"ما يحدث هجوم على الأمة" .. هكذا وصف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش الأحداث التي تشهدها بلاده خلال الأيام الماضية، بعد تكرار حادث إطلاق النار العشوائي داخل البلاد وسقوط العديد من المصابين بين قتيل وجريح، والملف للنظر أن تحقيقات السلطات الصربية كشفت عن أبعاد تعود للنازية، وهو ما يثير القلق داخل البلاد حول تلك الحوادث. حادث ثان خلال 24 ساعة .. والنازية مشتبه بها وفي حادث ثان خلال 24 ساعة، قالت السلطات الصربية، إن مسلحا أطلق النار عشوائيا على ما يبدو أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص وإصابة 14 في قريتين في صربيا ، وهو ما هز دولة لا تزال في خضم حزن بسبب إطلاق نار جماعي في اليوم السابق، وألقت الشرطة القبض على مشتبه به بعد مطاردة استمرت طوال الليل. ووصف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش إطلاق النار بأنه هجوم على الأمة بأكملها، وقال إن الشخص الذي تم اعتقاله كان يرتدي قميصًا عليه شعار مؤيد للنازية لكنه لم يسلط الضوء على الدافع، في انتظار انتهاء التحقيقات الرسمية، وكشف خلفيه المتهم، ودوافعه، واحتمالية أن يكون هناك أبعاد سياسية للحادث. العملية الأولى قام بها طفل
وجاءت عمليات القتل بعد يوم واحد من استخدام صبي يبلغ من العمر 13 عامًا بنادق والده لقتل 9 من زملائه الطلاب وحارس في مدرسة في بلجراد، عاصمة صربيا، وتم بالفعل اعتقال الطالب ووالده، ورغم أن دولة البلقان قد شوهتها الحروب، ولكنها لم تكن معتادة على جرائم القتل الجماعي، وذلك على حسب ما جاء بتقرير صحيفة npr الأمريكية.
أول حادث منذ 10 سنوات وعلى الرغم من أن صربيا غارقة في الأسلحة المتبقية من صراعات التسعينيات، إلا أن آخر إطلاق نار جماعي قبل هذا الأسبوع الدامي، كان في عام 2013، وذلك عندما قتل أحد المحاربين القدامى 13 شخصًا في قرية بوسط صربيا، فيما ظهرت شخصيات عامة وسياسيون وخبراء تباعا على شاشة التلفزيون في محاولة يائسة لشرح المآسي، خصوصا في ظل التناقض الداخلي للدولة، بحيث أصبحت دولة منقسمة بشدة حيث يتم تمجيد مجرمي الحرب المدانين في كثير من الأحيان، وذلك على حسب ما قاله العديد من الخبراء في وسائل الإعلام الصربية، ونقلها تقرير الصحيفة الأمريكية. ومنذ انتهاء الحرب الصربية، كان هناك انتشار كبير لأعمال العنف ضد الأقليات، وكان الغالب أن تمر تلك الحوادث دون عقاب، ويقول الممثل الصربي سردجان تيماروف في تلفزيون N1: "هذه لحظة تقرر فيها أمة ما إذا كانت ستمضي في طريق الشفاء، أو يكون البديل هو إعلان الاستسلام للتطرف والعنف".
حداد عام داخل الدولة مع بدء فترة حداد على مستوى البلاد، امتلأت شاشات التلفزيون بأشخاص يرتدون ملابس سوداء وتم حظر الموسيقى من موجات الأثير وكذلك في المقاهي والمطاعم، واصطف أشخاص في بلجراد للتبرع بالدم ، استجابة لنداء لتوفير الإمدادات اللازمة لعلاج الجرحى، وقالت الشرطة إن المهاجم في هجوم يوم الخميس أطلق النار على أشخاص في قريتين قرب بلدية ملادينوفاك الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا جنوبي العاصمة، وأن المسلح استهدف الناس "أينما كانوا". بينما في قرية دوبونا، كانت الدماء ملطخة بساحة مدرسة حيث تم إطلاق بعض الطلقات وكذلك قطعة أرض بجانب مقعد حيث يجلس السكان في كثير من الأحيان لتبادل البيرة والدردشة، وقالت الشرطة إن مشتبها به، تم التعرف عليه بالأحرف الأولى من اسمه UB، اعتقل في قرية فينجيست على بعد 150 كيلومترا جنوب بلجراد، فيما أفادت محطة RTS الرسمية أن الضباط كانوا يفتشون منزل أحد الأقارب وعثروا على كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة غير القانونية.
جيل 88 النازي نشرت السلطات صورة يظهر فيها شاب في سيارة للشرطة بقميص أزرق مكتوب عليه "جيل 88"، حيث غالبًا ما تستخدم الثماني المزدوجة كاختصار ل "Heil Hitler" لأن H هو الحرف الثامن من الأبجدية، وقالت الشرطة إن المشتبه به كرر كلمة "استخفاف" لكن لم يكن معنى ذلك واضحًا. فيما تعهد الرئيس للأمة في خطاب بأن المشتبه به "لن يرى النور مرة أخرى، وأشار إلى الهجوم على أنه عمل إرهابي وأعلن إجراءات أكثر صرامة للسيطرة على السلاح، بالإضافة إلى الإجراءات التي قدمتها الحكومة في اليوم السابق، وكذلك دعا إلى تجميد التراخيص الجديدة لجميع الأسلحة في العامين المقبلين، ومراجعة جميع التراخيص الحالية، وإطالة أحكام السجن لمن يخالف القواعد، وعقوبة "شرسة" لأي شخص يحمل أسلحة غير مشروعة. سننزع سلاح صربيا وتعهد فوسيتش قائلا: "سننزع سلاح صربيا، والحكومة ستضع الخطوط العريضة للقواعد الجديدة في وقت لاحق خلال أقرب وقت، فنحن لم نشهد هذا منذ حقبة الحرب بالتسعينيات"، وتشير الصحيفة الأمريكية، إلى أن صربيا تمتلك بالفعل أكبر عدد من الأسلحة النارية للفرد في العالم، وكثيراً ما يتم إطلاق البنادق في الهواء للاحتفال بميلاد طفل أو في مناسبات خاصة أخرى. وقد حذر الخبراء مرارًا وتكرارًا من الخطر الذي تشكله تلك الأسلحة إلى جانب عقود من عدم الاستقرار الناجم عن صراعات التسعينيات، فضلاً عن الصعوبات الاقتصادية المستمرة، وأشار دراجان بوباديتش ، أستاذ علم النفس بجامعة بلغراد ، إلى أشكال مختلفة من العنف تنتشر في المجتمع، بما في ذلك مضايقة المعارضين السياسيين من قبل الشعبويين الحاكمين ومجموعات المشاغبين العدوانية في الرياضة. صربيا وتاريخ دموي وصربيا هي دولة تقع في مفترق الطرق بين وسط وجنوب شرق أوروبا، وتغطي الجزء الجنوبي من سهل بانونيا والبلقان المركزي، فهي دولة غير ساحلية أو حبيسة وتحدها المجر من الشمال، رومانيا وبلغاريا من الشرق، مقدونيا من الجنوب، وكرواتيا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود من الغرب، كما أن لها حدودًا مع ألبانيا عبر منطقة كوسوفو المتنازع عليها، وتعتبر صربيا إحدى أهم الدول في جنوب شرق أوروبا حيث كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية وكانت مركز دولة يوغوسلافيا السابقة. واندلعت حروب يوغوسلافيا (1991-2001) بسبب التوترات العرقية، ووقعت أشد الصراعات في كرواتيا والبوسنة، حيث قام الصرب بواحدة من أبشع المذابح على مر التاريخ ضد مسلمي البوسنة من قتل وتعذيب واغتصاب، وعارضت المجتمعات العرقية الصربية الاستقلال عن يوغوسلافيا، وظلت جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية خارج الصراعات، لكنها قدمت الدعم اللوجستي والعسكري والمالي للقوات الصربية في الحروب، ورداً على ذلك، فرضت الأممالمتحدة عقوبات على صربيا أدت إلى العزلة السياسية وانهيار الاقتصاد.