وفق توجيهات الرئيس.. وزير التعليم يضع استراتيجية شاملة للتعليم المصري    وزير التموين: البورصة السلعية المصرية تفتح آفاقًا جديدة لصغار المزارعين    بعد الزلزال، البحوث الفلكية: لا نتوقع حدوث تسونامي في البحر المتوسط    الفاو: منع وصول المساعدات إلى غزة "يُفضي إلى الموت"    11 مصابًا ولاعب موقوف.. ريال مدريد يفقد فريقًا كاملًا أمام مايوركا    ختام معسكر الحكام المساعدين الواعدين بالإسكندرية (صور)    البدري ليلا كورة: في طريقنا للقاهرة.. وكهربا غير متواجد معنا    مصرع شخصين وإصابة 4 في حريق داخل مخزن خردة في الدقهلية    خالد الجندي: نسب الرزق من الحرام والفواحش إلى الله سوء أدب مع رب العالمين (فيديو)    خلال 90 يومًا فقط، منشآت الرعاية الأساسية بالدقهلية تستقبل ل1.9 مليون مواطن    محافظ سوهاج يحيل واقعة مخالفات صدور بيعة لأرض أملاك الدولة بأولاد غريب للنيابة    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    ميلان ضد بولونيا.. موعد نهائي كأس إيطاليا 2025 والقنوات الناقلة    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    حجز محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي للحكم    تأجيل محاكمة قهوجي متهم بقتل شخص إلى جلسة 13 يوليو    أحكام رادعة من الجنايات ضد 12 متهم بقتل شخصًا وترويع أسرته في أوسيم    رفض الإقامة بالقصور وسيارته موديل قديم جدا.. 23 معلومة عن «أفقر رئيس في العالم»    الليلة.. محمد بغدادي في ضيافة قصر الإبداع الفني ب6 أكتوبر    استقبالا لضيوف الرحمن فى البيت العتيق.. رفع كسوة الكعبة 3 أمتار عن الأرض    مصطفى كامل.. طرح أغنية «قولولي مبروك» اليوم    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 الترم الثاني محافظة شمال سيناء    نادر السيد : تصريحات مسؤولي بيراميدز الإعلامية سبب فقدان الفريق لصدارة الدوري    تأجيل محاكمة 17 متهما بقضية "خلية العجوزة الثانية" لجلسة 28 مايو    التحفظ على 256 بطاقة تموينية وضبط مصنع تعبئة كلور داخل مزرعة دواجن بالغربية    الثقافة تختتم الأسبوع ال38 لأطفال المحافظات الحدودية بمشروع "أهل مصر".. صور    وزير الإنتاج الحربي يوجه باتباع آليات الرقمنة الحديثة وتطبيق منظومات إدارة موارد المشروعات    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    «زراعة النواب» توافق علي موازنة «الطب البيطرى» للعام المالي الجديد    «الشرق الأوسط كله سف عليا».. فتحي عبد الوهاب يكشف كواليس «السيلفي»    النيابة تستأنف التحقيق في انفجار خط غاز بطريق الواحات: 8 ضحايا واحتراق 13 سيارة    لأصحاب برج السرطان.. اعرف حظك في النصف الثاني من مايو 2025    «أنا عندي نادي في رواندا».. شوبير يعلق على مشاركة المريخ السوداني في الدوري المصري    إعفاء وخصم وإحالة للتحقيق.. تفاصيل زيارة مفاجئة إلى مستشفى أبو حماد المركزي في الشرقية    مسئول أمريكي سابق يصف الاتفاق مع الصين بالهش: مهدد بالانهيار في أي لحظة    الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء: 107.5 الف قنطار متري كمية الاقطان المستهلكة عام 2024    التعليم العالى تعلن نتائج بطولة السباحة للجامعات والمعاهد العليا    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع مجموعة تنفيذ مقترحات زيادة فصول الحضانات    حالة الطقس في السعودية اليوم.. طقس متقلب على كل الأنحاء وفرص لرياح محملة بالأتربة    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    المجموعة الوزارية للتنمية البشرية تؤكد أهمية الاستثمار في الكوادر الوطنية    توقيع بروتوكول بين المجلس «الصحي المصري» و«أخلاقيات البحوث الإكلينيكية»    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    الرئيس الأمريكى يغادر السعودية متوجها إلى قطر ثانى محطات جولته الخليجية    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    «الرعاية الصحية»: توقيع مذكرتي تفاهم مع جامعة الأقصر خطوة استراتيجية لإعداد كوادر طبية متميزة (تفاصيل)    هآرتس: إسرائيل ليست متأكدة حتى الآن من نجاح اغتيال محمد السنوار    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. هادي التونسي يكتب: فن الحياة
نشر في صدى البلد يوم 13 - 08 - 2024

تريد أن تكون سعيدا، لكن لا ضمان، فالحياة مغامرة موقوتة، و لا تعلم نفس ما تكسب غدا، ولا بأي أرض تموت. تريد أن تكون ناجحا، لكن قبل النجاح هناك جهد و صبر و ربما ألم، وحتى لو وصلت اليه، فربما جاء متأخرا بعد تعلق، و قد لا يفضي الي النتيجة التي طالما حلمت بها، تريد أن تكون ثريا، لكن لا طريق مضمونا، فان كان تفوقا دراسيا فكم من النابغين مازالوا في طي النسيان، يقاسون شظف العيش ومرارة الظلم و الإحباط، وإن كان الطريق انحرافا فقد تتعرض لمغبة عقاب القانون وقلة الشعور بالأمان. تريد أن تكون بصحة جيدة، فحتي لو أنعمت عليك الدنيا بصفات وراثية و بيئة معيشية صحية فكم من فقدوا أرواحهم في اوبئة و حوادث! تريد المجد و الشهرة و السلطة ! فما ادراك ما الثمن من صراعات و مخاطر و توتر، تعيشه حتي تصل ، و حتي تحتفظ بها ان استطعت. تريد ان تنعم بالصحة و المال و النجاح و المجد و السلطة و الشهرة معا، فحتي لو كنت متفردا و محظوظا فمن اين لك ان تعرف ما تدبره لك تقلبات الحياة و ضربات القدر!
إن عشت راغبا مصرا مجدا مراهنا علي دنياك ،لا ترى بديلا للهدف، فالتعلق مذلة بلا ضمان، و ان عشت منتظرا بقلق للمستقبل فانت لم تتمتع بحاضرك، و ان عشت متيقنا ببلوغك الهدف فانت تخاطر بالابتعاد عن الواقع و بالوقوع في شرك الإحباط و المرض ، ان لم تنجح، و ان عشت يائسا لاهيا ،فقد أضعت حياتك بلا جدوي ، وأصبحت حياتك بلا هدف إلا المتع المؤقتة، و بعضها مؤذي للنفس والغير، فما الحل!
يمكنك أن تفكر و تخطط، أن تجتهد و تسعي لأهدافك، و تبدلها، أو تغير أسلوبك و جهدك، إن واجهتك عقبات، لكن دون ان تفرض شروطا علي حياة لست خالقها، و لا تتحكم في أقدارها و مخاطرها، و ذلك بان تحترم القدر و النصيب، و انك مهما حاولت قد لا تدرك ما يخبئه القدر، و لا ما ينتظرك في كل اختيار، اخذت به او تجنبته، فالحياة تحتاج قدرا من التسليم و قدرا من الايمان الشاكر بالعناية الإلهية ، تحميك من المصائب، و تتطلب قدرا من العزيمة ؛ أن تحول المشكلة إلى فرصة للتطور البناء تعلما و إنجازا، فرب الخير لا يأتي إلا بالخير، و الايمان دافع للإنجاز، و العرفان يجلب المزيد من الخير. لكن ذلك الانغماس و ربما التمحور حول الذات و الصراع بين ما تريده و ما يعتمل داخلك قد يبدد الطاقة في توترات و إحباطات ، تقوض الصحة الجسمانية و النفسية، و تؤثر علي العادات و علي العلاقات الإنسانية، حتي لو كنت مجتهدا و شاكرا، و مؤمنا بالعناية الإلهية و القدر، فكيف تجعل حياتك الدنيا ممتعة رغم مخاطرها و آلامها !
لو تأملت تلك الاختيارات لوجدت ان منبع آلامها انك راهنت بكل شيء عليها، دخلت معركة بلا ضمان، و كرست حياتك لها، فنسيت ان تعيش، اخذت الدنيا علي قلبك ، فثقل عليه حملها، لأنك عشت داخل اهدافك و رغباتك و توتراتك و آلامك ، فماذا لو بذلت المستطاع ،و خرجت من قوقعة الذات، بان تعيش خارجها، تعيش صافيا راضيا مطمئنا من خلال الاخرين، حتي من خلال الكائنات، من خلال حكمة الحياة برفاهة الحس و عمق الإدراك ، يزيدك الفرح فرحا، و يزيدك مقاسمة الألم حكمة و إنسانية ، ان فعلت ذلك فإنك لم تحرق سفنك رهانا علي فوز غير مضمون في معركة الحياة، و ان فعلت ذلك لنمت داخلك مشاعر السماحة و السلام، و معاني المحبة و الاحتواء، وأحاسيس الاحترام والإحسان. ولأدى ذلك لحياة أكثر سعادة وعطاء، وأعمق زهدا و صفاء.
إن فعلت ذلك لعاش الآخرون داخلك، حتى وأنت وحدك، و لاحترمت خياراتهم ومدي نضجهم ورسالتهم في هذه الحياة دون ان تنتظر مقابلا، و بمراعاة ان ما انت فيه ليس فقط نتاج جهدك و قدراتك، بل أيضا نتاج ظروف المعيشة و فرص الحياة، و ربما لو كنت مكانهم بقدراتهم و نشأتهم و ظروفهم لفعلت مثلهم. ان فعلت ذلك لما اصبح في قلبك مكانا للكراهية، فدنيا الله حافلة بالخير و الشر، و لولا دفع الناس بعضهم لبعض لفسدت الأرض، فالتحدي بخيره و شره حافز للتطور و العمل، للتعلم و الإنتاج. و كلنا من خلق الله.
العيش خارج الذآت ان استطعت متعة الحياة و فنها، بل قل بداية حياة كما ينبغي، و العيش خارج الذآت يثري الحياة، و ينضج النفس، و يجلب اليها العلاقات الصادقة المحبة و القدرة على الإنتاج المبدع، و العيش خارج الذات يحل التناقض بين الأهداف و السعادة، فان كان الهدف لا يحقق السعادة بالضرورة، فالسعادة ليست الهدف، بل هي الطريق، طريق نسلكه بمحبة و شغف، محبة كدافع و أسلوب و كهدف يزيد منها، و يجعل رحلة الحياة الموقوتة نزهة للروح، و بلسما لحياة الآخرين. لكن العيش خارج الذات يقتضي إرادة متجددة ان تعرف إدارة طاقتك، و تحسن توجيه انتباهك الانفعالي، أن تكون الطرف الفاعل في الحياة و ليس مفعولا به ، الطرف الفاعل الذي يختار ما يفكر فيه، و يشعر به دوما بإيجابية ،دونما اهتمام بسلبيات و توترات تختلس الطاقة فتقوض حسن العمل و التعامل ، و تضعف القدرة علي التعلم و التوافق النفسي، العيش خارج الذات هو السهل الممتنع، و هو الهدف الصعب، لكنه يستحق، و ما لا يؤخذ كله لا يترك كله، فان اردت ان تعيش بفن الحياة، فلا بديل لاستمرار المحاولة، و استمرار التعلم، و استمرار الأمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.