تخيل أن دولتك تحارب أعداء على كافة الحدود ، بل وداخل الدولة نفسها وتجد فى قمة السلطة من لايتورع عن انتهاز الفرصة ويسرق وينهب ويعتبر الحرب فرصة ذهبية للثراء من الفساد والمتاجرة فى الأسلحة التى تساعد بها الدول الأخرى بلدك حتى تنتصر . كلنا يعرف أن الحرب فرصة للمصالحة والاصطفاف والتضامن مع الدولة وانكار الذات حتى تحقق الدولة النصر على العدو ، حتى التجار الجشعين فى غير أوقات الحرب تتنزل عليهم الهداية من الله ويتقوه ويحاولون أن يبرهنوا على وطنيتهم وإيمانهم . لكن فى أوكرانيا التى تحارب روسيا ، الأمر مختلف كثيرا فقد انتهز قادة كبار فرصة انشغال الدولة بالحرب ، والأموال والاسلحة الهائلة التى تتدفق على البلاد من الدول الغربية والشرقية وقاموا بسرقة ونهب كل ما تستطيع أيديهم الوصول اليه ، حتى داخل مكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكى ، حيث تمت إقالة نائب رئيس المكتب الرئاسى ، ونائب وزير الدفاع ، بتهم فساد تتعلق بالجيش والأسلحة الغربية التى تهبط على أوكرانيا من كل حدب وصوب ، وأقال الرئيس عددا من القيادات فى مواقع عديدة بتهم الفساد . وكشف المكتب الوطنى لمكافحة الفساد فى أوكرانيا أن نائب وزير تنمية البلديات ، فاسيل لوزينكيتش ، تلقى أكثر من 400 ألف دولار رشى لتسهيل توقيع عقود شراء معدات ومولدات كهربائية بأسعار اعلى بكثير من سعرها الحقيقى . ويقول السياسى البولندى المخضرم ، جيل كاتى ، إن الفساد فى أوكرانيا انتقل مع تطور الحرب مع روسيا من المستويات الأدنى وصغار المسئولين إلى مستويات قيادية من المسئولين الكبار فى ظاهرة غير مسبوقة . ويقول الخبراء إن السوق السوداء للسلاح داخل اوكرانيا ازدهرت للغاية مع تطور الحرب وتدفق الاسلحة الغربية على حكومة كييف بكميات هائلة .ويشيرون الى ان اوكرانيا تعد مركزا خطيرا لتهريب الاسلحة وبيعها فى العالم منذ ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتى الذى كان يسيطر عليها منذ عام 1923 وحتى استقلالها فى عام 1991. ولكن يبدو ان فضائح الفساد خاصة تلك المتعلقة بالاسلحة الغربية لن تؤثر على الدعم الغربى القوى لاوكرانيا فى حربها ضد روسيا ، لانه يبدو أن للحرب اهداف اخرى من جانب الولاياتالمتحدة واوروبا ...