دعتني ظروف خاصة للسفر إلي دولة الامارات العربية لمدة أسبوع كامل، وتحديداً لمدينة "دبي"، وهي المدينة التي أسافر إليها منذ عام 2000 وباستمرار..وفي كل زيارة ألاحظ، وادقق فيما يحدث من تطور هائل، وتنمية شاملة للمدينة بأكملها، "تنمية" بمعني كلمة "تنمية"، و"تطور تكنولوجي" بمعناه العلمي، تطور في كل شيء وأهم شيء، "التطور في المنظومة الأخلاقية ". وأعتبر أن نجاح " المنظومة الأخلاقية" هو التطور الأعظم، التطور في نوعية وأخلاق البشر الذين يعيشون في دبي، سواء كانوا من المواطنين، أو من المقيمين لأسباب مختلفة، للسياحة أو للعمل، ومعظمهم من العاملين.. لا أحد يتعدي علي حقوق غيره. ما هي " آليات نجاح المنظومة الأخلاقية "؟ " الأخلاق"!! التي تعتبر من السمات الشخصية للانسان، ونقول دائما" الخبرة تكتسب و الأخلاق لا تكتسب". " نجاح المنظومة الأخلاقية" وسط التحدي المحوري، وهو الاختلاف الكبير في جنسيات المقيمين بدبي، وعلاقتهم بالمواطنين الأصليين.. والمقيمين بدبي، وهم من معظم دول العالم .. الدول العربية، والافريقية، والأوروبية، والأمريكية، والأسيوية .. نعم كل قارات العالم باختلافات ثقافتها ممثله، و تعيش تقريباً في الامارات العربية، لاسيما في "دبي"، والتي نحن بصدد الحديث عنها اليوم. والسؤال الذي أسئله لنفسي كل مرة أذهب لدبي.. كيف يعيش الوافدين من أهل هذه الدول المختلفة بالثقافات ، واللغات، والديانات، والألوان، والعادات الاجتماعية المتباينه؟ وكيف يتفاعل الجميع سوياً.. الطبقات الفقيرة، والمتوسطة الدخل، والأثرياء؟ ما هي آليات التعايش؟ وما هو حال الفئات الخاصة التي تشغلنا جميعاً كالطفل والمراة، والأشخاص ذوي الاعاقة، والمسنين، والمرضي طالبي الرعاية الصحية وغيرهم، وسط هذا الكم الهائل من التباين؟ ومن المسئول عن تهيئة التناغم والتلاحم بين الجميع. الحقيقة.. و الاجابة علي كل ما سبق، هو أن هذه المدينة الصغيرة، والعظيمة" دبي" تحكمها دولة القانون، الذي لا يستثتي أحد.. وهو ما ينظم العلاقة بين الجميع.. غني أوفقير.. مواطن أماراتي أووافد، سائح أو عامل ...الخ وهل القانون وحدة هو الحل؟؟ ونحن دائماً حينما نتحدث عن مشكلة في مصر، نقول مقولتنا الشهيرة" أن التشريعات وحدها لا تكفي".. وانا هنا أشيد بأهتمام القائمين علي شئون وحكم هذه الدولة، وأري أهتمامهم بكل كبيرة وصغيرة، أشاهدها أمامي، وأؤكد علي أن الدولة ناجحة لأنها دولة "قانون".. نعم القانون هو الذي ينظم العلاقة بين الجميع. كيف نناقض أنفسنا، ونقول أن القانون هو الحل؟ وفي مصر نقول أن القانون وحدة ليس الحل!!. التفت أمامي إلي المبني الذي أقيم فيه علي سبيل المثال.. وأجد أن الاهتمام بالبنية التحتية، أهتمام شمل كل التفاصيل الممكن أن تؤثر في حق الانسان في الحياة الكريمة. الأهتمام بالبنية التحتية، هيئها إلي أن تكون ملائمة للفئات الخاصة.. وعلي سبيل المثال ملائمة للأشخاص ذوي الاعاقة، ملائمة للمعاناه التي يعانون منها، هم وأسرهم، فتخصص الدولة في كل مكان أماكن لسيارات ذوي الاعاقة، وتضع الدولة الأولوية لهم بحيث تكون قريب من مدخل البناية، وكذلك لم تغفل الدولة المرافق المخصصة للكراسي المتحركة.. ولم يترك الأمر كذلك ففرضت الدولة، عقوبة كبيرة علي الأشخاص الاسوياء، الذين يستخدمون أماكن سيارات المعاقين لركن سيارتهم. وهذه العقوبة ليست عقوبة مالية فقط.. وآلا دفعها المخالف وكرر الخطأ.. ولكن العقوبة "عقوبة تأديبية"، تتمثل في سحب السيارة لمدة محددة، وحرمان مالكها من قيادتها، ليعاني من حرمانه من سيارته!! وليتعلم درس هام، أن هذه الأماكن مخصصة لركن سيارات ذوي الاعاقة دون غيرهم.. لأن لهم ظروف خاصة، يٌلزم القانون الدولة بمراعاتها، وعلي الجميع أحترام هذا الاهتمام، وأن من يخرق القانون بأستخدام هذه الأماكن تعدي بشكل غير مقبول علي حقوق ذوي الاعاقة! وعليه لن يكرر ذلك مرة أخري، والا ستكون العقوبة أغلظ.. وقد يتم سحب رخصة القيادة منه نهائياً إذا خالف القواعد.. لأنه لا يحترم القانون، ولا يحترم أعاقة هؤلاء الأشخاص!. سيتعلم جيداً المخالف "حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة" ويتعلمها معه جميع أفراد أسرته، وأصدقائه، سيتعلمها أطفاله، لينشأ الطفل محترماً لحقوق أشخاص كتب عليهم الحرمان من بعض النعم التي منحها الله للأشخاص الأسوياً...موضوع كبير وليس بالهين. والسؤال هو: لو كانت المرافق لدينا في مصر مهيئة للأشخاص ذوي الاعاقة، هل سيطبق القانون علي الجميع، أم سيكون هناك استثناءات؟. والسؤال الأخر: لماذا لم يتم تهيئة المرافق حتي الآن؟ علي الرغم من الكم الهائل من المنح التي خصصت لمشروعات، تبحث، وتحدد، وتدقق، في ماهيه المرافق التي يحتاجها الأشخاص ذوي الاعاقة؟ والاجابة أن هذه المشروعات، والمنح خلف عنها، كم هائل من الدراسات والابحاث، كما تم من خلالها عقد اجتماعات، ورحلات مكوكية للخبراء لدول العالم، وتم لأجلها توظيف خبراء ومستشارين، لاحصر لهم لأقتراح قوانين لتنظيم حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة!!!!!.. بغض النظر عن أنه تم النظر في مدي تطبيق القوانين الحالية أم لا؟ أو تم مراجعة الدراسات، والأبحاث المتاحة أم لا!!. والسوال اللاحق.. هل تم محاسبة هؤلاء الذين أهدروا هذه المنح التي خصصت لأجل الأشخاص ذوي الاعاقة؟؟ وبمعني هل تم تطبيق القانون عليهم؟؟ والسؤال يشكل أخر.. هل هناك عدالة ناجزه في هذا الصدد؟؟ الخلاصة أن الأشخاص ذوي الاعاقة، لا يحصلون حالياً علي أبسط حقوقهم نتيجة التراخي في القانون، وغياب المنظومة الاخلاقية. قضية أخري هي حصول المواطن المريض، علي حقه في ان تتاح له خدمة الرعاية الصحية ذات الجودة في حالات الطوارىء. وهنا تدهش من النظام الرائع بمستشفي عادي بدبي.. كل التفاصيل المتعلقة باستقبال المريض بالطواريء، بلا تراخي، أو سوء معاملة تجده في دبي.. أستقبال محترم .. آليات محترمة.. كل عامل له دور، من أول مسئول الاستقبال حتي الطبيب. آليات ومنظومة حقوقية محترمه ينظمها القانون، تأخذ في الاعتبار الحالة الصحية الخاصة لانسان مريض، ذهب للمستشفي للحصول علي أبسط حقوقه، وهو حقه في أن يحصل علي خدمة صحية في حالة الطواريء. ولا يخفي علي أحد معاناه المرضي المصريين، إذا ذهبوا لمستشفي استثماري فاخر في مصر.. سوء معاملة لا يمكن أن يتحملها المريض بحالته الصحية، والظرف الطاريء نتيجة معاناه المرض، وكذلك حالة أهلة النفسية !!! وتجدر الاشارة هنا إلي أني أتحدث عن مستشفي أستثماري فاخر، وليس مستشفي حكومي... وأنا أتحدث عن موقف شخصي حدث لي منذ أشهر معدودة في مصر. في الحقيقة .. وأنا أتأمل ما رايته في دبي من أهتمام بكافة التفاصيل التي تأخذ في الاعتبار، وجود مكان صديق للأطفال للترفيه، واللعب تحت كل مبني، وبجوار كل مطعم، أو محال تجاري.. شكل ونوع، الألعاب المحترمه السليمة، التي لا تتسبب في وقوع، أو أصابة الأطفال نتيجة سوء حالتها.. تفاصيل بسيطة في الشارع .. الانارة.. البلوعات.. أماكن للصلاة.. أماكن للجلوس.. أماكن لعبور المشاه.. عدم وجود أطفال شوارع أو متسولين!! أماكن للانسان.. ليعيش ويحيا بكرامة انسانية. تفاصيل تجعلك تشعر بأن الامارات العربية نجحت في سنوات معدودة في أن تصل إلي العالمية، وتنافس دول سبقتها من سنوات.. نجحت من خلال تطبيق القانون علي الجميع بلا أستثناء. أدعو الله أن تتعافي مصر، و نراها مثل دبي... دولة يحترم فيها الانسان والمواطن، والطفل والأشخاص ذوي الاعاقة والمسنين.. تحترم فيها حقوق الانسان.. يطبق فيها القانون علي الجميع بلا أستثناءات.. يحصل فيها الانسان علي أبسط الحقوق.. حقه في الكرامه الانسانية..وتحيا جمهورية مصر العربية.