ما حدث اليوم من اشتباكات بين الثوار وشباب الإخوان أمام برلمان الثورة يدعو للأسف، فمن كانوا يقفون صفًا واحدًا ويهتفون بإسقاط النظام والظلم والفساد، الآن يقذفون بعضهم البعض بالحجارة ويتلفظون بأسوأ الألفاظ وكلٌ يُدافع عن مصلحته الشخصية بعيدًا عن المصلحة العامة للوطن. فشباب الإخوان يرون أن جماعتهم التى تم إقصاؤها من المشاركة السياسية منذ 80 عامًا هى الآن على رأس السلطة التشريعية وتقترب من السلطة التنفيذية.. أما شباب الثورة وباقى التيارات التى خسرت معركتها الانتخابية ترى أن هذا المجلس باطل ولابد من إسقاطه لأنها لم تستعد بالشكل الكافى لتلك الانتخابات التي جاءت بناء على نتائج استفتاء مارس بإجراء الانتخابات قبل الدستور وهى المرحلة التى بدأ عندها الخلاف. ومنذ تلك الفترة والتيار الإسلامى فى وادٍ وباقى القوى السياسية الليبرالية والثورية فى وادٍ آخر وبدأت الخلافات فى التصاعد منذ الاستفتاء على التعديلات الدستورية وتبعها رفض التيار الإسلامى "وثيقة السلمى" ومن ثم الحشد لجمعة رفض المبادئ فوق الدستورية فى 18 نوفمبر والتى تبعتها اشتباكات بين قوات الأمن والمُعتصمين بميدان التحرير والتى انتهت بأحداث "محمد محمود" التى رفض خلالها الإخوان المشاركة بحجة عدم الانقلاب على المجلس العسكرى "السلطة" وعدم الاشتباك بقوات الجيش. ووصلت الخلافات إلى ذروتها مع بداية الانتخابات البرلمانية وكانت هناك حملة تشوية إعلامية قاسية من قبل الطرفين استخدمت فيها لغة التخوين حيث تم اتهام الإخوان بعقد صفقة مع المجلس العسكرى للوصول للبرلمان فى حين اتهم الإخوان القوى السياسية بالعمالة إلى الخارج وتنفيذ مُخطط أجنبى فى مصر. وبين هذا وذاك انتهى عام على الثورة وقرّر الجميع النزول لميدان التحرير ولكن اختلفت الأهداف، فالتيار الإسلامى كان يرى أن الثورة حققت أهدافها بالنسبة له وهى الوصول للسلطة التشريعية أما القوى السياسية والثورية فكانت ترى أن مطالب الثورة لم تتحقق بعد ولا بد من استكمال الثورة أولاً قبل الاحتفال بها ولكن حتى ذلك الوقت لم يكن هناك أى اشتباكات بين الطرفين حتى مساء الجمعة الماضية. وبغض النظر عن أسباب وقوع تلك الاشتباكات فإن ما حدث يعد ردة للثورة السلمية التي أبهرت العالم كله ولم يكن هناك فارق بين مسلم ومسيحى وبين إسلامى وليبرالى ويسارى، فالجميع كان يدٌ واحدة.