سوف تظل إحدي سمات مصر القومية التي علينا جميعا شعبا و حكومة- أن نتعاون بإخلاص للحفاظ عليها ودعمها, هي وسطية مصر و اعتدالها. تلك حقيقة لصيقة بمصر, وإحدي ملامح شخصيتها وطابعها القومي المميز, التي رصدها العديد من المؤرخين و الباحثين علي مدار التاريخ و حتي ابن مصر العظيم جمال حمدان. أقول هذا بمناسبة الجدال الذي ثار مؤخرا حول مسألة الشيعة و التشيع في مصر و الإحتفالات بذكري عاشوراء, ومقتل الإمام الحسين. إن نقطة الانطلاق التي ينبغي أن تكون محل توافق بين الجميع هي أن الإسلام هو الجامع بين السنة و الشيعة, وأن اختلاف المذاهب لا ينال أبدا من الإنتماء الديني الأصلي, ومن حقنا هنا أيضا ان نعتز كمصريين بجهد أحد علماء الأزهر العظام وهو الشيخ محمود شلتوت الذي كرس جانبا من جهوده لدعم الوحدة الإسلامية قائلا: إن الإسلام لا يوجب علي أحد اتباع مذهب معين, بل نقول إن لكل مسلم الحق في أن يقلد باديء ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا......وأن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة. إن ذلك يعني بكل وضوح أن نرفض و ننبذ بكل حسم كافة مظاهر التعصب( والتخلف) التي تصدر عن أي جهة كانت. وإذا كان من المرفوض بداهة- رفض أي شكل من أشكال التطرف الشيعي فكرا و ممارسة- فإن من المهم أيضا التصدي للتعصب السلفي المقيت والذي يحرم المسلم من اتباع المذهب الذي يميل إليه, خاصة وأن سنية المصريين مسألة تاريخية وواقعية ثابتة, لم تتعارض أبدا مع حبهم المعروف لآل البيت, واحتفالهم الشعبي البسيط بعاشوراء. في هذا السياق, لا شك أن إحدي مظاهر الخزي والعار في ظل الحكم الإخواني الآفل كان ما عرف للأسف بمذبحة الشيعة التي وقعت في زاوية أبو مسلم بالجيزة في 23 يونيو الماضي, التي كانت إحدي العلامات الهامة علي مناخ الفتنة والتعصب الذي ابتليت به مصر في ظل الحكم الإخواني قبل ايام قليلة من ثورة 30 يونيو! إن علينا دائما وأبدا أن نحرص علي مصر الحقيقية التي نعرفها ونحبها: مصر المعتدلة, السمحة, البعيدة عن أي تعصب أو تطرف! نقلا عن "الأهرام"