ألقى الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر ودار موضوعها حول "حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة كما بينها القرآن". قال الهواري، إن الله -عزَّ وجلَّ- قد أعلى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعز الدعوة إليه وشرَّف قدره صلى الله عليه وسلم بإنزال الكتاب عليه، وقد أثنى ربنا جل جلاله على نبينا صلى الله عليه وسلم في كثير من آيات القرآن، فمرة يذكر صفاته فيقول: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا»، ومرة يثني على أخلاقه فيقول: «وإنك لعلى خلق عظيم»، وقد بين القرآن صراحة أن النبي صلى الله عليه وسلم هو النعمة الحقيقية التي يجب أن تشكر، لأنه جاء لتزكية الأخلاق وتربية الأرواح وليعلم الناس الكتاب والحكمة وليخرجهم من الظلمات إلى النور فقال تعالى: «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ». وأضاف خطيب الجامع الأزهر، أن من الواجب على الأمة أن تستقبل عطاء الله في النبي صلى الله عليه وسلم فتؤدي حقوقه الواجبة والتي فصلها القرآن. وأولى هذه الحقوق الحق الإيماني العقدي الذي يوجب إيمانا به يشمل حركة الحياة كلها. وبين خطيب الجامع الأزهر أن حب المصريين لسيدنا رسول صلى الله عليه وسلم قد اختلط بكلامهم ومشاعرهم في كثير من مواقف الحياة، فإذا أردوا تذكر شيء يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، وعند الثناء على شيء جميل يبدأون حديثهم بالصلاة على النبي، حتى عند الغضب يعالجون هذه الانفعالات بذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أمر جميل لكن لا يجب أن يقف حد الحب للنبي صلى الله عليه وسلم عند الثناء عليه باللسان فحسب، وإنما يجب أن يكون سلوكهم وتعاملاتهم ترجمة حقيقة لهذا الحب، فالنبي صلى الله عليه وسلم يريد منا إيمانا أعمق من الثناء عليه بالألسنة حتى نتصف بالخيرية التي جاء النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة. وأوضح الهواري، أنه على الجميع دعاة ومفكرين ومسؤولين وجهات وأجهزة أن تعيد ضبط قلوب الشباب على التعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم، من خلال تربيتهم على القدوة الحقيقة وربطهم بالنماذج الإيمانية التي أهلها النبي صلى الله عليه وسلم لتقود هذه الأمة، لنحفظ لشبابنا هويتهم الحقيقة، والوقوف في وجه حالة الانزلاق وراء القدوات التافهة المزيفة التي جعلت من شبابنا وأبنائنا يلهثون وراء سراب لا يفيدهم ولا يفيد أوطانهم، وما تعاني منه المجتمعات اليوم بسبب هذا التجريف القيمي الذي اجتاحها وعصف بعقول شبابها وصرفهم عن هويتهم الحقيقة التي أصلها النبي صلى الله عليه وسلم في الأوائل من شباب هذه الأمة، فقادة العالم بسواعد شبابها وارتقت مرتقًى عاليا بين الحضارات التي عرفتها البشرية عبر تاريخها. وأشار د. الهواري إلى أن توقير النبي صلى الله عليه وسلم من الحقوق الواجبة على الأمة، والتي يمكن أن تترجم في عدم رفع الصوت عنده حال حياته صلى الله عليه وسلم كما قال الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون" ومن التوقير عدم رفع الصوت بالاعتراض على السنة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم أو رفع الصوت في مجالس العلم والعلماء، فإن العلماء ورثة الأنبياء. وفي ختام الخطبة شدد خطيب الجامع الأزهر على ضرورة أن نعطر مجالسنا في كل وقت بذكر مآثر النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله وشمائله، لأن المحبة تتغذى على الذكر، كما أنها تذكرة لقلوبنا تجنبها غفلة البعد عن منهج النبي صلى الله عليه وسلم والذي هو الحصن الحقيقي للمؤمن، ولما فيها من منهج تربوي يعتمد على التحفيز بالقدوة التي تبعث في النفس الهمة والعزيمة الإيمانية.