يتوجه وزير الخارجية الفرنسى، آلان جوبيه، إلى بروكسل، الاثنين، حيث يشارك فى اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى الذى تترأسه كاثرين آشتون الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبى. جعبة رئيس الدبلوماسية الفرنسية مليئة بالملفات ولكن يبقى أهمها بالنسبة لباريس البرنامج النووى الايرانى وأهمية فرض عقوبات متشددة على طهران وأيضا الأزمة السورية المتواصلة منذ 10 أشهر على ضوء استمرار أعمال العنف والقمع فى البلاد. وبحسب مصدر دبلوماسى فرنسى فان جدول أعمال وزراء الخارجية الأوروبيين مشحون بعدد من القضايا ومن ينها الوضع فى مصر وعملية السلام فى الشرق الأوسط وخاصة الوضع فى قطاع غزة..تبنى فرض عقوبات جديدة على النظام الإيرانى تتضمن بصفة خاصة حظرا على شراء النفط الايرانى وتجميد أصول البنك المركزى الايرانى على ضوء مواصلة طهران تطوير برنامجها النووى وتهدف إلى الضغط على الأخيرة لاحترام للقرارات الدولية ذات الصلة وإلى استئناف الحوار مع المجتمع الدولى بطريقة "جادة". تبنى عقوبات جديدة على النظام السورى وشخصيات وكيانات سورية على صلة بتمويل أعمال القمع والعنف فى البلاد بالاضافة إلى تطورات الأوضاع فى سوريا على ضوء تقرير بعثة المراقبين العرب الذى ستعلن نتائجها خلال اليومين القادمين ستكون أيضا محل بحث من جانب الوزراء ستكون أيضا على رأس الموضوعات التى سيتم بحثها. وذكر المصدر الدبلوماسى الفرنسى أن رفع العقوبات المفروضة على ميانمار، الحوار بين صربيا وكوسوفو، تشديد العقوبات على بيلاروسيا بخلاف تقييم الأوضاع فى السودان ودولة جنوب السودان والسياسة الأمنية والدفاعية الأوروبية المشتركة وتنشيط عمل مركز عمليات الاتحاد الأوروبى لأول مرة من أجل العمليات التى تجرى حاليا ومستقبلا فى منطقة القرن الافريقى على جدول أعمال الوزراء الأوروبيين. ويضع الجانب الفرنسى ملفي إيران وسوريا على رأس أولوياته خلال هذا الاجتماع الدبلوماسى الأوروبى إذ تسعى فرنسا إلى لعب دور ريادي في الملف الإيراني، عن طريق دفعها بلدان الاتحاد الأوروبي إلى مواقف أكثر تشددا تهدف إلى فرض عقوبات تستهدف منع شراء النفط الإيراني من جهة وتجميد ودائع وأصول البنك المركزي الإيراني الموجودة لدى المؤسسات المالية والبنوك الأوروبية من جهة أخرى. فكان الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزي أول من اقترح في 21 نوفمبر الماضي، في رسالة وجهها لنظرائه الأوروبيين وردا على التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة النووية في فيينا الذي أعربت فيه عن شكوك قوية بشأن برنامج طهران النووي، أن تعمد دول الاتحاد الأوروبي ال27 إلى اتخاذ إجراءين +جذريين بحق إيران يستهدفان من جانب تجفيف مواردها المالية، ومن جانب آخر إعاقة عملياتها المالية والتجارية مع الخارج. وطرح ساركوزي اقتراحه على البلدان الأوروبية وليس على مجلس الأمن الدولي الذي سبق له أن أصدر 10 قرارات بحق إيران، منها 6 تتضمن عقوبات، لعلمه رفض روسيا وكذلك الصين قبول هذا النوع من العقوبات. ولكن باريس تعارض التدخل العسكرى فى إيران إذ حذر ساركوزى نفسه أمس الأول من تدخل عسكري محتمل ضد ايران لوقف برنامجها النووي، معتبرا انه "سيؤدي الى الحرب والفوضى في الشرق الاوسط والعالم". وكرر رئيس الاليزيه أن بلاده "ستفعل ما بوسعها لتجنب تدخل عسكري"، إلا أن ساركوزي طالب بفرض "نظام عقوبات اقوى بكثير" على ايران..قائلا"نحن نحتاج الى فرض عقوبات أكثر شدة وحزما ووقف استيراد النفط الايراني وتجميد اصول البنك المركزي للجمهورية الاسلامية، وهؤلاء الذين لا يريدون ذلك سيكونون مسئولين عن خطر النزاع العسكري". ودعا ساركوزي روسيا والصين الى دعم العقوبات من اجل "ضمان السلام في العالم". واضاف قوله: "نحن نحتاج اليكما حقا" وذلك على ضوء معارضة كل من موسكو وبكين المضي قدما في تشديد العقوبات المفروضة على طهران فى إطار مجلس الأمن الأممى. تصريحات ساركوزى تعكسها أيضا كلمات وزير خارجيته الان جوبيه الذى لا يترك مناسبة إلا ويؤكد على ان فرنسا تريد من شركائها الاوروبيين الاتفاق بنهاية يناير الجاري على فرض عقوبات على ايران شبيهة بتلك التي تريد الولاياتالمتحدة تطبيقها وخاصة وأن طهران تواصل تطوير "سلاحها النووى". أكد وزير الخارجية الفرنسي منذ أيام قليلة أن الاتحاد الأوروبى قد يتوصل الاثنين القادم إلى إتفاق لفرض عقوبات جديدة على إيران تشمل القطاع النفطى والبنك المركزى الايرانى..مشددا على ضرورة "تشديد العقوبات على إيران" على ضوء مواصلة الاخيرة المضى قدما فى تطوير برنامجها النووى متجاهلة القرارات الدولية فى هذا الصدد. الملف السورى والأزمة التى تشهدها البلاد منذ ما يقرب من عشرة أشهر ليست أقل أهمية بالنسبة لباريس عن الشأن الايرانى.. ففرنسا لن تصمت أمام الفضيحة السورية ولا يمكن أن تقبل بالقمع الوحشى للاحتجاجات من قبل نظام الرئيس بشار الأسد الذى يجر البلاد مباشرة إلى الفوضى" بحسب ما أعلنه مؤخرا الرئيس الفرنسى. ساركوزى ذهب أيضا بتحذيره من أنه لا يمكننا أن نقبل القمع الوحشى من قبل القادة السوريين ضد شعبهم"، مؤكدا أنه "قمع سيؤدى بالبلاد مباشرة إلى الفوضى، وهذه الفوضى سيستفيد منها المتطرفون من كل الجهات. الشأن السورى لا يغيب بصفة شبه يومية عن التصريحات التى يدلى بها رئيس الدبلوماسية الفرنسية وكذلك المتحدث الرسمى باسم وزارته برنار فاليرو، إذ دعا جوبيه إلى ضرورة تحويل التقرير المرتقب لبعثة مراقبى الجامعة العربية بسوريا إلى مجلس الأمن التابع الأممالمتحدة. وقال: إننا نلاحظ اليوم أن بعثة المراقبين العرب فى سوريا صعبة وتجرى فى ظروف غير مرضية، مشيرا إلى أن سوريا لا تحترم التعهدات التى أخذتها على نفسها فى المبادرة العربية لوصول إلى مخرج للأزمة السورية، وخاصة وأنها ولم تقم بالالتزام ببند عودة قوات الجيش إلى الثكنات..وبالتالى فنحن ندعو إلى تحويل التقرير القادم إلى مجلس الأمن بحيث يمكن التداول بشأنه. أما فاليرو فيشدد دوما على أن بلاده ستواصل الضغط من اجل التوصل الى "قرار " في مجلس الامن الدولي يدين القمع المتواصل فى سوريا ضد المدنيين..وليس ذلك بالغريب حيث كات باريس أول من دعا إلى إصدار مجلس الأمن لقرار أممى يدين ماتشهده سوريا وهو الأمر الذى اجهضه الفيتو الصينى-الروسى. المتحدث الرسمى باسم الخارجية الفرنسية يجدد أيضا وفى كل مناسبة دعم بلاده الكامل لخطة الجامعة العربية لانهاء الازمة في سوريا. الأنظار تتسلط، الاثنين، على العاصمة البلجيكية بروكسل لمعرفة حزمتى العقوبات الأوروبية المنتظرة على كل من إيران وسوريا لردع نظام طهران عن التخلى عن البرنامج النووى والدخول فى حوار "جاد" مع المجتمع الدولى وعلى نظام دمشق لوقف أعمال العنف والقمع ضد المدنيين الذين دفع حوالى 6 آلاف شخصا حياتهم ثمنا له مقابل مطالبتهم بالحرية والديمقراطية ليس أكثر من ذلك.