وسط صخب الحياة وتدافع اللغات الغريبة والدخيلة إلى المجتمع للقضاء على اللغة الفصيحة والثقافة العربية المتوارثة ، قلّما تجد من الشباب من يتبنى قضية اللغة وهَم الحفاظ عليها من التوهة في زحمة اللهجات المستحدثة. "هدير الحبشي".. تعمل معيدة في مجال الفيزياء بالجامعة الأمريكية ، عشقت الأدب والشعر وتميزت في إلقائه بقدر ما حزنت على ضياعه بين العامة والمواطنين واقتصار نشره بين النخب الثقافية والباحثين والمهتمين بهذا المجال فقط ، بادرت "هدير" التي لم تكمل عامها الخامس والعشرين بتدشين مبادرة بعنوان "الهدير" للحفاظ على الثقافة العربية عن طريق اعادة انتاج قصائد الشعراء العظام قديمهم وحديثهم ، كالمتنبي وأبو القاسم الشابي وأحمد شوقي وأحمد مطر وغيرهم ، وذلك بتسجيل أعمالهم وإعادة نشرها على موقع اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي. وعندما تحدثنا مع صاحبة الفكرة "هدير"، أكدت لنا أن الفكرة جاءتها عندما لم تجد منبعا لتستقي منه تلك الأعمال العظيمة للشعراء بشكل مختلف يواكب تطورات العصر، كما أن كثيرا من غير القارئين من المكفوفين مثلا محرومون من قراءة هذه القصائد ، فلماذا نحرمهم من سماعها اذن؟! ، وقالت انها استعانت في تنفيذ الفكرة بالمهندس "عاصم السيد" طالب الهندسة والشغوف بالثقافة العربية أيضا ، لما يملكه من احترافية في برامج مونتاج الصوت والصورة ، كما أبدت أن إسم المبادرة ليس فقط نسبة إليها وإنما للمعنى اللغوي لكلمة "الهدير" والتي تعني " الصوت القوي" وتابعت "هدير" حديثها عن المشروع: هدفنا هو إعلام راق وبديل يواجه التلوث السمعى الذى نواجهه هذه الأيام ، حتى كلمات الأشعار التى ننشرها تكون منتقاه ، إننا نقدم أعمال نتحرى فيها مخارج الألفاظ الصحيحة والصرف والنحو والنطق العربى ونبحث فى جميع المعاجم إذا اختلفنا على كلمة حتى نتحرى صحتها. وعن نفقات التسجيلات قالت "هدير": ندفع نفقات فقط لتأجير استديوهات صوت لتسجيل ما نختاره من أعمال ، أما عن النشر فنستخدم في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي وموقع الفيديوهات الشهير "يوتيوب" ، وحققنا بفضل الله نجاحا ملحوظا برغم قلة ما سجلناه حتى الآن ، فبعض التسجيلات قارب على ال 20 ألف مشاهدة على اليوتيوب ، كقصيدة "هات العدل" للشاعر أحمد مطر. وقالت هدير إن مبادرتها لن تتوقف على نشر الأشعار أو الأعمال القديمة فقط ، بل ستعمل في القريب العاجل على انتاج فيديوهات لقصائد والشعراء الجدد والكتب الهامة أيضا ، ودعت كل من يريد أن يشترك في المبادرة لنشر أعماله أن يبادر بارسالها. وناشدت "هدير" الهيئات الثقافية الحكومية كالمكتبات العامة وقصور الثقافة ، والمستقلة كساقية الصاوي وغيرها أن تفسح لهم المجال وتمنح لهم الفرصة لتقديم هذه الأعمال بشكل مباشر الى الجمهور ليتفاعل معها.