اعتبرت صحيفة "لوموند" اليوم "الأحد"، أن التدخل العسكرى الفرنسى فى جمهورية إفريقيا الوسطى هو "جدير بالثناء" ولكن نتائجه "غير مؤكدة". وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه بقرار انخراطها فى عملية عسكرية "حساسة" لتأمين افريقيا الوسطى، تعود فرنسا مرة أخرى إلى هذا البلد الذى بدل مرارا وتكرارا مسار التاريخ، دون التوصل فى أي وقت مضى إلى تحسين الوضع بشكل دائم. ووصفت "لوموند" الوضع بافريقيا الوسطى ب"الخطير"، حيث إن المواجهات والعنف الطائفى يثير المخاوف من حدوث الأسوأ، مضيفة أن العاصمة بانجي وضواحيها كانت يومى الخميس والجمعة الماضيين مسرحا لأعمال عنف نادرة، فمعظم الضحايا لم يقتلوا في المعارك، وإنما ذبحوا في سياق الانتقام والثأر، أما باقى البلاد فيسودها الفوضى والإرهاب والكراهية الدينية. وذكرت اليومية الباريسية أن الأهداف التى أعلنتها فرنسا والمتعلقة بمساعدة أفريقيا الوسطى على استعادة أمنها، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لا شك فيها، ومع ذلك، قد يكون تنفيذ العملية العسكرية والنتيجة السياسية المرجوة بعدها أكثر تعقيدا من التصويت على قرار للأمم المتحدة بشأن التدخل. واعتبرت "لوموند" أنه اليوم، وقبل التفكير في إعادة بناء إفريقيا الوسطى التى باتت بلد أشباح، فإن الأمر الأكثر صعوبة يكمن فى تحديد الجنود الفرنسيين لهوية عدوهم. وأوضحت أن ميليشيا الساليكا (المنحلة) - هذه الحركة من المتمردين السابقين المسئولين عن الأعمال الانتقامية العنيفة - والدفاع عن نظام ولد من رحم الانقلاب، ولكن المجتمع الدولي، وخاصة الرعاة في المنطقة -تشاد والكونغو برازافيل- اختاروا حتى الآن مرافقة هذه السلطة في فترة انتقالية غامضة ينبغي أن تؤدي إلى انتخابات، من الناحية النظرية فى فبراير 2015. وأضافت أن المعسكر الآخر الذى يعارض المعسكر الأول يشمل القرويين الغاضبين من التجاوزات أو العسكريين الذين قرروا الإطاحة بالحكومة الانتقالية، ولكنهم ارتكبوا أيضا جرائم رهيبة. وأشارت "لوموند" إلى أنه إلى جانب الصعوبات التقنية التى تواجه العملية العسكرية الجارية التى يشارك بها حوالى 5 آلاف عنصر من العسكريين الافارقة فى دولة مساحتها تصل إلى أكبر من مساحة الاراضى الفرنسية، فإن القوة الاستعمارية السابقة (فرنسا) لا تريد أن تشارك مباشرة في التسوية السياسية لهذه الأزمة. وذكرت الصحيفة أن فرنسا تريد أن تترك البلاد في أقرب وقت ممكن وتسليم المهام إلى الأممالمتحدة التى لم تطلع في السنوات الأخيرة بعملها فى جمهورية أفريقيا الوسطى، مشيرة إلى أن الأزمة فى بانجى لم تولد مع الإطاحة بالرئيس فرانسوا بوزيزيه، فى الرابع والعشرين من مارس الماضى، ولكن التقصير في أداء الدولة ، والانتخابات المزورة، وانجراف الأمن والمأساة الإنسانية، قد بدأت في وقت سابق عن ذلك بكثير. واختتمت "لوموند" بالقول إن العملية العسكرية التى يقوم بها الجنود الفرنسيون والأفارقة لا يمكن أن تحل كافة المشاكل فى افريقيا الوسطى التى تقف في مفترق الطرق بين عدة مناطق النزاع في دارفور إلى منطقة البحيرات الكبرى، مشددة على أن جمهورية إفريقيا الوسطى بحاجة إلى دعم سياسى قوى، وانخراط طويل الأمد، على أمل فى أن يكون المستقبل أفضل.