أحيانا ننتظر الأشياء وقتا طويلا ولكنها لا تجىء. وأجمل الأشياء تلك التى تأتى فى ميعادها كثيرا ما نزرع الأشجار وتبخل علينا السماء بالمطر. وكثيرًا مما ننتظر الحظ ولكنه يعاندنا وأسوأ الحظوظ فى دنيا البشر ألا يزورنا الحب أو يأتى فى الزمن الخطأ أو يجىء بعد فوات الأوان. وإذا كان للطيور مواسم للرحيل والسفر وللثمار فصول نزرع فيها أو نحصد الثمر. فإن للحب أيضًا مواسمه وهى لا ترتبط بالزمن مثل كل الأشياء. إن الحب لا يعرف الزمن أنه زائر عزيز يدق أبواب قلوبنا بلا ميعاد ولا نملك غير أن نكون فى شرف استقباله. هناك مواعيد لا تحتمل التأجيل لحظة حب. وقصيدة. ولا يستطيع الإنسان أن يستعيد لحظة حب فرت من بين يديه. نستطيع أن نسترجع أحزاننا. ونستطيع أن نعيش لحظات الذكرى ولكن لحظة الحب شىء يختلف. يمكن أن تعيش الذكرى مع نفسك وأن يزورك الحزن وحيدًا. ولكن لحظة الحب يرسمها قلبان وليس قلبًا واحدًا وإذا ضاعت منك أخذتك إلى ساحة الذكرى وهى حق مشروع لك وحدك نحن نملك ذكرياتنا ولكننا لا نملك أن نعيش وحدنا لحظة حب. وإذا كانت لحظة الحب مع امرأة فإن القصيدة لحظة حب مع الكلمات ولابد أن تقدم لها كل مظاهر العرفان وأن تترك لها نفسك، إنها زيارة ملكية لها طقوسها الخاصة لأنها تختار مثل الحب موعد ظهورها. وكما تستقبلك الحبيبة بأجمل ما عندها من العطور والثياب فإن القصيدة لا تستسلم لك إلا بعد وصلة دلال طويلة. إنها تجىء على استحياء وتعطيك نفسها بلا موعد. ثم بعد ذلك تمضى دون أن تحدد ميعاد عودتها أو مواسم ظهورها. قد تكون القصيدة لحظة حب. وقد يكون الحب مجرد لحظة وفى الحب لا نحسب الزمن بالسنين. ومع القصيدة لا ينبغى أن نحسب ميعاد المجىء أو الرحيل. وما بين الحب والقصيدة يمكن أن تعرف العمر الحقيقى للإنسان. نقلاًعن الاهرام