القليوبية تحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان وذوي الهمم    الوطنية للانتخابات تشكر المواطنين بالخارج للمشاركة بكثافة في اليوم الأول لجولة الإعادة    رئيس الكنيسة الأسقفية يدعو المؤمنين لصلاة الاستعداد ضمن طقوس قداس الميلاد    وزير السياحة والآثار: نستهدف تحقيق زيادة 7 ملايين سائح خلال 2026    حماس: انفجار رفح الفلسطينية وقع بمنطقة تسيطر عليها قوات الاحتلال    حماس: انفجار رفح وقع في منطقة تسيطر عليها قوات الاحتلال وليس فيها أي فلسطيني    انفراجة يمنية في ملف الأسرى: اتفاق تبادل يشمل 2900 محتجز بينهم سعوديون وسودانيون    فاركو يحسم صدارة المجموعة على حساب إنبي في كأس عاصمة مصر    مصرع طفل وإصابة 18 فى انقلاب ميكروباص بنصر النوبة    انقلاب ميكروباص فى مياه ترعة بطريق المنزلة بالدقهلية    قريباً.. فتح مقابر تحيا مصر للخالدين بمنطقة عين الصيرة.. صور    أيها «الستارة».. الآن ترتفع «السادة» عن أم كلثوم!    مركب خوفو يجدد أضواء المتحف المصرى الكبير.. ماذا قالت الأسوشيتدبرس؟    تركيب 21 ماكينة غسيل كلوي جديدة بمستشفى طوخ المركزي تمهيدًا لبدء التشغيل    بحضور مستشار رئيس الجمهورية للصحة، الاحتفال باليوم السنوي الأول قسم الباطنة العامة بكلية الطب    أسرع أهداف أمم أفريقيا 2025.. رياض محرز يكتب التاريخ مع الجزائر    رئيس الوزراء: مصر كانت بتتعاير بأزمة الإسكان قبل 2014.. وكابوس كل أسرة هتجيب شقة لابنها منين    إطلاق مبادرة «كفر الشيخ بتنور» لتعزيز الأمان واستدامة الإنارة    التصدي للشائعات، ندوة مشتركة بين التعليم ومجمع إعلام الفيوم    رئيس جامعة المنصورة ونائب وزير الصحة يوقِّعان بروتوكولًا لتعزيز التطوير والابتكار    أبرد ليلة بفصل الشتاء فى ريكاتير اليوم السابع    القبض على المتهم بإنهاء حياة والدته بسبب مشغولات ذهبية بالمنيا    جمال الوصيف: استمرار توافد الناخبين على السفارة والقنصلية بالسعودية رغم فترات الاستراحة    مدرب بنين: قدمنا أفضل مباراة لنا رغم الخسارة أمام الكونغو    البورصة المصرية تربح 4 مليارات جنيه بختام تعاملات الأربعاء    تقارير: نيكولاس أوتاميندي على رادار برشلونة في الشتاء    هذا هو موعد ومكان عزاء الفنان الراحل طارق الأمير    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا توتو وتوتى ..!؟    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال41 لنقل الأشقاء السودانيين ضمن مشروع العودة الطوعية    بعد الاعتداءات.. ماذا فعل وزير التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس؟    محافظ قنا يعقد اجتماعًا موسعًا للاستعداد لانطلاق الموجة ال28 لإزالة التعديات    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    أمم أفريقيا 2025| شوط أول سلبي بين بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية    وزير خارجية تركيا يبحث مع حماس المرحلة الثانية من خطة غزة    جامعة قناة السويس تعلن أسماء الفائزين بجائزة الأبحاث العلمية الموجهة لخدمة المجتمع    المنتدى الثقافي للمجموعة السودانية يناقش قريبًا كتاب «مستقبل بلد بين جيشين» للصحفي علي فوزي    النائب محمد رزق: "حياة كريمة" نموذج للتنمية الشاملة والتحول الرقمي في مصر    كوت ديفوار تواجه موزمبيق في الجولة الأولى من كأس أمم إفريقيا 2025.. التوقيت والتشكيل والقنوات الناقلة    وكيل تعليم الإسكندرية: مدارس التكنولوجيا التطبيقية قاطرة إعداد كوادر فنية لسوق العمل الحديث    سوريا.. قوة إسرائيلية تتوغل بريف درعا وتعتقل شابين    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    «أبناؤنا في أمان».. كيف نبني جسور التواصل بين المدرسة والأهل؟    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    تقرير- قبل مواجهة الجمعة.. تاريخ مواجهات مصر وجنوب أفريقيا    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لإطلاق القافلة الطبية المجانية إلى الواحات البحرية    "البحوث الزراعية" يحصد المركز الثاني في تصنيف «سيماجو» لعام 2025    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    ماريسكا: إستيفاو وديلاب جاهزان ل أستون فيلا.. وأشعر بالرضا عن المجموعة الحالية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    لتشجيع الاستثمار في الذهب.. وزير البترول يشهد التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق مع آتون مايننج الكندية    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    السيطرة على حريق شقة فى بولاق الدكرور دون إصابات.. والنيابة تحقق    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دبلوماسية السذاجة
نشر في صدى البلد يوم 12 - 06 - 2013

وهكذا إذن سبقت القوي السياسية عندنا بمختلف أطيافها العصر والزمان، وكتبت ( ببلاهتها) المتعمدة فصلا عبقريا جديدا في كتاب الدبلوماسية العالمية, يحمل عنوان دبلوماسية السذاجة, بل وسبقت به وتجاوزت المنظومة الأمريكية ذاتها, فماذا جري عندنا, وماذا جري في أمريكا, وكيف تفوقنا عليهم؟ فتح دماغك!
لقد شهد الأسبوع المنصرم مشهدين رائعين, أولهما عندنا, والثاني عند الأمريكان, فأما الذي هو عندنا والذي لم يفهمه الجمهور المصري حق فهمه فهو الاعتماد علي ادعاء العبط والاستهبال وإخفاء العمامة, والإيحاء للآخر بأنك موش فاهم حاجة في أي حاجة, ومن ثم تستدرجه, وتخدره فينام, فإذا غط في النوم, هوب, تنقض عليه سيادتك انقضاض الأسد الهصور, فتلتهمه التهاما, يعني إيه؟ وكيف كان ذلك؟
شوف ياسيدي, نحن ندعو إلي اجتماع لرموز القوي السياسية النافذة المتحكمة في البلاد, ويكون الاجتماع في غرفة واسعة, ثم نترك هؤلاء الزعماء الطواويس الأشاوس يتكلمون ويفضفضون ويهرتلون, ولمكنون أنفسهما يفضحون, وبعد ذلك نوحي لجمهور النظارة بأن هؤلاء السادة المجتمعين لم يكونوا يعرفون أنهم علي الهواء, وأنهم بوغتوا, فيمثلون الدهشة, ويصطنعون الخيبة, ويصرخون مذهولين: ماذا.. هل نحن صحيح علي الهواء؟
هنا, ستكون الرسالة التي ستصل إلي الجمهور الآخر, الإثيوبي يعني, هي أننا ناس موش فاهمة حاجة, ومن ثم يستكين الإثيوبيون, وتضعف عزيمتهم, وتفتر همتهم, وينامون, فنحمل نحن عليهم حملة رجل واحد, ونأخذهم من حيث لايتوقعون, أخذة عزيز مقتدر, وعندها لن يكون هناك سد ولا يحزنون, تلك هي دبلوماسية السذاجة, والتي هي في واقع الأمر نتاج لميراث متجذر مأخوذ عن بيت الشعر العتيد: ليس الغبي بسيد في قومه, لكن سيد قومه متغاب!
غير أن السؤال هنا هو: علي من بالضبط ستضحك ياحلو المعاني؟ ومن قال لك إن الأشقاء الإثيوبيين سيأكلونها هنيئا مريئا؟ كيف تصورت أنهم أغبياء, بينما هم وراءهم موروث من الغيظ والغضب لن يطفئه ماء النيل؟ ثم من قال لك إن إثيوبيا هي التي ستبني السد؟ لماذا لم تسأل نفسك: من وراءهم؟
ونروح الآن إلي المشهد الأمريكي. لقد تفجرت منذ أيام سلسلة من الاتهامات في وجه الإدارة الأمريكية, برئاسة العم أوباما, بأن إدارته تستخدم شركات التواصل الاجتماعي الكبري علي الإنترنت( مثل جوجل وفيس بوك وياهو وآبل ومايكروسوفت.. وغيرها) للتجسس علي الأجانب المقيمين داخل الولايات المتحدة. إنها فضيحة ولاشك, لكن ماذا فعل إزاءها مستر أوباما؟ انظر إلي لعب السياسة الصح.
لقد رمي الكرة في ملعب الكونجرس, قال لهم: أنتم كنتم تعرفون كل شيء منذ البداية. فماذا كان رد فعل الكونجرس؟ لقد أعلنوا بعلو الصوت: لن نحاسب أوباما علي شيء. وهكذا لم يطلبوا اجتماعا علي الهواء كده وكده, ويفضحوا أنفسهم, ويشمتوا فيهم العدا, بل عادوا إلي قواعد اللعبة, وهي انك مادمت تسعي للحفاظ علي أمن أمريكا القومي, فكل شئ مباح لك في مواجهة الأجانب, تتجسس عليهم, تضربهم في العراق, تقتلهم في أفغانستان.. لايهم, إن المهم هو صالح أمريكا في النهاية وطبعا ستموت قضية التجسس في المهد, وسوف ترون! إن السياسة البراجماتية النفعية الأمريكية مأخوذة, في واقع الأمر, من المرحوم خالد الذكر ماكيافيللي, الذي قال في كتابه الأمير: افعل ما شئت في الشعوب الأخري مادمت ستحقق مصالح شعبك أنت في نهاية المطاف. وهكذا فنحن أمام دبلوماسية عتيقة معتقة تبحث عن مصلحة الشعب, ودبلوماسية أخري عتيقة معتقة أيضا لكنها تنهض علي مبدأ ليس الغبي سيد قومه!
طيب, ما الدلالات, وماهي الدروس المستفادة من هاتين المقارنتين,( دبلوماسية السذاجة في مواجهة الدبلوماسية البراجماتية)؟ ثمة دلالات ثلاث: أولا: أن مفهوم خدمة الشعب بل ومفهوم الشعب نفسه مختلف عندنا عما عندهم. نحن ننظر لشعوبنا علي أنهم ناس طيبون, عاوزين يعيشوا, وبكلمتين تأكل بعقولهم حلاوة طحينية. ما المشكلة يا أخي؟ جلسنا في اجتماع, وفضفضنا بكلمتين فارغين, وماله ياسيدي, وهل كل الكلام الذي سمعه الشعب من زعمائه الأقدمين كان معقولا وموزونا؟ فإن سألتهم: وماذا عن تأثير هذا الذي تفوهتم به أمام الكاميرات في مقر الرئاسة علي مصالح الشعب؟ فستجدهم يردون عليك: انسي.. ألم يمارس هذا الشعب معنا نحن الحكام لعبة (طب انسي وأنا هاانسي) طوال الزمان؟ وأما الدلالة الثانية, فهي أننا قوم نتكلم وبس, ومع أن الله تعالي خلق لنا الألسنة كي تأتمر بأمر العقل, إلا أننا للأسف خرجت عندنا الألسنة من عقالها, وبتنا نقول أي كلام, وطبعا معروف ذلك المثل الشهير( لولاك يالساني ما اتسكيت ياقفايا) فإلي متي ستظل أقفيتنا تتحمل السك؟
والدلالة الثالثة, هي اننا سنظل حتي إشعار آخر قوما عشوائيين. ولا يقتصر الأمر هنا علي الكلام فقط, بل يمتد إلي التفكير والقوانين والبناء والسير في الطرقات.. ولذلك لم يكن مستغربا هذا المشهد العشوائي الذي جري في الاتحادية. وللعلم سنبقي هكذا, مادمنا نتبني دبلوماسية السذاجة كمنهج للحياة!
نقلاً عن الأهرام
المزيد من أعمدة سمير الشحات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.