بدأت الأممالمتحدة والقوى الغربية قبل سبع سنوات تفرض على إيران عقوبات اقتصادية تزيد شدتها باطراد، وفي الوقت نفسه تقريبا بدأت هيئة يسيطر عليها الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي تدرس السبل التي تمكنت من خلالها بعض القوى الاقتصادية النامية من تحقيق نمو سريع. وكانت ستاد وهو الاسم الذي تعرف به الهيئة قد جمعت مليارات الدولارات من العقارات المصادرة من مواطنين إيرانيين. وخلصت ستاد إلى أن ما ينقص إيران وتحتاج إليه هو المؤسسات الاقتصادية العملاقة المتعددة الأنشطة مثل تلك القائمة في كوريا الجنوبية واليابان والبرازيل والولاياتالمتحدة. وحسب التوضيحات التي أدلى بها هذا العام علي أشرف أفخمي وهو مسؤول كبير في الوحدة التي تشرف على استثمارات ستاد المالية اختارت الهيئة المرشح المثالي لصنع بطل وطني إيراني وهو ستاد نفسها. وأقدمت الهيئة التابعة لآية الله على تملك حصة في بنك كبير بحلول 2007 وحصة في كبرى شركات الاتصالات الإيرانية في 2009. ومن بين عشرات الاستثمارات الأخرى تملكت شركة قابضة عملاقة في 2010. وتكشف خارطة هيكلية عنوانها "ستاد في لمحة" أعدتها إحدى شركات ستاد في 2010 واطلعت عليها رويترز عن مقدار ما بلغته الهيئة من اتساع ونمو. فالوثيقة تبين امتلاكها حصصا في بنوك كبرى ودارا للسمسرة وشركة للتأمين ومحطات كهرباء وشركات للطاقة والبناء ومصفاة لتكرير النفط وشركة للأسمنت ومصنع للمشروبات الغازية. واليوم باتت أعمال ستاد الواسعة النطاق تتيح للزعيم الأعلى خامنئي مصدرا مستقلا للدخل وقدرة مستقلة على بسط النفوذ برغم تشديد الضغوط الغربية على الاقتصاد الإيراني من خلال العقوبات عملا على وضع نهاية لبرنامج التطوير النووي الذي يسيطر عليه. ويقول محسن سازكارا الذي شارك في تأسيس الحرس الثوري ويقيم الآن في المنفى في الولاياتالمتحدة "تحت تصرفه مبلغ ضخم يمكنه إنفاقه. عندما يكون عندك هذا القدر الكبير من المال فهذا قوة في حد ذاته." ومع اكتساب ستاد مزيدا من السيطرة على الاقتصاد الإيراني في السنوات الأخيرة كانت القوى الغربية تعلم بأمرها وبصلتها بالزعيم الأعلى وهو الرجل الوحيد الذي يملك سلطة وقف برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني. لكن تلك القوى تحركت بحذر وأفلتت ستاد إلى حد بعيد من الضغوط الخارجية. وفي يوليو تموز 2010 أدرج الاتحاد الأوروبي محمد مخبر رئيس ستاد في قائمة الكيانات والأفراد الخاضعين للعقوبات الأوروبية لمزاعم ضلوعهم في "أنشطة نووية أو صاروخية". وبعد ذلك بسنتين رفعته من القائمة. وفي يونيو حزيران أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية ستاد و37 شركة "تشرف عليها" الهيئة في قائمة الكيانات الخاضعة للعقوبات الأمريكية. ولم يرد اسم خامنئي في الإعلان لكن مسؤولا في وزارة الخزانة أبلغ إحدى لجان مجلس الشيوخ لاحقا بأن ستاد يسيطر عليها مكتب الزعيم الأعلى. وعندما سألت رويترز بعض المسؤولين الأمريكيين لماذا لم يستهدف خامنئي نفسه أجابوا بأنهم لا يريدون منح مزيد من الحجج للمسؤولين الإيرانيين الذين يرددون أن هدف واشنطن النهائي هو الضغط على إيران بالعقوبات حتى تسقط الحكومة. وقال مسؤول أمريكي "سياستنا ليست هي تغيير النظام لكنها بالتأكيد الضغط على هذا النظام." وعندما بدأت ستاد تشعر بالضغوط كانت قد أصبحت بالفعل كيانا عملاقا. وفي الفترة منذ عام 2000 دخلت كل مجالات الاقتصاد تقريبا. وقال ديفيد كوهين وكيل وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الإرهاب والمعلومات المالية قي مقابلة إن ستاد تدر الآن إيرادات قيمتها "مليارات الدولارات سنويا". وأضاف أن "أموال الزعيم الأعلى الشخصية تدار وتستثمر في" وحدة تابعة لستاد تعرف باسم مجموعة تدبير للتنمية الاقتصادية لكنه قال إن المبلغ غير معروف. وقال متحدث باسم وزارة المالية إن تدبير تدير أيضا استثمارات "شخصيات قيادية أخرى" في إيران لكنه لم يذكر أسماءهم. ولم يرد المسؤولون في مكتب الرئيس الإيراني ووزارة الخارجية ومجموعة تدبير للتنمية الاقتصادية على طلبات التعليق لإعداد هذا الموضوع. وأصدرت سفارة إيران في دولة الإمارات العربية المتحدة بيانا وصفت فيه نتائج رويترز بأنها "مبعثرة ومتباينة" و"ليس لأي منها أي أساس". ولم تذكر تفاصيل. وقال حميد ويزي المدير العام للعلاقات العامة بمؤسسة ستاد في رسالة بالبريد الالكتروني إن ما ورد في تقارير رويترز بعيد عن الواقع وليس صحيحا لكنه لم يخض في التفاصيل. وفي رسالة لاحقة قال إن ستاد ترفض المزاعم الأمريكية وإنها بصدد التعاقد مع مستشار قانوني أمريكي للطعن في العقوبات. ويتعذر حساب القيمة الإجمالية لستاد بسبب سرية حساباتها ولأن حصصها في الشركات تتغير باستمرار. لكن رويترز تمكنت من تحديد ممتلكات عقارية واستثمارات في الشركات وغيرها من الأصول تحت سيطرة ستاد قيمتها 95 مليار دولار تقريبا. ويستند هذا التقدير إلى تصريحات مسؤولي ستاد وبيانات من سوق طهران للأسهم ومواقع الشركات ومعلومات من وزارة الخزانة الأمريكية. وقرابة 52 مليار دولار من هذا المبلغ في صورة عقارات إذ صرح رئيس إدارة العقارات في ستاد في مؤتمر صحفي في 2008 بأن الوحدة العقارية في الهيئة تساوي هذا المبلغ. ويحتمل أن يكون هذا الرقم زاد أو نقص منذ ذلك الحين لأن محتوى محفظة العقارات يتغير. ووجدت رويترز أن لستاد أيضا ملكيات في الشركات تقدر بنحو 43 مليار دولار أو أكثر: - قدرت وزارة الخزانة الأمريكية قيمة شركة ري للاستثمار التي تسيطر عليها ستاد بمبلغ 40 مليار دولار تقريبا في 2010 وهي السنة التي سيطرت ستاد فيها على الشركة. (لم تذكر وزارة الخزانة تقديرا لقيمة ستاد الإجمالية). - اشترت ستاد من خلال شركة تابعة لها حصة نسبتها 19 في المئة من شركة الاتصالات الإيرانية وهي كبرى شركات الاتصالات في البلاد مقابل ثلاثة مليارات دولار تقريبا. - حددت رويترز ما لا يقل عن 24 شركة مساهمة عامة أخرى لم ترد في قائمة عقوبات وزارة الخارجية الأمريكية الأخيرة تملك فيها ستاد أو شركات تستثمر فيها ستاد حصص أقلية. وتزيد قيمة هذه الاستثمارات بسعر الصرف الرسمي الحالي عن 400 مليون دولار وفقا لتقديرات من سوق طهران للأسهم وبيانات تم الحصول عليها من موقع السوق ومواقع الشركات على الأنترنت. - حددت رويترز 14 شركة أخرى لستاد استثمارات فيها - من خلال شركات أخرى في أغلب الحالات - لم يتسن تقدير قيمتها لأنها ليست شركات مساهمة عامة وأسهمها غير متداولة. وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إن الحرس الثوري وهو قوة عسكرية كبيرة مكلفة بحماية إيران من التهديدات الداخلية والخارجية يقوم منذ أمد طويل بدور محوري في اقتصاد البلاد وله ممتلكات واسعة في صناعات الدفاع والتشييد والنفط. وتتيح ستاد للزعيم الأعلى موردا ماليا مستقلا مهما وهو مورد يزيد قوته كثيرا. وقال موظف سابق في ستاد إن خامنئي يعين مجلس إدارتها لكنه ينيب آخرين في إدارة الهيئة. وأضاف أن ما يهم الزعيم الأعلى في المقام الأول هو أرباحها السنوية التي يستخدمها في تمويل جهازه البيروقراطي. وقال الموظف السابق "كل ما يهمه هو الرقم." ولم يرد مكتب الرئيس الإيراني ووزارة الخارجية ومسؤولي ستاد على الأسئلة التفصيلية التي قدمتها رويترز لإعداد هذا الموضوع. وتفاصيل الطريقة التي حصلت بها ستاد على هذا العدد الكبير من الحصص في الشركات العامة والخاصة غير واضحة. ويقول أشخاص مطلعون على أنشطة الهيئة إنها اشترت حصصا من السوق المفتوحة ومارست ضغوطا على بعض المستثمرين كي يبيعوها أسهما. وفي حالة واحدة على الأقل صودرت أسهم تسيطر عليها ستاد الآن من مالكيها الأصليين. وأبلغت شيرين رقابي وهي مدرسة تقيم الآن في كاليفورنيا رويترز أنها كانت من كبار حملة الأسهم في شركة فارس وخوزستان للأسمنت التي تقول في موقعها على الإنترنت إنها كبرى شركات الأسمنت الإيرانية. وأضافت رقابي أن الأسهم التي كانت قد اشترتها قبل ثورة 1979 بعدة سنوات صودرت قبل ما يزيد على 20 عاما. وقال زوجها المحامي روس كيه. رقابي إنه علم عندما بحث المسألة قبل بضع سنوات أن الأسهم صادرتها مؤسسة تدعى بونياد مستضعفان لكن ملكيتها نقلت بعد ذلك إلى شركة أخرى مرتبطة بستاد. ويقدر قيمة الأسهم الحالية بما يقرب من 100 مليون دولار. وقال "إنها أشبه بموجة جارفة الآن. وهم يسيطرون على كل هذه الشركات."