة. وأضاف عماري أنه أصيب في رأسه أثناء الاقتحام، كما كسرت قدم أحد الأعضاء وهو مسعود عبيد، وأصيب عبد الرحمن السويحلي وأحمد الفولي برصاصة لكل منهما أثناء خروجهما من المؤتمر يستقلان سيارتهما. وبدوره، قال عضو المؤتمر الوطني العام، منصور الحصادي إن "عددا من المحتجين دخلوا مقر المؤتمر الوطني العام واعتدوا علينا". وأضاف الحصادي أن "ما تعرضنا له اليوم هو هجوم إرهابي بامتياز يقف خلفه إرهابيين من أزلام النظام السابق و"الطحالب" وأعداء الثورة"، على حد قوله. ويخشى كثيرون من أنْ تأخذ تطورات واقعة اقتحام المؤتمر منحى جهويًا بالنظر إلى انتماءات الأعضاء المصابين، ودعوة بعض الشخصيات جماهير المناطق الذين انتخبوا هؤلاء الأعضاء إلى حماية ممثليها في المؤتمر، في الوقت الذي طالب فيه آخرون بحل لواء القعقاع وكتيبة الصواعق المعروفتين بانتمائهما إلى مدينة الزنتان. وتعرض المؤتمر منذ بدء مهامه قبل عام إلى أكثر من 250 اعتداءً، لكن الاقتحام الذي تعرّض له أمس، الأحد، هو أشدها وأكثرها عنفًا.