أول تعليق من رئيس البرلمان على استقالة الحكومة    جامعة كفر الشيخ تتسلم شهادة رخصة مركز تدريب معتمد من المجلس الأعلي للجامعات    محافظ المنوفية: مواصلة جهود التغيير والبناء الشامل في شتى القطاعات الخدمية    وزيرة التخطيط: نقدر القلق من الديون ونجري دراسات جدوى    حزب المصريين: الحكومة السابقة واجهت تحديات خطيرة داخليا وخارجيا    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع مستجدات مشروع كوبري المزلقان على الطريق الزراعي بالواسطى    إسرائيل: إلقاء قنبلة حارقة على سفارتنا في رومانيا    الصين تؤكد دعم جميع الجهود السلمية لحل الأزمة الأوكرانية    عقبة واحدة تمنع الزمالك من استعادة " الفيراري "    شاهد.. مجدي أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. والقاضية ظلمتني    رئيس بعثة الحج: الحالة الصحية للحجاج المصريين جيدة.. ولم تظهر أية أمراض وبائية    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    الليلة.. «المغارة المسحورة» في ختام عروض مسرح الطفل بالإسكندرية    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    مي عمر عن علاقتها بمحمد سامي: «مبخافش من الحسد ومبركزش في كلام الناس»    قبل عقد قرانهما.. من هو عريس جميلة عوض؟    محمد الباز ل"إكسترا نيوز": بعض الوزارات الخدمية والاقتصادية تحتاج تغيير    رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    بعد الفوز على الاتحاد السكندري.. أبوقير للأسمدة يجدد الثقة في محمد عطية    نائب: ضيوف مصر يمثلون عبئا على الموازنة العامة    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    نتنياهو: يمكن بدء تنفيذ خطة التهدئة فى غزة قبل الاتفاق على الشروط بشكل كامل    أحمد ماهر: "بكيت بشدة في مشهد إيذاء أبو لهب للنبي"    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    مرصد الأزهر: الحفاظ على عقول الأفراد من الانحراف أحد أهم مقاصد الشريعة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    أمانة الشباب ب"حماة الوطن" تنظم ندوة بعنوان "موقفنا ثابت للقضية الفلسطينية"    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    رئيس أتليتكو مدريد يكشف حقيقة مفاوضات صلاح.. ومونديال الأندية الجديد ومستقبل فيليكس    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني نحو 1.7 ألف جندي خلال يوم    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    برلماني يطالب الحكومة بدعم الاستثمار الزراعي والصناعي    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    طريقة التسجيل في مبادرة الأمراض المزمنة.. الكشف والعلاج بالمجان    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    ما عدد تكبيرات عيد الأضحى؟.. 3 أقوال عند الفقهاء اعرفها    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس الوزراء العراقي في حوار مع "الأهرام" من بغداد: نستلهم التجربة المصرية في الإصلاح ومكافحة الفساد
نشر في صدى البلد يوم 27 - 03 - 2021

العراق ليس بحاجة لقوات اجنبية على أراضيه وما يحتاجه اليوم هو الدعم الدولي
البعض حاول أن يجر العراق ليصبح ساحة للخلافات الإقليمية والدولية ولا زلنا نعانى من ظاهرة السلاح المنفلت
"الورقة البيضاء" مشروع متكامل للإصلاح الاقتصادي والإداري في مسار الدولة العراقية
نعمل بقوة لإطلاق حوار وطني شامل بين كل التنويعات السياسية والعراق ولن نسمح بأن يتحول العراق الى يمن جديد
العراقيون نزفوا كثير من الدماء ونحن نبحث عن حلم عراقي جديد يؤسس لمفهوم الدولة ومفهوم المواطنة
أوروبا نجحت في الاتحاد عندما قدمت الخيار الاقتصادي على اختلافات السياسة والاقتصاد هو ما يقرب وجهات النظر
الاتفاقيات المصرية العراقية الأردنية تؤسس لمشروع اقتصادي جديد يشبه الاتحاد الأوربي وابوابنا مفتوحة للراغبين في الانضمام للتحالف الجديد
العراق الآن يخرج من غرفة الإنعاش ويحتاج للدعم والاستفادة من تجارب مصر والأردن
كل الدول تبحث الآن عن فرصة للسلام والتنمية وعدم استقرار المنطقة أمر يزعج الجميع

ينظر رئيس الوزراء العراقي مصطفي الكاظمي الى العراق الجديد، باعتباره نسخة محدثة لطائر الفينيق الأسطوري، مؤكدا أن هذا البلد العظيم دائما ما يتعرض للهزات، لكنه دائما ما يستعيد قوته ويستعيد دوره، ويقول في ثقة: لا يمكننا أن نقبل بأن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا، بل يجب أن يكون الحاضر بمستوى الماضي وأفضل".
لم تمض سوي ساعات قليلة على وصولي الى العاصمة العراقية بغداد، حتى كنت أجلس مع السيد مصطفي الكاظمي، وعدد من الزملاء الصحفيين والإعلاميين، قبيل ساعات من القمة الثلاثية، التي كان مقررا لها أن تتم أول أمس، على مستوي القادة بين مصر والعراق والأردن، قبل أن يحول حادث قطاري سوهاج دون التئامها، وإعلان بغداد تأجيلها الى وقت لاحق، تضامنا مع مصر في مصابها الأليم.
لا يخفي السيد مصطفي الكاظمي احتفاءه بالصحفيين، ويداعبنا ضاحكا:" لا تنسوا أنني كنت صحفيا مثلكم"، فقد شغل الرجل لفترة، موقع مدير التحرير للقسم المعني بشؤون العراق في موقع "مونيتور" الأمريكي ذائع الصيت، قبل أن يعود للعراق بعد نهاية عصر صدام حسين، ويشارك في تأسيس شبكة الإعلام العراقي.
التقيت السيد مصطفي الكاظمي في حوار ل"الأهرام" التي يكن لها محبة خاصة، وقد دار الحديث حول الأوضاع في العراق الجديد، وملامح مشروعه للتكامل الاقتصادي مع مصر والأردن، الى جانب ملفات أخري داخلية وخارجية، وقد عكست إجاباته علي ما طرح من أسئلة، رؤي جديدة ومعتبره، لبلد يسعي للانفتاح على العالم، وتعويض ما فاته طوال سنوات طويلة، اسقط فيها عمدا في فخ الطائفية، وتم جره للعديد من الصراعات، التي لم تسفر سوي عن مزيد من إراقة الدماء.
لا يري السيد مصطفي الكاظمي ضرورة ملحة، لبقاء القوات العسكرية الأمريكية على الاراضى العراقية الآن، لكنه يأمل في علاقات جديدة مع الإدارة الامريكية، تقوم على التعاون والشراكة في كافة المجالات، والحقيقة أنني ما أن وطأت قدماي مطار القاهرة، حتي فوجئت بالرجل يؤكد ما ذكره لي، عندما قال قبل ساعات في تصريحات متلفزة، إن العراق لم يعد بحاجة لقوات اجنبية على الأرض، بقدر ما هو بحاجة الى دعم دولي،
وأن العلاقة بين واشنطن وبغداد، أفضل لها أن تتحول إلى مصلحة أمريكية عراقية، في مجالات الاقتصاد والأمن والثقافة والصحة والمجالات الأخرى.
الحوار التالي كاشف لرجل يتولى مهمة صعبة للغاية، في بلد لا يزال يعاني آثار سنوات من الحروب والدمار، ويسعي لتعويض ما فاته بقوه، بالانفتاح علي محيطه العربي والإقليمي والدولي.
وإلي نص الحوار:
بداية كيف تنظر القمة الثلاثية التي كان مقررا أن تلتئم في الأيام الأخيرة على مستوي القادة بين مصر والأردن والعراق، وما هي الأهداف الرئيسية التي يسعي اليها العراق من وراء هذا التكامل العربي؟
-الحقيقة أن هذه القمة التي تأجلت في الساعات الأخيرة، لظروف هذا الحادث الأليم الذي تعرضت له مصر، تمثل جزء من سياسة الحكومة العراقية التي تسعي بقوة لأن يستعيد العراق دوره الريادي في المنطقة العربية، بعد سنوات من الغياب، فلا يخفي على أحد ما يمر به العراق من تحديات كبيرة، وهو اليوم يقوم بدور مهم في استعادة وضعه الداخلي والإقليمي والعربي والدولي، بعد أن مر بظروف صعبة ومعقدة منذ فترة طويلة، بسبب السياسات الخاطئة في الماضي، التي أنتجت مع الأسف الشديد دماء وحروبا، وبيئة غير مستقرة، ونحن نسعي بكل قوة لعلاج كل تلك الآثار، عبر تقديم صور مجسدة للأمل تخاطب المواطن العراقي، والحقيقة أنه ومنذ عام 2003، والعراقيون يعيشون على الأمل، في زوال نظام ديكتاتوري تعامل مع العراقيين بالحديد والنار، فمن يمكن أن ينسى تلك التجربة المأساوية التي عشناه فيما كان يعرف ب"المقابر الجماعية"، ومن ينسى عمليات الإبادة التي تمت في عملية الأنفال، التي راح ضحيتها 180 ألفا من شعبنا في منطقة واحدة، وكذلك الآلاف من شبابنا في السجون والإعدامات.
لقد كان العراقيون ينتظرون من النظام السياسي الذي قام بعد عام 2003 أن يكون فرصة للأمل، ولكن هذا الإرث الطويل كان سببا رئيسيا في عدم استقرار البلد، بدء من حرب عام 1975 في كردستان العراق، ثم الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثماني سنوات، وكانت حربا قاسية جدا، ثم الاعتداء على الجارة الكويت، والحقيقة أن كل تلك الحروب لعبت دورا كبيرا في انهيار مفهوم الوحدة العربية، والمفهوم القومي خصوصا بعد غزو صدام حسين لدولة جارة ومسالمة مثل الكويت، وقد أنتج هذا الغزو انعكاسات خطيرة على المجتمع العراقي، حيث فرضت عقوبات ظالمة على الشعب العراقي، أنتجت انهيارا كاملا بالبنية الاجتماعية، وانهيار كبير للطبقة الوسطى التي كانت تشكل أغلبية المجتمع العراقي، قبل أن ينتهي الأمر إلى الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وتأسيس النظام السياسي الجديد، وما تبعه من تداعيات لهذا التغيير.
اذن أنتم تتفقون مع كثير من المراقبين الذين ينظرون الي نظام الرئيس الأسبق صدام حسين، باعتباره سبب تلك الأزمات الضخمة التي عاشها العراق في السنوات الأخيرة؟
- لقد كان الاحتلال الأمريكي للعراق بمثابة زلزال كبير، أدى إلى انهيار كامل، ليس فقط لنظام صدام حسين، وإنما للدولة العراقية، فتعرض الجيش العراقي للظلم، وتم تحميله تبعات أفعال هو غير مسئول عنها، وقد انتج انهيار الدولة وضعا سياسيا معقدا، وصراعا بين كتل سياسية تبحث عن مشاركة بتجربة ديمقراطية فتية، فتحول الصراع من بناء الدولة، إلى صراع على السلطة ما أنتج بدوره وضعا معقدا، تجلي في الانتخابات الأخيرة عام 2018، فقد جاءت الانتخابات بنتائج لم تصنع الأمل أو تنجح في بث الطمأنينة لدى المواطن العراقي، وقد كان من نتائجها هذا الحراك الشعبي الذي بدأ في الأول من أكتوبر عام 2019 وانتهى بمرحلة خطيرة في 25 ديسمبر من نفس العام، بوجود ضحايا وشهداء كُثر من أبناء الشعب العراقي، تحت مطالب حقة في الحفاظ على الكرامة والبحث عن فرصة أمل.
لكن حكومتكم جاءت بالفعل نتيجة هذا الحراك الشعبي، فما هي أبرز التحديات التي تواجهها اليوم؟
-هذه الحكومة جاءت بالفعل نتيجة هذا الحراك الشعبي، والبحث عن فرصة للأمل، في شعب يشكل الشباب أغلبية كبيرة منه، وفي بلد فيه الكثير من الثروات والخيرات، لكن سوء إدارة هذه الثروات انعكس على وضع إدارة البلد، حيث كان هناك اعتماد مطلق على النفط، على حساب استبعاد القطاع الخاص والزراعة والتجارة والاقتصاد، فأصبحت فرص العمل للمواطن العراقي ضئيلة، أمام شعب نسبة زيادة السكان عنده سنويا تصل الى نحو مليون شخص، ونسبة الخريجين من الجامعة سنويا أكثر من 250 ألف شاب، كلهم يبحثون عن فرصة عمل، وقد كانت هناك محاولة أو سوء تقدير من البعض، وأركز هنا على كلمة البعض، أنه يجب أن نركز على السلطة، وعملية تصفير بعض نشطاء المجتمع المدني، وقد انتج هذا الوضع حكومة، مطلوب منها بالاتفاق مع الكتل السياسية والقوى الشعبية، أن تؤسس لانتخابات نزيهة مبكرة عادلة، وتقوم بواجبها بتوفير الظروف المناسبة، وفى مقدمتها وضع أمنى ضامن لانتخابات نزيهة عادلة، ووضع اقتصادي يحمى ويوفر الظروف لهذه الانتخابات، وقد جئنا في وقت كان البعض يراهن فيه على فشل هذه الحكومة، أو محاولة إعاقة أي عمل تقوم به، لكننا أخذنا قرارات جريئة، وقمنا بتقديم مجموعة إصلاحات تبدأ بالورقة البيضاء، وهي ورقة إصلاح اقتصادي إداري في مسار الدولة العراقية، فالعراق لم يقم بأي عمليات لتحديث نظامه منذ عقود طويلة، وقد شملت خطة الإصلاح الجانبين الإداري والاقتصادي، فالعراق يعتمد على النفط في ميزانيته مع الأسف الشديد، بنسبة تصل الى 96 %، بينما قطاعات مثل الزراعة والتجارة والسياحة مستبعدة، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على غياب التنمية لمثل هذه القطاعات، وقد كانت ورقة الإصلاحات التي تقدمنا بها، تمثل محاولة لاستعادة هذه القطاعات من جديد، وتوفير رواتب موظفي الدولة، في بلد يعد الأكبر في العالم من حيث عدد الموظفين، فعندنا يقارب أكثر من 7 ملايين ونصف المليون موظف ومتقاعد، الى جانب شريحة كبيرة من الفقراء، توفر الدولة لهم الدعم المالي، وبالمعادلة الحسابية فإن ذلك يعني أن الموازنة تذهب إلى نحو 50% من الشعب العراقي لتوفير مستلزماته المالية، وقد وضعنا ورقة إصلاح تهتم بشبكة الفقراء، وتهتم بتطوير القطاع المصرفي، الذي يعد أساس نجاح أي دولة، وفي ضوء ما حدث، ونتيجة لورقة الإصلاح، تم تصنيف العراق في درجة أعلى.
بجانب ذلك نجحت الحكومة خلال الفترة القصيرة الماضية، في توفير احتياط إضافي للبنك المركزي، وخلال شهر نجحنا في توفير أربعة مليارات دولار، إضافة إلى ما سبق هناك محاولات مستمرة لإعادة الثقة للجيش العراقي البطل، الذي حارب داعش وحارب الإرهاب، وبقي محافظا على هويته الوطنية، بعدما تعرض العراق خلال أزمة السنوات الماضية إلى شرخ في الهوية الوطنية، وللأسف هناك من حاول أن يأخذ العراق إلى اصطفافات مذهبية وطائفية، تبعدنا عن مفهوم المواطنة والوطن، لذا فان الحكومة ومنذ اللحظة الأولى، قامت بإجراءات تهدف إلى أن يكون العراق لكل العراقيين، ولهذا السبب أخذنا قرارا بمنع التصنيفات المذهبية والطائفية في المؤسسات الأمنية منعا باتا، وكذلك في عموم مؤسساتنا.
ما هي الخطوات التي بدأتها حكومتكم بالفعل باتجاه استعادة دور العراق في محيطه الإقليمى والدولى؟
كان هناك انفتاح كبير للعراق مع أشقائنا وأهلنا في العالم العربي، وكذلك إخواننا في الخليج، وقد طرحنا مشروع المشرق الجديد للتكامل والتعاون الاقتصادي، بين العراق ومصر بقيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكذلك جلالة الملك عبدالله الثانى، وكانت هناك مجموعة لقاءات، وسوف تعقد القمة الثلاثية في أقرب وقت لاعلان تفاصيل المشروع، وقد عملنا طوال الفترة الماضية، على الانفتاح مع الاشقاء من دول الخليج، وفتح أبوابنا للاستثمار مع الأشقاء، على طريق ازالة الفجوة الكبيرة والطويلة التي حدثت في هذه العلاقات، عبر العديد من اللقاءات المستمرة التي تتم على مستوى الوزراء والقادة، ونحن سوف نعمل بكل جد لأن يكون العراق ساحة للالتقاء والسلام، خصوصا وقد حاول البعض أن يجر العراق ليكون ساحة للخلافات الإقليمية والدولية، لكننا حاربناه بكل قوة، ونتيجة لذلك لا زلنا نعانى من ظاهرة السلاح المنفلت، فمرة يكون السلاح عن طريق جماعات مسلحة حاربت داعش لفترة لكنها الآن تتغول، ومرة يكون السلاح المنفلت من بعض الجماعات والعصابات المنظمة، أو عند بعض الأطراف، لكننا سوف نعمل بكل جد نحو اطلاق حوار وطني عراقي يستهدف حل كل هذه الإشكاليات، خصوصا وأن البعض يريد من هذه الحكومة أن تصطدم، وتأخذ العراق إلى ساحة الصدام والحرب، لكننا لن نسمح بذلك، فعلينا أن نستفيد ونتعلم من تجربة ما حدث في اليمن، لذا فانا أقول إن العراق لن يكون يمنا آخر أبدا.
لقد نزف العراقيون الكثير من الدماء، وأنت حينما تذهب إلي أي مكان في بغداد، أو في مدن الجنوب الحبيب، أو في كردستان العزيزة، سوف تجد الشهداء ظاهرة عامة، لذا فعلينا أن نبحث عن حلم عراقي جديد، يؤسس لمفهوم الدولة ومفهوم المواطنة، وأن يكون العراقيون متساويين تماما أمام القانون، وأنا أقول أن لدينا فرصة لتحقيق ذلك، فأنا متفائل بمستقبل العراق لوجود نخبة من الشباب المتعلم، الذي يبحث عن ذاته ويبحث عن فرصة للنجاح.
قلتم إن مشروع التكامل الاقتصادي الموسع الذي تتبناه العراق في المنطقة، سوف يشمل أجزاء من آسيا وإفريقيا وأوروبا، في تجربة قد تكون تحاكى تجربة الاتحاد الأوروبي، فما هي الآليات التي يملكها العراق لتحقيق ذلك؟
-لقد نجحت أوروبا عندما قدمت الخيار الاقتصادي على حساب السياسة، ونحن نؤمن بأننا إذا بدأنا مشروعنا بالسياسة فسوف نختلف، بينما الاقتصاد هو ما يقرب وجهات النظر، لأنه يمثل مصالح الشعوب، ومشروع التكامل هو البداية أو النواة لمشروع كبير، سوف تجسده القمة الثلاثية المرتقبة بين العراق ومصر والأردن، فالدول الثلاث تملك عناصر النجاح،التي تتراوح ما بين الجغرافيا والثروات والعنصر البشري وهو الأهم، ولنكن واضحين من البداية، فالسياسة أدخلتنا في دوامات لسنين طويلة، ونحن ولدنا على مفهوم الوحدة العربية، لكننا كنا نري الأمة العربية ممزقة، بينما اليوم حينما تكون المصالح الاقتصادية هي العنصر الرئيسي في استراتيجية التعاون، سنري أن مشاكلنا أقل، وأنا متفائل بالنجاح، فمصر مثلا نجحت في أن تتخلص من ظروف صعبة ومعقدة، وبتنا نري اليوم في القاهرة عاصمة إدارية جديدة، وتنمية حقيقية، وفي الأردن صناعات على مستوى عالمى، والعراق الآن يخرج من غرفة الإنعاش بسبب الحروب، وهو يحتاج إلى الدعم والاستفادة من تجارب مصر والأردن، وبكل تأكيد سوف ننجح، فالاقتصاد سوف يوحدنا ويقرب وجهات النظر في الجانب السياسي.
هل يمكن أن تضم هذه التفاهمات الاقتصادية اطراف اخري في المستقبل، لتتحول الى مشروع كبير وموسع؟
- نحن في المرحلة الحالية نبحث عن التأسيس، وأبواب هذا المشروع مفتوحة، والمستقبل سوف يفرز من يحب أن ينتمى إليه، فأبوابنا في النهاية مفتوحة للجميع بكل تأكيد، والمستقبل سوف يشهد انطلاق دعوات لدول أخري للانضمام الى هذا التعاون الاقتصادي الوليد.
*منذ توليكم مهام هذه الحكومة، وتقديمكم لورقة الإصلاح البيضاء، الا أنها تصطدم دائما بقوى منفلتة تصدر للخارج صورة مغايرة عن العراق، كيف برأيك يمكن تحقيق هذه المعادلة بالانفتاح على الخارج فى ظل وجود هذه القوى فى الداخل؟
-بكل تأكيد أى بداية تواجه مشاكل جمة، ونحن نعمل جاهدين على استعادة الدولة، ونقاوم في سبيل ذلك حتي الرمق الأخير، استنادا الى سياسة تعتمد على الصبر والحسم، وإعادة تقييم الأجهزة الأمنية، لإيقاف هذه الجماعات، وقد قمنا بالفعل بإجراءات مهمة جدا ونجحنا فيها، ولا مجال في العراق الآن لأطراف تريد أن تكون خارج إطار الدولة.
* لا مجال بلغة الدبلوماسية أم بواقع الاستقطاب للمكونات الولائية؟
الولاء يجب أن يكون للعراق فقط، وقد قمنا بالفعل بسلسلة من الخطوات والإجراءات التي تجلت في الانتشار الواسع للأجهزة الأمنية فى بغداد، وسوف نستمر في فرض هيبة الدولة، ونحن ندرك بكل تأكيد أن هناك تحديات أمام ورقة الإصلاح، وأن هناك العديد من المعوقات، خصوصا وأن ورقة الإصلاح تحارب الفساد، بينما العراق يعانى من ظاهرة فساد خطيرة جدا، وقد شكلنا مؤخرا لجنة لمحاربة الفساد، تتعرض لانتقادات واتهامات تصل حد التجاوز في حقوق الإنسان، والغرض من هذه الاتهامات حسبما يعلم الكافة، هو تشويه سمعة هذه اللجنة، لأنها قامت بإجراءات ووضعت بعض الحيتان الكبار فى السجن الآن.
*ينطلق الحوار الاستراتيجى العراقى الأمريكى الشهر المقبل، والحديث يدور منذ فترة حول بقاء او انسحاب القوات الأمريكية، فهل العراق قادر في حالة انسحاب تلك القوات على تأمين الأجواء العراقية؟
- العراق في حاجة بالفعل إلى دعم دولي، لكنه لا يحتاج لقوات قتالية تكون موجودة على أرضه، نحن لدينا الجيش العراقى وقواتنا الأمنية بكل أصنافها، ونملك الجاهزية اللازمة لمحاربة داعش، وبالتالي فنحن لا نحتاج لقوات أمريكية مقاتلة على أرض العراق، قد نحتاج تنسيقا أمنيا، وقد نحتاج لقوات جوية، لكن رغم ذلك نجحنا في تنفيذ حملة قوية شملت مناطق في جنوب كركوك، واستمرت لمدة عشرة أيام، نفذنا خلالها 320 طلعة جوية، قضت على العشرات من الإرهابيين والتكفيريين، وخوارج العصر من الدواعش، وقد تمت تلك الطلعات بتنسيق بين العراق والتحالف الدولى، وهذا التنسيق سوف يستمر، ولكن دون وجود قوات قتالية على الأرض لا نحتاجها، ودورنا هو أن نحول هذه العلاقة إلى مصلحة أمريكية عراقية فى المجال الأمني، والاستخبارى والاقتصادي، الى جانب مجالات التعليم والثقافة والصحة.
* يترقب العراق الانتخابات المقبلة، فكيف تسير الاستعدادات لهذه الانتخابات المبكرة، وهل ستجرى بالفعل قبيل نهاية العام الجاري؟.
كنت أتمني أن ننجز هذه الانتخابات حسبما أعلنت عنها العام الماضى، فى 6 يونيو المقبل، ولكن لظروف معينة طلبت التأجيل لمدة أشهر قليلة، وانتهينا الى الاتفاق على تاريخ 10اكتوبر المقبل موعدا للانتخابات، ونحن ندعم مفوضية الانتخابات باستعدادت كبيرة، تشمل سجلات الناخبين وتحديثها، رغم تحديات كورونا، ورغم الظروف الصعبة للوصول إلى أبعد مناطق العراق، لتشجيع المواطنين على المشاركة فى الانتخابات، وأنا أري أن هذه الانتخابات ستكون مفصلية ومهمة، ونحن نحتاج بكل تأكيد لمشاركة كل العراقيين، حتى نبعث رسائل طمأنة للجميع.
*منذ سنوات ونحن نسمع عن التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والاردن، لكننا لم نسمع عن تفاصيل لهذا المشروع، فهل الإرادة السياسية متوافرة لتنفيذه على أرض الواقع بالفعل، وأى المشروعات سيكون لها الأولوية في هذا التعاون؟
كما ذكرت سيكون للملفات الاقتصادية موقع الصدارة، سواء في مجالات النفط والطاقة والنقل وجميعها ستكون لها الأولوية، الى جانب الملف الزراعي، وملف الإسكان، وهناك اهتمام حقيقى بالفعل من قيادات البلدان الثلاثة، للشراكة فى بعض المشاريع التي يجري تنفيذها على ارض العراق، وكانت بالفعل مجموعة من الشركات المصرية وصلت إلى بغداد، وذهبت إلى بعض المناطق لتأسيس أو اختيار مناطق معينة من اجل تنفيذ هذه الشراكة، وفى قطاع الإسكان هناك مشاريع فى العراق توقفت منذ 16 عام، وستقوم وزارة الإسكان بدور كبير في اعادتها للحياة من جديد.
*تلقيتم مؤخرا دعوة لزيارة المملكة العربية السعودية، بالتزامن مع هذا المشروع الخاص بالتعاون مع عدد من الدول العربية، الا تري أن هذا الأمر قد يكون فى غير محل ترحيب من بعض القوى الإقليمية؟
- الجميع الآن يبحث عن فرصة للسلام، لأن عدم استقرار المنطقة بات أمرا يزعج الجميع، الكل الآن يبحث عن فرصة، والمستقبل أصبح يؤشر لتفاهمات مصرية تركية، وقد كان للعراق دور مهم جدا فى تقريب وجهة النظر، وقد كنا دائما نحمى وندعم جبهة مصر، ونعمل على التهدئة فى كثير من الملفات فى المنطقة، وأنا أعتقد أن من مصلحة جميع الأطراف الحوار والتهدئة، وأري أن الجميع سوف يأتى إلى طاولة الحوار من أجل البحث عن فرص أفضل للمستقبل، وأنا متفائل بذلك، فمن الممكن أن يكون لدينا مشرق جديد، تكون نواته مصر والعراق والأردن، فالحقائق تقول بأن العالم قد تغير، وقد أصبح لدينا قادة بالمنطقة، يمتلكون الكثير من الشجاعة والحكمة والصبر، ويبحثون فى الفرص لبناء بلدانهم، ولنا في التجربة المصرية خير مثال، فقد مرت مصر بظروف صعبة فى السنين الخمس أو الست الأخيرة، لكنها بحكمة الرئيس السيسى، نجحت في أن تبعث برسائل قوية، واستلهاما لتلك التجربة أقول أننا قادرين على أن نبعث برسائل قوية لشعوب المنطقة، مفادها إن الحوار والتكامل الاقتصادى هو الحل، لبلدان تعانى من أزمات اقتصادية، وحروب أهلية، والحقيقة أنه لم يعد لدينا خيار سوى فرص الحوار واللقاء والسلام.

* قلتم انكم تستلهمون روح التجربة المصرية، فما الذى تريدون أن تنقلونه إلى العراق من ملامح تلك التجربة خصوصا في ملف الإصلاح خلال السنوات الأخيرة؟
- ظروف العراق فى الفترة الأخيرة مشابهة لظروف مصر، وقد نجحت مصر فى محاربة الفساد، وفي تقليل اعتماد المواطن المصرى على الدولة، بالاعتماد على القطاع الخاص، وحققت مصر نجاحا كبيرا فى توفير التعليم وفي ملف التعمير، بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، لكنها بالحكمة والصبر نجحت، والعراق بامكانه الاستفادة من الخبرات والكفاءات المصرية في كثير من المجالات.
* جرت مؤخرا مباحثات لإنشاء لجنة فنية زراعية مصرية عراقية، للتنسيق بين الدولتين والتعاون فى مجال البحث العلمي والزراعي، فإلى أي مدى وصل هذا التنسيق؟
هناك تنسيق بين وزارة الزراعة العراقية ونظيرتها في مصر، وهناك مجموعة استثمارية قدمتها وزارة الزراعة العراقية، لمستثمرين مصريين للاستصلاح والتطوير، والاستفادة من تجربة مصر فى القرى العصرية، وهناك فريق عمل سيصل بغداد قريبا لمتابعة إنشاء قرى عصرية فى المناطق الفلاحية في جنوب ووسط العراق، وهناك كذلك شركات استشارية ستقدم استشارة للفريق العراقي والمصري.

*هل سيلعب الخط البرى لنقل الركاب بين مصر والأردن والعراق، دورا كبيرا فى المشروع الاقتصادي الجديد بين الدول الثلاث، وهل هناك موعد للبدء فى إنشائه؟
- بالتأكيد خصوصا وأن لدينا شركة نقل بري مصرية عراقية، وأخري عراقية أردنية، ونحن نعمل على توحيد هاتين الشركتين تحت شركة النقل العراقية الأردنية المصرية، لإتمام عملية النقل، وعندنا أيضا مشروع فيما يخص ربط الطرق بين البلدان الثلاثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.