أربع وعشرون خريفا مر على مذبحة مدينة نصر.. الجريمة التي سُطرت ضمن أبشع جرائم التسعينات في مصر وتحديدا في العاصمة، تلك المذبحة التي راحت ضحيتها المهندسة نانيس أحمد فؤاد وطفليها هديل وأنس على يد ثلاثة شياطين طمعا في سرقة أموالها ومشغولاتها الذهبية. بصوته المرتفع راح باع الجراد يصول ويجول في شوارع وسط العاصمة مرددا "اقرا الحادثة، سفاح مدينة نصر"، وأحتل مصرع المهندسة عناوين الجرائد الرئيسية، إلا أنه سرعان ما كشف الأمن النقاب عن مرتكبي الجريمة وتم ضبطهم في غضون أيام قليلة. تأجيل محاكمة المتهمين بالتجمهر والقتل العمد في المطرية جنايات أمن الدولة تستمع للشهود في محاكمة 10 متهمين بقتل وترويع المواطنين بالمطرية "دهان الشقة كلفها حياته".. من هنا تبدأ الرواية، ومن تلك الجملة بدأت الأحداث، حين أتفق زوج المهندسة نانيس مع ثلاثة أشخاص على بعض أعمال الصيانة والدهانات في شقة الزوجية الكائنة بمنطقة مدينة نصر، ولم يكن في حسبانه حينها أنها ستكون الأيام الأخيرة التي يرى فيها زوجته وأطفاله ويفقدهم في لحظات، فأحضر الثلاث شيطان إلي الشقة وتم الاتفاق على البدء في أعمال الدهانات وأحضرت إليهم المهندسة المجني عليها الأموال من غرفة النوم، وهنا كانت بداية طريق الشر، حين تملك الشيطان من أعين الجناة، اختمرت في ذهن المتهم وشقيقه ونجل خالته سرقة مشغولات المجني عليها الذهبية وأموالها. وفي صباح الثالث عشر من أكتوبر عام 1997، حضر الشيطان محمد زكريا علوان والشيطان الأخر "نجل خالته" محمد خورشيد نصر الدين إلي مسكن المجني عليها المهندسة نانيس أحمد فؤاد، وقاما بطرق باب شقتها، وما أن قامت المهندسة بفتح الباب أخبروها بأنهم حضروا لاستكمال بعض الأعمال في الدهانات، فقاما بالدلوف إلى الداخل، واستأذنت منهم الضحية لتقديم واجب الضيافة "أنا هعملكم شاي"، إلا أن أعين المتهمان كانت لا ترى سوى الذهب اللامع في أيديها، وبمجرد دلوفها إلي المطبخ ذهب خلفها المتهم "خورشيد" وكتم أنفاسها ب يده، وقالت له حينها جملتها الأخيرة "خدوا اللي أنتوا عايزينه" إلا أنه سرعان ما حضر "محمد زكريا" مسددا إليها طعنات بالمطواة في بطنها وجنبها لتنفجر الدماء في أركان المطبخ وتسقط السيدة جثة هامدة. مخطط الشياطين لم يقف أمام صورة الدماء، جثة السيدة في المطبخ، تركوها وقاموا باستدعاء ثالثهم "سيد زكريا علوان" الذي كان يقوم ب دور "الناضورجي" أسفل العقار، وما أن صعد إلي الشقة، راحوا يخلعون عنها مشغولاتها الذهبية، ويبحثون عن الأموال في كل الأنحاء، إلا أن القدر آبى أن تغادر المهندسة الدنيا وتترك طفليها دون أم، ظهر الطفلين هديل وأنس في المشهد أمام الجناة وسألوهم عن والدتهم فأخبرهم الجناة "ماما أتسلعت في المطبخ وهي جاية دلوقتي"، وقعد الأطفال يلعبوا في الأوضة والشياطين يبحثون عن الأموال، وسرعان ما أطبق المتهم "خورشيد" على أنفاس الطفلة هديل معلنا إنهاء حياتها، وتأكيدا على مفارقة الحياة طعنها المتهم "محمد زكريا" مستخدما المطواة، ثم وضعوا الطفل الصغير "أنس" داخل دولاب الملابس. لم ينتهي الشياطين من جريمتهم بعد، ظلوا يبحثون عن الأموال، إلا أن أصوات صراخ الطفل كانت لهم صورة مزعجة فقام المتهم محمد خورشيد بفتح الدولاب وحينها ارتمى المجني عليها الطفل أنس هاني في أحضانه، فلم يأبه لهذا الصغير، وكتم أنفاسه ثم خنق عنقه مستخدما إيشارب ليفارق الحياة، ويهرع المتهمين الثلاثة للهروب من الشقة تاركين ثلاثة جثث، الأم غارقة في دمائها على أرضية المطبخ، وأبنتها هديل جثة تكسوها الدماء في الخارج، والطفل الصغير أنس قتيلا في غرفة النوم. إزاي تهاجر.. كل ما تريد معرفته عن الهجرة "مستندات وخطوات"| خدمات خدمات.. كيفية اكتساب الأجنبية ل الجنسية المصرية عاد الأب المكلوم إلى المنزل وكانت الفاجعة.. دلف إلي الشقة فوجد أمامه ابنته جثة هامدة، ومحتويات الشقة مبعثرة، وحين دلف إلي المطبخ وجد بركة الدماء تتوسطها جثة "رفيقة العمر"، جثة زوجته صوب أعينه، وحين وصلت الشرطة إلى الشقة، بدأت التحريات بشكوك الأمن في الجيران أو دائرة معارف المهندسة وزوجها، إلا أن الزوج أخبرهم عن الشياطين الثلاثة، وقال لهم "في 3 عمال أنا طلبت منهم يدهنوا الشقة"، وأكد شاهد عيان على رؤية أحدهما صباحا في مدخل العقار. وما هي إلا أيام حتى ألقى الأمن القبض على مرتكبى المذبحة وتبين حينها في التحقيقات أنهم محمد زكريا علوان 22 سنة وشقيقه سيد زكريا علوان 27 سنة، ونجل خالتهم محمد خورشيد نصر الدين 24 سنة، واعترف المتهمون الثلاثة بارتكابهم الواقعة تفصيليا حيث سرد المتهم الأول محمد زكريا، جريمته قائلا "أنا بشتغل نقاش وباخد في اليوم 15 جنية، ومش كل يوم بشتغل، وانا عليا فلوس، لما روحنا الشقة نشتغل شوفنا الدهب والفلوس وأبن خالتي خطط أننا نسرقهم ونسدد الفلوس اللي علينا كلنا، وفعلا روحنا الشقة يوم 13 أكتوبر الصبح الساعة 10.30، وأول ما دخلنا الشقة هي راحت المطبخ ودخل وراها "خورشيد" أبن خالتي وكتم نفسها، ولما أنا دخلت مكنتش في وعيي روحت طعنتها في بطنها وجنبها". وأذاع التلفزيون الرسمي حسنها أمر إحالة المتهمين واللحظات الأخيرة قبل إعدامهم، حيث تم تلاوة جرائم الشياطين بأنهم في يوم الثالث عشر من أكتوبر عام 1997 "قتلوا نانيس أحمد فؤاد، عمدا مع سبق الإصرار بأن اتفقوا فيما بينهم على سرقة نقودها وحليها، وعقدوا الأمر على التخلص منها"، كما جاء حينها "واقترنت الجناية ب "قتل الطفلة هديل هاني 4 سنوات حيث أطبق المتهم الثالث على عنقها بيديه وكتم فمها بقطعة قماش، وطعنها المتهم الأول بمطواة، وقتلوا الطفل أنس هاني عامين حين حبسوه داخل الدولاب وحين قام بالصراخ انفرد به المتهم الثالث وكتم أنفاسه حتى فارق الحياة". وفي صباح يوم الثاني عشر من نوفمبر عام 1997، اكتظت محكمة جنايات القاهرة بوسائل الإعلام أهلية المجني عليها، لتقضي المحكمة حينها في القضية التي حملت حينها رقم 20220 لسنة 1997/ مدينة نصر أول، بالإعدام شنقا للمتهمين الثلاثة، ثم قرار محكمة النقض في مارس 1998 حين قضت بتأييد الحكم، حتى تنفيذ حكم الإعدام في 21 إبريل من عام 1998.