قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه عندما جاء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وحده يدعو إلى ربه ولا أحد معه، وبدأ بدعوته حتى أصبح أكثر الأنبياء تبعا إلى يوم القيامة، بل أكثر البشر تبعا، فلم يعرف التاريخ القديم والحديث رجلا أتباعه أقوام بهذه الكثرة على مر العصور مثل نبينا صلى الله عليه وسلم. بدأ الإسلام غريبا وأوضح علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": الرجال تعرف بالحق، ولا يعرف الحق بالكثرة ولا الرجال، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل، والرجلين، والنبي وليس معه أحد» [موطأ مالك ، وابن حبان] يعني ولا يضره ذلك أنه كان على الحق، ولابد من التغيير «ابدأ بنفسك ثم بمن يليك» [مسلم والطبراني في الأوسط وبهذا اللفظ أخرجه العجلوني في كشف الخفاء]. وأكمل: الإسلام كما بدأ غريبا مستضعفا معتديا عليه يعود كذلك كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم : «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء» [رواه مسلم والترمذي]. وفي رواية الطبراني زيادة «قيل ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس» فوطن نفسك أيها المؤمن أن تكون من الغرباء المصلحين، ولا تكن إمعة فقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا) [الترمذي والطبراني في الكبير]. وأضاف علي جمعة: أمامنا فرصة أن نكون من أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعظم درجة ممن سبقونا، وإن كانوا هم في المنزلة الأعلى، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «متى ألقى أحبابي؟. فقال بعض الصحابة: أوليس نحن أحباؤك؟ قال: «أنتم أصحابي، ولكن أحبابي قوم لم يروني وآمنوا بي أنا إليهم بالأشواق» [أبو الشيخ في الثواب] وفي زيادة الديلمي في مسند الفردوس بمأثور الخطاب: «أنا إليهم بالأشواق» واستدل بما جاء عن رجاء بن حيوة رضي الله عنه قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا معاذ بن جبل عاشر عشرة، فقلنا : يا رسول الله من قوم أعظم منا أجرا آمنا بك واتبعناك؟ قال : "ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم الوحي من السماء ، بلى قوم يأتون من بعدكم يأتيهم كتاب بين لوحين فيؤمنون به ويعملون بما فيه ، أولئك أعظم منكم ، أجرا أولئك أعظم منكم أجرا ،أولئك أعظم عند الله أجرا "» [الطبراني] وأردف: فهلا دخلنا في دائرة الحب لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعلناه أسوتنا واتبعناه حقا، ففي زمن الغربة الأول، بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنهج البداية بالنفس، فقال صلى الله عليه وسلم : (ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول) [رواه مسلم وابن حبان]. وأكد علي جمعة أنه في هذا الزمان يكون إصلاح النفس وتربيتها أولى من الانغماس في أمر العامة، ثم بعد هذه المرحلة يمكن أن يتدرج المؤمن للانغماس في أمر العامة لإصلاحهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع العوام، فإن من ورائكم أياما، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم» قال عبد الله بن المبارك: «قيل يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم» [رواه الترمذي] وشدد عضو هيئة كبار العلماء: علينا أن نبدأ بأنفسنا ثم بمن نعول، وأن نتحمل المسئولية عن أفعالنا، وأن لا نبرر أخطاءنا.