أسعار اللحوم اليوم الاثنين 17-6-2024 في الأسواق    أسعار الذهب اليوم الاثنين 17-6-2024 في مصر.. كم يسجل عيار 21 الآن؟    «خطوة بخطوة».. طرق شحن عداد الكهرباء الكارت بالموبايل في العيد    «القاهرة الإخبارية»: قوات الاحتلال الإسرائيلي تقصف جنوب غزة    7 معلومات عن الطيار حسن عدس المتوفى بعد الهبوط في جدة.. «مكملش 40 سنة وغير متزوج»    فيلم عصابة الماكس يحتل المركز الثالث في السينما بإيرادات مليون جنيه    دعاء طواف الوداع: «اللهم إن كنت رضيت عنِّي فازدد عنِّي رضا»    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    الخارجية الإيرانية: بيان الترويكا الأوروبية بشأن البرنامج النووي الإيراني لا قيمة له    جندي إسرائيلي يتخلص من حياته بعد عودته من الحرب في غزة    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط غزة    حسم موقف سيرجو روبيرتو من الرحيل عن برشلونة    بعد قرار كولر.. الأهلي يفتح باب الرحيل أمام أليو ديانج للدوري السعودي    استقرار أسعار الفاكهة بسوق العبور اليوم 17 يونيه    «الأرصاد»: انخفاض في درجات الحرارة.. العظمى على القاهرة 37    ملفوف في سجادة.. تفاصيل العثور على جثة شاب مقتولًا في البدرشين    انتقاما منه.. تفاصيل إضرام سيدة النيران في شقة زوجها لزواجه في الوراق    ثاني أيام العيد.. سيولة بميادين القاهرة والجيزة    إصابة عامل بحروق أثناء تنظيف المنزل بمادة بترولية بجرجا فى سوهاج    جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد يتولى تنفيذ 1384 مشروعًا بالمبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    اليوم.. قصور الثقافة تستعيد ذكريات الثمانينيات والتسعينيات في حفلات مجانية بالسامر والقناطر    إعلام فلسطينى: قصف إسرائيلى يستهدف المناطق الجنوبية لمدينة غزة    «المالية»: تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودي ومتوسطي الدخل    ما حكم ذبح الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟    «المحلاوي» عن يوم «القر».. من أعظم أيام الله ويستجاب فيه الدعاء (تفاصيل)    جامعة القاهرة تستقبل 3079 حالة طوارئ وتُجري 371 عملية خلال عطلة العيد    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيراد يومي في تاريخ السينما المصرية    الجونة يستضيف البنك الأهلي لمداواة جراحه بالدوري    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 17 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    تشكيل الزمالك المتوقع أمام المصري في الدوري    مصادر فلسطينية: القوات الإسرائيلية تقتحم مخيم عقبة جبر في أريحا ومدينة قلقيلية    تشكيل الإسماعيلي المتوقع ضد إنبي في الدوري المصري    فرنسا ومبابي في اختبار صعب أمام النمسا في مستهل مشوار يورو 2024    الدولار يسجل 47.75.. أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه اليوم    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. ثاني أيام عيد الأضحى 2024    المنيا تسجل حالة وفاه جديدة لحجاج بيت الله الحرام    بينها دولتان عربيتان.. 9 دول إسلامية تحتفل بأول أيام عيد الأضحى اليوم    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    بعد إثارته للجدل بسبب مشاركته في مسلسل إسرائيلي.. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    "تهنئة صلاح وظهور لاعبي بيراميدز".. كيف احتفل نجوم الكرة بعيد الأضحى؟    «زي النهارده».. وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوى 17 يونيو 1998    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 17-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    الكنيسة الكاثوليكية تختتم اليوم الأول من المؤتمر التكويني الإيبارشي الخامس.. صور    انخفاض أعداد الموقعين على بيان مؤتمر أوكرانيا الختامي ل82 دولة ومنظمة    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    القافلة الطبية «راعي مصر» تصل القنطرة شرق بالإسماعيلية    وزير الداخلية السعودي يقف على سير العمل بمستشفى قوى الأمن بمكة ويزور عدداً من المرضى    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    وفاة خامس حالة من حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرصد الأزهر يحذر من 6 أسباب وراء التطرف
نشر في صدى البلد يوم 08 - 05 - 2024

ناقشت الجلسة الأولى من النسخة الثالثة من منتدى «اسمع واتكلم»، الذي ينظمه مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، اليوم الأربعاء، قضية «المشاعر وعلاقتها بالفكر المتطرف»، حيث ناقش القضية مع الشباب المشاركين من مختلف الجامعات المصرية.

وتحدث المشاركون في الجلسة الأولى، عن أهمية هذا الملتقى للحوار مع الشباب لا سيما وأنه يأتي من مؤسسة كبيرة مثل الأزهر الشريف الذي يمثل منارة للعلم نفتخر بها جميعا، وبيَّنوا للشباب مفهوم التطرف الذي يعني في مجمله أن يظن الشخص أنه يملك الحقيقة المطلقة، وأنواع التطرف: الديني والسياسي والاجتماعي

أسباب التطرف
وأوضحت الجلسة الأولى، الأسباب العامة التطرف من بينها اليأس والفراغ، واللجوء إلى مرجعيات غير موثوقة، وغياب دور المؤسسات والأسرة، وعدم تطابق المواثيق الدولية والقوانين مع ما يحدث على أرض الواقع، كما أن هناك أسبابا خاصة التطرف على رأسها النفسية غير المستقرة والبيئة غير العادية.

وناقشت مع الشباب ارتباط المشاعر بالتطرف، مفهوم التطرف، وأن أصل التطرف يقوم على التحريف والإفراط والتنطع والتشديد والغلو، وأن من أسباب التطرف: الجهل وضيق الفكر والانجراف والافتتان بالنفس والانغلاق على الذات، مؤكدة ضرورة إحسان الظن وترشيد العاطفة وتقويم النفس وبذل الجهد والتوكل على الله.

ونظم مرصد الأزهر اليوم النسخة الثالثة من ملتقى «اسمع واتكلم» للشباب المصري من مختلف الجامعات الحكومية والخاصة، بعد أن بدأ الملتقى عام 2018م، وتأتي هذه النسخة الأحدث من المبادرة بعد نجاح النسختين السابقتين في جمع شباب الجامعات المصرية مع نخبة من المتخصصين وأساتذة الجامعات لتبادل الآراء والوقوف على النقاط الخلافية والنقاش فيها وبيان حقيقة الحقائق للشباب لحمايتهم من الوقوع في براثن الفكر المتطرف.

تيار جارف يسعي لهدم الدين
وحذر الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، الشباب من خطر المغرضين الذين يحاولون تقبيحَ الحسنِ، وتحسينَ القبيحِ، ويحاولون تشويهَ القدواتِ والإساءةَ إلى الرُّموزِ، ويحاولون تهوينَ الشَّرِّ في نفوسِكم حتَّى لا يكونَ لكم هويَّةٌ ثابتةٌ تعصمُكم وتحفظُكم.

وأضاف وكيل الأزهر، اليوم الأربعاء، خلال كلمته بالملتقى الذي عقد بمركز الأزهر للمؤتمرات: "كلنا وكل مسؤول أمين يدرك أنَّ المسئوليةَ الملقاةَ على عاتقِ مؤسَّساتِ الدِّينِ وعلمائِها كبيرةٌ في ضرورةِ قراءةِ واقعِ النَّاسِ وما فيه من تحدِّياتٍ في كلِّ مجالاتِ الحياةِ: سياسةً واقتصادًا واجتماعًا وتربيةً وغير ذلك، وضرورةِ تقديمِ خطابٍ موازٍ يقابلُ الخطابَ المنحرفَ، فيصونُ عقيدةَ النَّاسِ وإيمانَهم بربِّهم، ويحفظُ عليهم مقدَّراتِ مجتمعاتِهم، ويبقيهم آمنين مطمئنِّين.

ودعا وكيل الأزهر الجميع إلى التكاتف أفرادًا ومؤسَّساتٍ، شعوبًا وحكوماتٍ، أممًا ومجتمعاتٍ، كي نواجهَ هذا التَّيَّارَ الجارفَ الَّذي يُريدُ أن يَفقدَ أبناؤنا فيه هُويَّتَهم وأن يَتحلَّلوا مِن قيمِ دينِهم، وأن يتنكَّروا لمبادئهِ وقيمهِ وأخلاقهِ، وإنَّ ما يَتعرَّضُ له الشَّبابُ من استهدافٍ خطرٌ يوجبُ أن تُسخَّرَ كلُّ الإمكاناتِ لمواجهتهِ والقضاءِ عليهِ، لِمَا فيه من نتائجَ سلبيةٍ، وإنَّ واجبَ الوقتِ يحتمُ علينَا جميعًا أن نستمعَ للشَّبابِ قبل أن نتكلَّمَ معهم، فلديهم السُّؤالُ وعلينا الإجابةُ والتَّوجيهُ والنُّصحُ.

وأشار إلى أن النسخة الثالثة من ملتقى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بعنوان «اسمعْ وتكلَّمْ» تمثل حلْقةً جديدة في سلسلةٍ متَّصلةٍ بدأت نسختُها الأولى في شهرِ مايو عام 2018م، وتتأكَّدُ أهميَّةُ هذا الملتقى في ظلِّ عالمٍ مشحونٍ باشتباكاتٍ فكريَّةٍ، واستقطابٍ حادٍّ، ومحاولاتٍ مستميتةٍ لتدميرِ دولٍ وشعوبٍ باستخدامِ أساليبَ متنوِّعةٍ، تستهدفُ المادَّةَ الصُّلبةَ للوطنِ، وهم الشَّبابُ، وتسعى إلى قطعِ الشَّبابِ عن عقيدتِهم، وتاريخِهم، وهويَّتِهم.

ولفت إلى أنه وإذا كانَ لكلِّ أمَّةٍ ثروةٌ تعتزُّ بها، ورصيدٌ تدَّخرُه لمستقبلِها وقوَّةٌ تبني عليها مجدَها ونهضتَها، فإنَّ في مقدِّمةِ هذه الثَّروةِ الشَّبابَ الَّذي يعدُّ الدُّعامةَ الأساسيَّةَ في المجتمعِ، والثَّروةَ الحيَّةَ الحقيقيَّةَ فيه، والأملَ المرتجى على الدَّوامِ. وإنَّ مِن مظاهر التَّحضُّرِ والرُّقيِّ لدى الأممِ أن تُعنى بالشَّبابِ، وأن تهيِّئَ لهم ما يجعلُهم رجالًا أكفاءَ أقوياءَ تقومُ الأوطانُ على سواعدِهم.

وقال إن عنوان الملتقى يُنبِّه الجميعَ إلى مهارةٍ حياتيَّةٍ أوشكت أن تُفقدَ من حياةِ النَّاسِ على اختلافِ درجاتِهم ومستوياتِهم، وهي مهارةُ الكلامِ والاستماع؛ وعلومُنا الأزهريَّةُ تخبرُنا أنَّ الكلامَ هو اللَّفظُ المفيدُ على حدِّ تعبيرِ جمالِ الدِّينِ ابنِ مالكٍ في قولِه: كلامُنا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ *** وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ.

وأشار وكيل الأزهر إلى أنَّ الكلامَ ليس مجرَّدَ حركةِ اللِّسانِ في فمِ الإنسانِ، فما أكثرَ المتكلِّمين إذًا، وإنَّما الكلامُ الَّذي نعنيه هو على حدِّ قولِ الحسنِ البصريِّ رحمه الله تعالى: «لِسَانُ الْعَاقِلِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ، فَإِذَا أَرَادَ الْكَلامَ تَفَكَّرَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ، وَقَلْبُ الْجَاهِلِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ، فَإِنْ هَمَّ بِالْكَلامِ تَكَلَّمَ لَهُ وَعَلَيْهِ»، وهو المعنى هو الَّذي اختصره الأخطلُ في قولِه: إِنَّ الْكَلَامَ لفي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا *** جُعلَ اللِّسَانُ على الْفُؤَادِ دَلِيلًا
وتابع فضيلته أن وراءَ الكلامِ قلبٌ يَقِظٌ والألسنةُ مغارفُ، أو هكذا يجبُ أن يكونَ، ووراءَ الكلامِ عقلٌ مدركٌ لمعاني الكلامِ ومراميه، أو هكذا يجبُ أن يكونَ، ومع الكلامِ إدراك لزمانِ الكلامِ ومكانِه، أو هكذا يجبُ أن يكون، وأيَّ متكلِّمٍ لو راعى مثل هذه الضَّوابطِ قبل أن ينطلقَ لسانُه بما يعرفُ وما لا يعرفُ، وبما ينفعُ وما لا ينفعُ لتخلَّى عن كثيرٍ من الكلامِ، ولجنَّبَ مجتمعاتِنا وشبابَنا ويلاتِ الانحرافِ الفكريِّ والأخلاقِّي.
وبين أن الاستماع كذلك له آدابُه الَّتي تنتجُ مع آدابِ الكلامِ حوارًا إيجابيًّا راقيًا، وعنوان لقائنا اليوم «اسمعْ وتكلَّمْ» وليس «تكلَّمْ واسمعْ» فالأصلُ أن تسمعَ أوَّلًا، وأن تتعلَّمَ أولًا، وأن تفهمَ أوَّلًا ثمَّ تتكلَّم فيأتي الكلامُ مستندًا إلى ركنٍ ركينٍ من العلمِ والفهمِ والحكمةِ والأدبِ.
واستشهد وكيل الأزهر بواقعة من السيرة النبوية قبلَ ألفٍ وأربعِ مئةِ سنةٍ يوم أن قامَ عتبةُ بنُ ربيعةَ في أصحابِه الَّذين يصدُّون النَّاسَ عن دعوةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ويبذلون في ذلك ما يستطيعون؛ فقال لهم: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَلَا أَقُومُ إلَى مُحَمَّدٍ فَأُكَلِّمَهُ وَأَعْرِضَ عَلَيْهِ أُمُورًا لَعَلَّهُ يقبلُ بعضَها فَنُعْطِيهِ أَيَّهَا شَاءَ، وَيَكُفُّ عَنَّا؟ فَقَالُوا: بَلَى يَا أَبَا الْوَلِيدِ، قُمْ إلَيْهِ فكلمْه؛ فَقَامَ إلَيْهِ عُتبة حَتَّى جَلَسَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أَخِي، إنَّكَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ علمتَ مِنْ السِّطَة فيِ الْعَشِيرَةِ، وَالْمَكَانِ فِي النَّسَبِ، وَإِنَّكَ أَتَيْتَ قومَك بِأَمْرِ عَظِيمٍ فرَّقت بِهِ جَمَاعَتَهُمْ وسفهتَ بِهِ أحلامَهم وعِبتَ بِهِ آلِهَتَهُمْ وَدِينَهُمْ وكفَّرت بِهِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمْ، فَاسْمَعْ مِنِّي أعرضْ عَلَيْكَ أُمُورًا تَنْظُرُ فِيهَا لَعَلَّكَ تَقْبَلُ مِنْهَا بَعْضَهَا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قُلْ يَا أبا الوليد، أسمع»، قال: يا ابنَ أَخِي، إنْ كنتَ تُرِيدُ بِمَا جئتَ بِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَالًا جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ شَرَفًا سَوَّدْنَاكَ عَلَيْنَا، حَتَّى لَا نَقْطَعَ أَمْرًا دُونَكَ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ مُلكًا مَلَّكْنَاكَ عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ رَئِيًّا تَرَاهُ لَا تَسْتَطِيعُ رَدَّهُ عَنْ نفسِك، طَلَبْنَا لَكَ الطِّبَّ، وَبَذَلْنَا فِيهِ أَمْوَالَنَا حَتَّى نُبْرِئَك مِنْهُ، حَتَّى إذَا فَرَغَ عُتْبَةُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ قَالَ: «فَاسْمَعْ مِنِّي»؛ قَالَ: أَفْعَلُ. فَقَرأ عليه من سورةِ «فصِّلت»، وأمَّا عُتْبَةُ فقد أَنْصَتَ لَهَا، وَأَلْقَى يَدَيْهِ خلفَ ظَهْرِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا يَسْمَعُ مِنْهُ؛ ثمِ انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى السَّجْدَةِ مِنْهَا، فَسَجَدَ ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتَ يَا أبا الوليد ما سمعتَ، فأنت وذاك.
وأكد وكيل الأزهر أن هذه الواقعة يظهر ما فيها من سموٍّ أخلاقيٍّ وجمالٍ سلوكيٍّ وصفاءٍ قلبيٍّ ودعوةٍ إلى الله بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، ونتوقف عن هذه العباراتِ: «أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟»، «فَاسْمَعْ مِنِّي»، وأخيرًا قال له: «قَدْ سَمِعْتَ يَا أبا الوليد ما سمعتَ، فأنت وذاك». فأيُّ لغةٍ تلك الَّتي تصف هذا الجمال والجلال؟!

وتحدث عما حوته هذه الواقعة في فنَّ الإصغاءِ، ذلك الفنُّ الَّذي لا يحسنُه كثيرٌ من الشَّبابِ، ولا يصبرُ عليه كثيرٌ من العقلاءِ، وإن أحسنه بعض النَّاسِ أدبًا فإنَّهم لا يحسنونه فنًّا، فالإصغاءُ أدبٌ وفنٌّ في آنٍ واحد، لافتا إلى أن عتبة تكلَّمَ وعرَّضَ بالتُّهمِ في سياقِ كلامِه عمَّا يعدُّه فرصةً طيِّبةً لصاحبِ الدَّعوةِ، وجمعَ كلَّ حُججِه وبراهينِه، وقدَّم بين يدَي عرضِه واقعًا مبالغًا فيه، في محاولةٍ تزييفٍ وإقناعٍ.

وعقَّب بموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قاله عتبة، فاستقبل صلى الله عليه وسلم كل هذا بالإنصات والإصغاء والاهتمام والإقبال، وهذا الأدب وهذه العناية وهذا الذَّوقَ حين يقولُ، وهو الرَّسولُ المؤيَّدُ بالوحيِ: «أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟»، «فَاسْمَعْ مِنِّي»؟ فهل نجدُ هذا الأدَب العظيمَ، والخلَق الكريمَ، في واقعِنا ومجالسِنا ومنتدياتِنا، واجتماعاتِنا العامَّةِ والخاصَّةِ؟!.
وناقش أهمية الإصغاء في حياة كل الناس فقال إنَّ الطَّبيبَ لن يحسنَ تشخيصَ المرضِ إذا لم يحسن الاستماعَ إلى المريضِ، وإنَّ التَّاجرَ قد يخسرُ عملاءَه إذا لم يحسن الاستماعَ إلى وجهاتِ نظرِهم، وإنَّ المسئولَ قد لا يحسن توظيفَ قدراتِ موظَّفيه إذا لم يحسن اكتشافَ مواهبِهم، وأمَّا الدُّعاةُ والمصلحون الَّذين يحرصون على هدايةِ النَّاسِ، فهم أحوجُ ما يكون إلى فنِّ الإصغاءِ والاستماعِ.

ورأى وكيل الأزهر أن هذه اللِّقاءاتِ الَّتي تجمعُ الشَّبابَ، وتتيحُ الفرصةَ للاستماعِ منهم، والكلامِ إليهم ضرورةٌ؛ حتَّى يكونَ شبابُنا على معرفةٍ واعيةٍ بما يدورُ حولَهم في هذا العالمِ سريعِ التَّغيُّرِ، وأيضًا حتى نستفيدَ من رُؤيتهم، ونتفهَّمَ احتياجاتِهم، وخصوصًا تلك القضايا الحسَّاسةُ الَّتي يعملُ مرصدُ الأزهرِ الشَّريفِ على مواجهتِها، والَّتي تُعرضُ في هذا المنتدى من قِبَلِ متخصِّصين، آملين أن تَجِدَ الإشكالِّياتِ جوابًا معرفيًّا يَبُثُّ في النَّاسِ الأَمَلَ ويبعثُهم على الرُّقيِّ والحضارةِ، وهذا هو منهجُ الأزهرِ الشَّريفِ.

وبيَّن وكيل الأزهر أن الإسلامَ عقيدةٌ صافيةٌ تنيرُ قلبَ المؤمنِ، وشريعةٌ تنبضُ بما يُصلِحُ حالَ الإنسانِ في حياتِه ومعادِه، ومنظومةٌ أخلاقيَّةٌ ساميةٌ تُعطِّرُ حياةَ المجتمعِ؛ فيفوحُ منها أريجُ السَّلامِ والطُّمأنينةِ، ولقد ظلَّتِ الأمةُ الإسلاميَّةِ وشعوبُها المؤمنةُ في كلِّ بلدٍ وعصرٍ وجيلٍ متمسِّكةً بإسلامِها محافظةً على دينِها ومقدَّساتِها، معتزَّةً بقيمِها وأصالتِها عاملةً على اجتماعِ شملِها وكلمتِها واعيةً برسالتِها مقدَّرةً لمكانتِها الحضاريَّةِ بين الأممِ، فلم تنطفئ أنوارُ الإِيمانِ فيها، بل كانت الأمَّةُ الإسلاميَّةُ تتمتَّعُ دائمًا بعقولٍ مستنيرةٍ تدركُ النَّصَّ وتستوعبُ الواقعَ فتربطَ برباطٍ وثيقٍ بين الأصالةِ والمعاصرةِ، فتزدادَ الأمَّةُ إيمانًا ويقينًا بربِّها وتمسُّكًا بمبادئِ دينِها وأخلاقِه.

خسارة داعش ودحر عناصره

قالت الدكتورة رهام سلامة، المدير التنفيذي لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن ما لمسناه في خلال تعاملنا على أرض الواقع مع كثير من القضايا الاجتماعية والدينية التي فرضت نفسها بقوة على شبابنا، وما وجدناه في حواراتنا ومناقشاتنا مع الشباب في كثير من المحافل الرسمية داخل مصر وخارجها، قد أوجد حاجة ماسة إلى عرض تلك القضايا على مائدة البحث والنقاش في النسخة الحالية من مبادرة "اسمع واتكلم" - الموجهة خصيصًا إلى شباب الجامعات.

وتابعت الدكتورة رهام سلامة، في كلمته بالجلسة الافتتاحية لمنتدي مرصد الأزهر "اسمع واتكلم" أنه منذ انطلاق أولى نسخ المبادرة عام 2018، تمثّل شاغلنا الأول بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في تناول ما يهم الشباب ويشغل أذهانهم ويؤرق حياتهم من أفكار وقضايا، لأن الشباب بما يملكونه من أفكار وطاقات هم بشائر الحاضر وحصاد المستقبل، فقد علمنا من دراساتنا وبحوثنا أهميةَ تهذيب تلك الأفكار وتوجيه تلك الطاقات في الأطر الصحيحة، مقترنة بالتوعية من مغبة الانسياق وراء اتجاهات تجمّلها الجماعات المتطرفة لجذب هؤلاء الشباب وغسل عقولهم، واقتيادهم إلى مصير نعلم نهايته جيدًا مع ما نراه من أخبار وأحداث على الأصعدة العالمية والإقليمية والمحلية.

وأفادت بأنه رغم خسارة داعش ودحر عناصره إلا أن استمرار وجود 10 آلاف من مقاتلي التنظيم بين سوريا والعراق وفق التقديرات الأممية يمثل تهديدًا لأمن هاتين الدولتين وباقي دول المنطقة، علمًا بأن هذا العدد الذي يمثل خطرًا هو المتبقي من نحو 31 ألف مقاتل قدموا من 86 دولة لينضموا إلى صفوف داعش في عام 2015، والمثير للقلق هنا أن النسبة الأكبر منهم كانت من منطقة الشرق الأوسط والمغرب العربي.

ولفتت إلى أنه كان سلاح داعش وغيره من تنظيمات متطرفة في استقطاب الشباب هو وسائل التواصل الاجتماعي، فقد بلغ عدد حسابات تنظيم داعش على منصة "تويتر –السابقة-" أكثر من 46 ألف حساب في ذروة نشاط التنظيم الإرهابي.

وواصلت: شكلت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة فكرية مسؤولة عن تجنيد نحو 80% من عناصر التنظيمات المتطرفة، لهذا لا عجب عندما نعرف أن جُلّ الفتيات المنضمات إلى داعش لسن سوى قاصرات ومراهقات، تتراوح أعمارهن في الغالب ما بين 15 إلى 22 عامًا، بمتوسط عمر 18 عامًا أتين من جميع دول الغرب، بسبب استغلال عناصر التنظيم للمنصات الاجتماعية في استقطابهن وإيهامهن بالحب تارة، وبحلم الجهاد المقدس بعد تزييفه والتلاعب بمعناه الحقيقي تارة أخرى.

ونبهت على أن هذه الأرقام هي مؤشر على الوضع الذي عانت منه المنطقة ولا تزال بعض دولها تتجرع ويلات الإرهاب إلى يومنا هذا.

وذكرت أن حديثنا لا يقتصر هنا على الجماعات المتطرفة التي تتخذ من الدين ستارًا لجرائمها وأعمالها الوحشية فحسب، بل كل الجماعات والمنظمات والأفراد ممكن يروجون للأفكار المتطرفة التي تهدم الثوابت الدينية والأخلاقية، وتدفع بالقيم التي تحفظ إنسانيتنا إلى حافة الهاوية - آخذة معها من يتفلّت من شبابنا إلى تلك الهاوية.

لذلك، كانت النسخة الثانية من المنتدى عام 2022 أكثر اشتباكًا؛ إذ تناولت قضايا أكثر خصوصية فرضتها العولمة والانفتاح اللامحدود بفعل شبكة الإنترنت - مثل قضية الحرية وحدودها، وذلك دون إغفال التطرق أيضًا إلى مسألة خطيرة مثل الشذوذ الجنسي الذي ناقشه متخصصون من المنظور النفسي والمنظور الديني لتوعية الشباب من خطورة هذا الفكر الذي يهدم كيان الأسرة ويشيع في المجتمعات الرذائل التي تفضي -بلا شك- إلى إيذاء الإنسانية جمعاء، بل يزيد في أزماتها التي تتفاقم يومًا بعد آخر، تارة بفعل الحروب والصراعات المسلحة الداخلية وتارة أخرى بفعل تلك هذه الأفكار المتطرفة... فللتطرف أوجه، وهذه بعضها.

وألمحت إلى أنه امتدادًا للقضايا التي بحثناها في النسختين الأولى والثانية من مبادرة "اسمع واتكلم"، وضعنا نصب أعيننا في هذه النسخة مناقشة قضايا تخدم ما سبق، وتمهد الطريق إلى إيجاد حلول فعالة لها وللمستجد منها، سواء من خلال تصحيح المفاهيم الطارئة على مجتمعاتنا أو من خلال ضبط آلية تعامل شبابنا معها، تلك الآلية المتمثلة في المشاعر - وهو ما سنبحثه بإحدى جلساتنا.

وقالت رهام سلامة، إنه من نافلة القول إنه لا يمكن إغفال الطفرة التقنية الهائلة في عصرنا الحالي، وظهور تقنيات فاقت توقعاتنا كبشر - مثل الذكاء الاصطناعي وتعدد استخداماته في جميع المجالات، ورغم الميزات المصاحبة للابتكارات التقنية فإن ما رصدناه من أخبار عن آثاره السلبية التي بلغت حد إقدام البعض على الانتحار بعد إفضاء المحادثات المطولة مع أجهزة الذكاء الاصطناعي إلى مفاقمة مشاعر الخوف والقلق لدى الضحايا، ومع ما رصد من أرقام حول وصول عدد الأشخاص الذين استخدموا روبوت شات جي بي تي (ChatGPT) خلال الأيام الخمسة الأولى من إطلاقه إلى أكثر من مليون مستخدم، وبعد مرور عام كامل على إطلاقه بات يستخدمه100 مليون شخص أسبوعيًا حول العالم، تتأكد هذه المخاوف والتي تستدعي وضع تشريعات منظمة واتخاذ تدابير وقائية تحمي الشباب واليافعين من الآثار السلبية لتلك التقنيات خاصة مع اعتماد الشباب على وجه الخصوص مؤخرًا في تلقي معلوماته الدينية على الروبوتات الذكية دون التحقق من صحة ما تقدمه من معلومات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.