عبدالواحد فضل يكتب: «جبر الخواطر»

جبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وعظمة قلب وسلامة صدر ورجاحة عقل. يجبر المسلم فيه نفوسا كسرت وقلوبا فطرت واجساما ارهقتها ظروف الحياة القاسية.
عارفين يعني ايه اسم الجبار.. ناس كتير فاكرة انه الشديد القوي.. لكن هو معناه الحقيقي الذي يجبر القلوب المنكسرة.. سبحانك ربي ما ارحمك.. اللهم أجبر بخاطرنا جميعأ
فما أجمل هذة العبادة التي قد يغفل عنها ويتجاهلها الكثير منا رغم عظمة اجرها وأثرها.. يقول الإمام أبو سفيان الثوري «ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر المسلم.
ومما يعطي هذا المصطلح جمالأ أن الجبر كلمة ماخوذة من أسماء الله الحسنى وهو الجبار وهذا الأسم بمعناه الحقيقي الرائع يطمئن القلب ويريح النفس فهو سبحانه وتعالي الذي يجبر الفقر بالغني والمرض بالصحة والخيبة والفشل بالتوفيق والأمل والخوف بالأمن والاطمئنان فهو جبار متصف بكثرة جبره حوائج الخلائق.
جبر الخواطر المنكسرة وتضميد جراح القلوب المنهكة هي صفات لا يتحلي بها سوي أصحاب القلوب النقية والفطرة السليمة فقد خلقنا الله سبحانه وتعالى لنكون عونا لبعضنا البعض فتحث جميع الأديان السماوية على ضرورة ارساء مبدأ الاحسان في مختلف التعاملات الأنسانية.
ولجبر الخواطر في الإسلام نصيب كبير فقد وردت العديد من الآيات القرانية والاحاديث النبوية الشريفة عن الرسول صلى الله عليه وسلم تحث على جبر الناس بشتئ الطرق المختلفة مبينأ لنا عظم اجرها وأثرها في النفس.
جبر الخواطر هي صفة انسانية وخلق دينى عظيم من يحملها في قلبه دل ذلك على سلامة نفسه وفطرته ونقاء روحه وايمانه بربه... هو سر سعادة البشرية فمجرد ابتسامة صغيرة كفيلة بأدخال السرور على قلب حزين وكلمة طيبة صادقة كافية لاسعاد قلب مكسور.
يقول الله عز وجل «فلما ذهبوا به واجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبينهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون» سورة يوسف أية 51 فكان هذا الوحي من الله سبحانه وتعالى لتثبيت قلب يوسف عليه السلام ولجبر خاطره لانه ظلم وأوذي من أخوته والمظلوم يحتاج إلي جبر خاطر لذلك شرع لنا جبر الخواطر المنكسرة..
وجبر النفوس من الدعاء الملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رؤى عن أبي عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين «اللهم أغفر لي وأرحمني وأهدني واجبرني وأرزقني» سنن الترمذي
ومن جبر الخواطر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رد سائلا قط بل كان يرشد الصحابة للحل ويدلهم على الطريق الصحيح ويطيب خاطرهم.. حتي الأطفال كان لهم من جبر الخاطر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيب حيث جلس يواسئ طفل توفي عصفوره الصغير الذي كان يلعب.
ومن واقعنا الإجتماعي نماذج كثيرة شرعها ديننا الحنيف لجبر الخواطر وتطييب النفوس لأجل ذلك كان من السنة تعزية أهل الميت ومواساتهم وتخفيف الألم الذي اصابهم عند فقد ميتهم.
نعيش زمن تشتد فيه الحاجة إلي مواساة الناس والتخفيف عنهم وتطييب خاطرهم لأن أصحاب القلوب المنكسرة كثيرون.. فجبر الخاطر لا يحتاج إلي كثير من الجهد فربما يكفي البعض كلمة من ذكر او دعاء أو موعظة وربما يحتاج أخر لمساعدة وينقص ذاك جاه وينتظر البعض قضاء حاجة ويكتفي البعض بأبتسامة... علينا فقط أن نجتهد لادخال الفرح والسرور على قلوب الآخرين ولا نبخل على أنفسنا.. فالصدقة والخير نفعه يعود اليك.
ومن صور جبر الخواطر عدم قهر اليتيم أو نهر السائل وضرورة سد حاجتهم حتي لايبقي في نفوسهم شئ... الصفح والتسامح.. تبادل الهدايا والتزاور والحرص على صلةالرحم وبر الوالدين.. و الإبتسامة في وجه الآخرين والكلام الطيب من أجمل المواقف التي تدعو نا للاحسان إلي الخلق وجبر خواطرهم..
خلاصة القول... من سار بين الناس جابرا للخواطر أدركته العناية في جوف المخاطر... اللهم أجبر خواطرنا بفرج قريب ومغفرة ورحمة واسعة.. اللهم اجعلنا من الذين يجبرون خواطر الناس.. اصنعوا المعروف مع الجميع وإن لم يكونوا أهلأ له فأنت أهل به.... وتذكروا جيدًا حديث رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة» وفي ذلك جبر للخواطر... وإذا كان المال يفك كرب المحتاجين فالابتسامة تؤلف بين القلوب وتزيل الهموم... كل عام وانتم بألف خير وصحة وسعادة دائمة وراحة بال بمناسبة العام الجديد 2021.. دمتم مجبورين الخاطر .. دمتم في معية الله وحفظه ورعايته